رغم إنتقادات قوى المعارضة ووعود مبارك بإنهائها
البرلمان المصري يمدد العمل بحالة الطوارئ عامين

كتب ـ نبيل شرف الدين: بعد ترقب وغموض اكتنف نوايا الحكومة المصرية حتى الساعات الأخيرة، بشأن تمديد العمل بحالة الطوارئ، أو إقرار قانون جديد لمكافحة الإرهاب بدلاً منها، فقد أفاد مصدر برلماني أن الحكومة طالبت بالفعل مجلس الشعب ( البرلمان ) بتمديد العمل بحالة الطوارئ لمدة عامين، إعتبارًا من يوم الأول من حزيران ( يونيو ) المقبل، وقال رئيس الوزراء المصري أحمد نظيف في كلمة ألقاها في البرلمان إنه من الوارد أن ينتهي العمل بقانون الطوارئ قبل نهاية المدة الجديدة التي تطلب الحكومة سريان حالة الطوارئ خلالها، حين يقر المجلس مشروع قانون لمكافحة الإرهاب تعتزم التقدم به .

ويأتي تمديد العمل بحالة الطوارئ رغم ما جاء في برنامج الرئيس المصري حسني مبارك من وعود بعدم تجديدها واستبدالها بقانون مكافحة الإرهاب، وهو ما يراه معارضون خيارًا لن يترتب عليه الكثير في الواقع السياسي، كما يقول برلمانيون اطلعوا على مسودة القانون الجديد .

ويمنح العمل بحالة الطوارئ للحاكم العسكري (أي رئيس الدولة) ونائبه (رئيس الوزراء) حق إصدار أوامر لها قوة القانون من دون عرضها على البرلمان الذي يمثل السلطة التشريعية التي منحها الدستور حق الرقابة على أعمال الحكومة، فضلاً عن حق التشريع، واعتمدت السلطة التنفيذية في تجاوزها للسلطة التشريعية على نص المادة الثالثة من قانون الطوارئ، التي أجازت للحاكم العسكري أو نائبه عدم التقيّد بأحكام قانون الإجراءات الجنائية في وضع قيود علي حرية الأشخاص وتفتيش الأماكن وغيرها، ومن هنا شُرِع في إصدار قرارات لها قوة القانون اصطلح على تسميتها quot;أوامر عسكريةquot;، فضلاً عن المناخ القانوني الاستثنائي الذي يدشنه العمل بهذه الحالة من اعتقالات إدارية وغيرها .

حصاد الطوارئ
quot;من اكثر المؤسسات التي تأثرت باستمرار العمل بحالة الطوارئ، هي الأحزاب السياسية حيث تم منع اجتماعات الأحزاب، وأصبحت السلطة السياسية هي المتحكمة في عمل الأحزابquot; هكذا يقول ضياء الدين داوود، رئيس الحزب الناصري، مشيرا إلى أن حالة الطوارئ لم تؤثر على الأحزاب وحدها، بل أضرت بالحياة السياسية والاجتماعية في مصر، والعمل بقانون الطوارئ طوال الـ 27 عاما الماضية ليس له مثيل في أي دولة اخرى إذ كيف تستمر حالة الطوارئ طوال هذه السنوات؟ وبالتالي لم تنضج أي حركة سياسية في ظل هذا القانون، خاصة ان حالة الطوارئ جاءت لتدعيم اسلوب الحكم المستبد، وليس لمواجهة حالة طوارئ فعلية، فقوانين الطوارئ وجدت لمواجهة حرية الناس وحركتهم وإبداعهم ومن هنا فهو اخطر الاوضاع التي اثرت على عمل الأحزاب والمؤسسات والنقابات والجمعيات الأهلية، حيث قضى هذا القانون على قدراتها الابداعية والتحرك بين الجماهيرquot;، على حد تعبيره .

واعتبر المجلس القومي لحقوق الانسان وهو هيئة حكومية مصرية في بيان انه quot;لم يعد هناك أي مبررquot; للإبقاء على حالة الطوارئquot;، وقال المجلس في بيانه: quot;ترى لجنة الحقوق المدنية والسياسية في المجلس انه مع اقتراب انتهاء سريان حالة الطوارئ بنهاية هذا الشهر لم يعد هناك اي مبرر لمد حالة الطوارئ خاصة وان هناك حالة من الاستقرار تشهدها مصرquot; .

ويقول الدكتور أحمد ثابت أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة إن عمر قانون الطوارئ ليس 27 سنة كما يتردد، بل أن قصة إعلان حالة الطوارئ في مصر ترجع إلى القرار الجمهوري رقم 162 لسنة 1958، الذي أصدره الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر ليطبق في القطر السوري والمصري أيام الوحدة، وعندما انفصمت عرى الوحدة كان منطقياً بطلان كافة التشريعات التي تنطبق على مصر وسورية، لكن بقيت حالة الطوارئ قائمة، وعقب وفاة الرئيس جمال عبدالناصر وتولي أنور السادات أنهى الأخير العمل بحالة الطوارئ عام 1980، ولكن عندما تولى صوفي أبو طالب رئيس البرلمان المصري مؤقتاً الرئاسة بعد اغتيال الرئيس السادات بادر لإعلان حالة الطوارئ بالقانون 560 سنة 1981، لتظل حتى اليوم .

ودأبت الحكومة المصرية على تمديد العمل بحالة الطوارئ قبيل موعد انتهاء العمل بالقانون بعدة شهور، وذلك تفادياً لفتح باب الجدل بشأن الإجراء الذي تقول الحكومة إنه لا يُستخدم سوى في مواجهة الإرهاب والمخدرات والإضرار بالاقتصاد الوطني وفي أضيق الحدود الممكنة، وفق ما تواترت عليه التصريحات الرسمية من قبل المسؤولين المصريين في مناسبات مختلفة، غير أن الغموض ظل يكتنف موقف السلطات هذا العام حتى الأيام الأخيرة على انتهاء العمل بالطوارئ مشوباً بقدر من الالتباس، إلى أن حسمت خيارها في اللحظات الأخيرة بتمديد العمل بحالة الطوارئ لمدة عامين جديدين .