إيلي الحاج من بيروت: تلقى أنصار ومتعاطفون مع quot;تيار المستقبلquot; في لبنان ودول الإنتشار اللبناني خلال الساعات الماضية رسائل إلكترونية تطلب رأيهم في خيار ترشيح رئيس كتلة quot;المستقبلquot; النائب سعد الحريري أو الرئيس فؤاد السنيورة لمنصب رئيس الحكومة المقبلة، مع شرح لأسباب وجهة نظرهم . خطوة لا سابق لها في الحياة الحزبية اللبنانية حيث القيادات تتعامل مع المحازبين والأنصار بمنطق القائد والقطيع .

وعلى أمل أن تعم العدوى، يبقى الأهم أن عملية التشاور الواسعة تعكس مناقشات عميقة داخل هذا التيار، الأكبر من ضمن الغالبية النيابية والعائد له تالياً تحديد اسم رئيس الحكومة الأولى في عهد الرئيس ميشال سليمان والمحصور عمرها حتى إجراء الإنتخابات النيابية في ربيع 2009 أي بعد نحو تسعة أشهر، ومحصورة مهمتها بالتحضير لهذه الإنتخابات التي ستنتج موازين قوى وربما تحالفات جديدة في الحكم للسنوات الآتية.

وعلمت quot;إيلافquot; أن بين قيادات quot;تيار المستقبلquot; وكتلته النيابية ومستشاري النائب الحريري غالبية تفضل أن يتولى بنفسه رئاسة الحكومة للأسباب الآتية:

-إن وجود نجل الرئيس الراحل رفيق الحريري في هذا المنصب يرفع معنويات أنصار quot;المستقبلquot; بعد العملية العسكرية ndash; الأمنية التي قادها ضدهم quot;حزب اللهquot; وحلفاؤه في غرب بيروت ومناطق أخرى واضطرار الحكومة إلى التراجع عن قراريها الشهيرين اللذين تذرع بهما الحزب لشن هجومه، وكذلك بعد تراجع قوى الغالبية عن موقفها السابق وإعطائها القوى المناوئة لها الثلث المعطل أوالضامن في الحكومة المقبلة بموجب إتفاق الدوحة. وبتعبير آخر يوفر الحريري رئيساً توازناً ضرورياً في وجه الهجمات السياسية والإعلامية إذا ما تجددت.

-إن الحكومة العتيدة ستكون انتقالية أقرب إلى حكومة تصريف أعمال وليس المطلوب منها وضع خطة خمسية أو عشرية للبلاد، وكل المطلوب منها إلى جانب الإنتخابات وضع الموازنة السنوية وهي جاهزة.

-الأفضل لـquot;تيار المستقبلquot; أن يخوض الإنتخابات النيابية في ظل حكومة يترأسها رئيسه.

-يضفي وجود الحريري في رئاسة الحريري صدقية أكبر لالتزام قوى 14 آذار/ مارس إتفاق الدوحة ويستتبع ذلك مزيد من الدعم للبنان وللحكم الجديد في بداياته.

-ثمة خشية أن تتصرف قوى المعارضة بعدائية عالية مع السنيورة وقوى الغالبية، ما يضرب أجواء الوفاق السائدة حالياً، وذلك إذا اعتبرت أن عودته إلى السرايا رئيساً للحكومة يشكل تحدياً بل استفزازاً لها.

أما أنصار فكرة إعادة الرئيس السنيورة رغم تصريحه أنه يحتاج إلى الراحة من المسؤوليات بعد المواجهات الطويلة والمرهقة التي خاضها مع قوى المعارضة فيستندون إلى الآتي :

-أثبت الرجل أنه أهل وكفء للمسؤوليات ومحط ثقة المجتمعين العربي والدولي، وهو بات رمزاً يجمع بين الصلابة والليونة في آن واحد . وعودته إلى الرئاسة مرفقة بحملة دعم إعلامية كفيلة بإعطاء معنويات عالية لأنصار quot;المستقبلquot; والغالبية وتكون بمثابة رد اعتبار له. خصوصاً بعدما quot;تفرعنquot; عليه كثيرون أبرزهم رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي لم يكن يريد السماح له حتى بحضور جلستي الإنتخاب والقسم والجلوس في مقعد رئيس الحكومة.

-لا تستطيع المعارضة إستنزاف السنيورة في الملفات المتعددة التي قد تفتحها في وجه الحكومة، فهو متضلع من هذه الملفات جميعاً، كما أن ثقافته وخلفيته السياسيتين كحامل تاريخ قومي عربي ومثابرته وصبره عناصر تغلّب ضرورة توليه المسؤولية في هذه المرحلة.

-الأفضل أن ينصرف النائب الحريري كلياً إلى الإعداد للإنتخابات النيابية لأنها مصيرية وتفرض خوض معركة أصوات على كل مقعد على امتداد الأراضي اللبنانية.

-قد تنشأ أوضاع عربية ولبنانية ضاغطة تحتم زيارة رئيس الحكومة لسورية أو لقاء مع القيادة السورية وليس محبذاً أن يكون النائب الحريري هذا الرئيس، خصوصاً أنه مقيم على اعتقاد، لا بل على ما هو أكثر من اعتقاد ، بأن هذه القيادة السورية هي التي اغتالت الرئيس الحريري. وثمة مؤشرات إلى أن دمشق ستضغط عبر حلفائها في لبنان ليقوم رئيس الحكومة نجل الرئيس الحريري بزيارة لها قبل انطلاق عمل المحكمة الدولية أو في موازاتها وقد تخلق عراقيل ومشاكل أمام حكومته إذا لم يقم بهذه الزيارة.

ولا ينفي المقتنعون بضرورة تولي الحريري رئاسة الحكومة وجاهة أسباب أنصار ترئيس السنيورة، لكنهم يردون على النقطة الأخيرة بأن الحريري يستطيع ألا يزور سورية وأن يترك هذه المسألة لرئيس الجمهورية ميشال سليمان والوزراء المعنيين.

هذه عينة من الجدل قبل اتخاذ القرار الذي سيصدر بعد اجتماع كتلة نواب quot;المستقبلquot; في الساعات المقبلة لإبلاغه أولاً إلى الحلفاء في قوى 14 آذار/ مارس ثم إلى رئيس الجمهورية في الإستشارات الملزمة التي ستجري الأربعاء.

إلا أن المعلومات التي توافرت لـquot;إيلافquot; تشير إلى منحى مخالف للأمور، وتؤكد أن النائب الحريري سيرفض قرار غالبية نواب كتلته بترشيحه لرئاسة الحكومة ، وسيصرّ على الإنصراف للمعركة الإنتخابية داعماً بالتالي وإلى أقصى حد عودة السنيورة الذي لن يتأخر بدوره في هذه الحال عن الإضطلاع مجددا بالمهمة التي يعتبرها واجباً وطنياً عليه.