فيلدمان يقدم قراءة في سيناريوهات الحرب القادمة
الخريف القادم أفضل وآخر فرصة لإسرائيل لضرب إيران
محمد حامد ndash; إيلاف: يقدم الكاتب والبروفيسور الأميركي quot;نوح فيلدمانquot; الأستاذ بجامعة quot;هارفاردquot; والمهتم بالشؤون الشرق أوسطية والعالم الإسلامي، إجابة عن أحد أكثر الأسئلة سخونة وإثارة للجدل في العالم، وفي منطقة الشرق الأوسط على وجه التحديد في الوقت الراهن... هل هناك حرب وشيكة؟ حيث قال quot;فيلدمانquot; في معرض تقديم رؤيته لهذه القضية من خلال مقال له نشرته quot;نيويورك تايمزquot; إن فصل الصيف دائمًا هو موسم الأفلام المثيرةndash; ولكن يبدو أن هذا الصيف موسم للتحدث عن إيران. فمنذ خمس سنوات، وبعد سقوط بغداد، كانت الأحاديث تدور حول دفع الحرب واستمرارها حتى تصل إلى طهران.
ومنذ عامين، دخلت إسرائيل مع حزب الله في حرب بالوكالة، أدت إلى توقع حدوث المواجهة العسكرية بين رعاة تلك الحرب، الولايات المتحدة الأميركية وإيران. وفي العام الماضي، أجرت إيران اختبارات على صواريخ لها، واتخذت إدارة الرئيس بوش موقفًا متشددًا بخصوص توجه إيران إلى برنامج التخصيب النووي. وخلال هذا العام، ومع نهاية فترة رئاسة بوش، فإن التوقعات هي أن إسرائيل، من خلال الدعم الأميركي الخفي، ربما تحاول استغلال الفرصة لضرب المنشآت النووية الإيرانية قبل تولي الرئيس الأميركي الجديد مهام منصبه.
إن توقع حدوث هجوم إسرائيلي على إيران قبل قدوم الرئيس الأميركي الجديد في يناير القادم، ليس فقط الشغل الشاغل للمطارات. فالكثيرون في وزارة الدفاع الإسرائيلية والرأي العام الإسرائيلي يعتقدون الآن بأن إيران النووية هي التهديد الحالي لإسرائيل. وهذا يعطي إسرائيل دافعًا للقيام بعمل أكثر قوة مما تريد الولايات المتحدة فعله، حيث أن القنابل الإيرانية تعد خطرًا على مصالح الولايات المتحدة في منطقة الخليج. فرئيس الوزراء إيهود أولمرت، أو من سيخلفه في شهر سبتمبر القادم، ربما يتم إعداده للقيام بأعمال شديدة الخطورة على الولايات المتحدة وبخاصة على قواتها غير الحصينة في العراق.
فإذا قررت إسرائيل أن تقوم بهجوم على إيران، هل ستسعى الولايات المتحدة لمنعها من ذلك؟ إن قاذفات القنابل بعيدة المدى الإسرائيلية سوف تحتاج إلى إعادة التزود بالوقود في الجو فوق العراق، وهذا يستلزم الموافقة الأميركية. وربما يغامر الإسرائيليون بذلك عند خروج بوش من البيت الأبيض، حيث يمكن لأميركا أن تغض الطرف عما تفعله إسرائيل. وبعد كل ذلك، فمن خلال المنطق الذي لا يرحم لشؤون الأمن الدولي، فإن الإسرائيليين يعرفون بأن الولايات المتحدة تعلم بأن إيران لديها وعي بأن ما سوف يحدث قد يكون خطوة سيئة على الولايات المتحدة أن تدعم إسرائيل في القيام بمثل هذه الخطوة.
ولكن أي تحرك إيراني ضد مصالح الولايات المتحدة سوف يعطي الرئيس بوش مبررًا سياسيًا داخل الولايات المتحدة لضرب إيران. لأن هذا سوف يضع إيران في حرب مع الولايات المتحدة، وليس مع إسرائيل فقط، ولهذا فربما يجعل ذلك إيران تتراجع. إن الاحتمال وتأييد الرئيس بوش لإسرائيل ربما يمثلان سببًا كافيًا للإدارة الأميركية كي تتسامح مع الهجوم الإسرائيلي الذي لا يشير مباشرة إلى الولايات المتحدة. ومع عدم التأكد من أن الإدارة الأميركية القادمة قد تكون إدارة أوباما، فإن هذا الخريف قد يكون آخر وأفضل فرصة لإسرائيل لضرب قدرة إيران النووية.
إلى جانب تلك الصورة للحرب، فهناك فيلم آخر يعرض. فعلى جانب الشاشة المنقسمة، فإن المفاوضات بين الولايات المتحدة وإيران لم تكن جيدة. حقيقة إن إيران قد استبدلت مفاوضها النووي الخبير على لاريجاني، بمفاوض جديد لا ترقى خبرته في التفاوض إلى خبرة سابقه. ولكن مع المساعدة الأوروبية، فإن الإشارات المتبادلة بخصوص الالتزام الجاد سوف تكون أكثر واقعية مع كل يوم يمر.
وفي تلك الأثناء فإن إسرائيل تجري محادثات مع حليف إيران القوي سوريا. وقد كانت الولايات المتحدة الأميركية تشك في إمكانية التواصل مع نظام الأسد، حيث أنها تعتقد أنه لا يمكن إخراج سوريا من تحالفها مع إيران وإدخالها في تحالف الولايات المتحدة في مقابل إعطائها مرتفعات الجولان. ونتيجة لعدم مشاركة الأميركيين في المفاوضات، فإن المفاوضات الإسرائيلية السورية تتم تحت رعاية حكومة تركيا الإسلامية الديمقراطية المعتدلة.
إن قادة إسرائيل الحاليين، على العكس من إدارة الرئيس بوش، إما أنهم يعتقدون التقدم الحقيقي مع سوريا ممكنًا على الرغم من تأثير إيران، أو أنهم يحسبون أن الأمر يستحق زحزحة سوريا قليلاً إلى جانب محور الولايات المتحدة وإسرائيل. أما سوريا، من جانبها، فلا بد وأنها قد نظرت إلى تحالفات أميركا مع الشيعة في العراق وتوصلت إلى نتيجة أنه عند رحيل بوش من البيت الأبيض، فإن الولايات المتحدة سوف ترغب في العمل مع شركاء مقربين إلى إيران ومقربين لها. ففي العالم الجديد الذي غرقنا فيه في العراق، اكتشفنا أننا الأميركيون لسنا الوحيدين الذين استيقظنا في هذا العالم. فهناك إيران والتي كنا نتناقش معها بشأن العراق من اجل تجنب الحرب الأهلية .
لهذا فأي السيناريوهات سوف يتم تطبيقه، هل هو التهديد بالحرب، أم المفاوضات الدبلوماسية التي قد تتحول يوما ما إلى ما يسمى بالسلام؟ إن الإجابة لدى الحكومة الإيرانية، التي تجمع في طياتها خليطًا مركبًا من أصحاب الأيديولوجيات ومحترفي السياسية الخارجية تحت رعاية الزعيم الروحي آية الله على خامينيئي. فإذا كانت إيران قد اقتربت فعلاً من تطوير أسلحتها النووية الفعالة، فقد لا تكون هناك أي تسوية. وكما أظهرت كوريا الشمالية، فإن عدة أسلحة قليلة تعد كافية لتعزيز وضع الدولة وقدرتها على المساومة بشدة. وإذا تغلب قادة إيران على صعوبات استخدام تكنولوجيا معدات الطرد المركزي كعقبة حقيقية للحصول على الأسلحة، فإنهم قد يستطيعون التفاوض ومحاولة الحصول على أفضل صفقة يمكنهم الحصول عليها وهذا ما يقلق الولايات المتحدة وإسرائيل. وهناك تناقض ظاهري فكلما ظهر أن الحل العسكري مع إيران قد يكون هو الحل المستخدم خلال الشهور القادمة، كلما بدا أيضًا أن الشتاء القادم قد يحمل تقدمًا في اتجاه تحقيق السلام.
التعليقات