واشنطن: قال الرئيس الأميركي الأسبق جيمي كارتر في مقال نشر في صحيفة واشنطن بوست اليوم الخميس إنه يرى بناء على خبرته الشخصية أن الغزو المدمر لغزة من قبل إسرائيل كان يمكن تجنبه بسهولة.

وقال quot;عندما زرت مدينة سديروت في شهر أبريل/نيسان الماضي ورأيت الوقع النفسي للصواريخ التي تطلق على السكان من قطاع غزة، أعلنت وزوجتي من هناك أن إطلاق هذه الصواريخ من غزة أمر لا يغتفر وضرب من ضروب الإرهاب.quot; وقال كارتر في المقال إنه اجتمع وقتها مع رئيس البلدية وعدد من المواطنين الذي شكوا أن الحكومة الإسرائيلية لا تعمل ما يوقف هجمات الصواريخ سواء بالدبلوماسية أو بالعمل العسكري.

ولأن كارتر كان سيلتقي مع قادة من حماس في غزة وفي دمشق، وعد سكان سديروت بأن يستعرض الإمكانات لوقف إطلاق النار. وقد علم من مدير الاستخبارات المصرية عمر سليمان الذي كان يتوسط في المفاوضات بين إسرائيل وحماس أن هناك اختلافات كبيرة بين الجانبين، فقد كانت حماس تريد وقفا شاملا لإطلاق النار في كل من الضفة الغربية وقطاع غزة، أما الإسرائيليين فقد رفضوا التحدث عن أي شيء يتجاوز غزة.

وأضاف كارتر أن سكان غزة البالغ عددهم أكثر من 1.5 مليون نسمة كانوا يعانون من الجوع، حيث أكدت الأمم المتحدة أن سوء التغذية في القطاع على نفس مستواه في البلاد الإفريقية جنوب الصحراء. وقد تخبط القادة الفلسطينيون في غزة في جميع القضايا، وزعموا أن الصواريخ هي الطريقة الوحيدة للرد على حالة الحصار ولإبراز معاناتهم الإنسانية. غير أن كبار قادة حماس في دمشق وافقوا على وقف لإطلاق النار في غزة بشرط أن لا تهاجم إسرائيل غزة وأن تسمح للموارد الإنسانية أن تصل إلى السكان الفلسطينيين.

كما وافقوا بعد محادثات مطولة على قبول أي اتفاقية سلام قد تحدث بين الإسرائيليين ورئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، إذا قبل بها الشعب الفلسطيني في استفتاء عام أو يصار إلى المصادقة عليها من قبل حكومة وحدة وطنية منتخبة.

وقال كارتر إنه كان مع وفده كان يعمل بصفة المراقب وليس المفاوض، لذا نقل هذه المعلومات إلى المصريين، ودفعوا بعرض اتفاقية وقف إطلاق النار، وبعد شهر، جاءه خبر من المصريين وحماس أن جميع العمليات العسكرية من الطرفين بما فيها إطلاق الصواريخ سوف تتوقف في 19 يناير/كانون الثاني لمدة ستة أشهر وأن جميع الموارد الإنسانية سوف تستأنف للمستوى الطبيعي لها الذي كان قائما قبل انسحاب إسرائيل عام 2005، أي بمعدل 700 حافلة يوميا.

وقال كارتر إنه لم يستطع تأكيد ذلك من قبل الإسرائيليين بسبب عدم استعداد إسرائيل للاعتراف بأي تفاوض مع حماس، غير أن إطلاق الصواريخ توقف بعد ذلك بقليل وكان هناك زيادة في تأمين الموارد من الغذاء والماء والدواء والوقود. غير أن هذه الزيادات وصلت فقط إلى معدل 20 بالمئة من المستوى الطبيعي. وقد انهارت هذه الهدنة الهشة جزئيا في 4 نوفمبر/تشرين الثاني حين شنت إسرائيل هجمة على غزة من أجل تدمير نفق تحفره حماس بمحاذاة الجدار الذي يحيط بغزة.

وفي زيارة أخرى لسوريا في منتصف شهر ديسمبر/كانون الأول قام كارتر بجهد من أجل تمديد الهدنة، وكان من الواضح أن الموضوع الأساسي كان فتح المعابر إلى غزة، كما زار ممثلون عن مركز كارتر القدس والتقوا مع مسؤولين إسرائيليين بشأن تمديد الهدنة، وقد اقترحت الحكومة الإسرائيلية بشكل غير رسمي السماح لـ15 بالمئة من المستوى الطبيعي للموارد إذا أوقفت حماس الصواريخ لمدة 48 ساعة. إلا أن ذلك لم يكن مقبولا من حماس لذا اندلعت أعمال العنف التي نراها اليوم.

واختتم كارتر بالقول إنه يأمل حين لا تعود أعمال العنف مفيدة، أن تقبل إسرائيل وحماس والولايات المتحدة باتفاقية جديدة لوقف إطلاق النار، وحينها سوف تتوقف الصواريخ أيضا، وسوف يسمح لكميات مناسبة من الموارد الإنسانية بالمرور إلى الفلسطينيين، بحيث يتم مراقبة هذه الاتفاقية من قبل المجتمع الدولي. أما الخطوة المقبلة المحتملة، فهي سلام دائم وشامل.