في الستينات والسبعينات رحب سياسيون في زوريخ وجنيف بتشييد مسجدين رمزًا لرقي البلد وانفتاحه. ولكن مجلة quot;شبيغل اونلايدنquot; تلاحظ أن تغيّرات جذرية حدثت في سويسرا منذ تلك الفترة. واليوم يروق للناشطين ضد بناء المآذن في سويسرا أن يقتبسوا إعلان رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان يوم قال إن quot;المآذن حرابنا والقباب خوذنا والجوامع ثكناتنا والمؤمنين جيشناquot;. الموجة الأخيرة من الإمتعاض أثارها ملصق تظهر فيه امرأة مسلمة ملفعة بعباءة سوداء تحيط بها مآذن أشبه بالصواريخ الموجهة، موجة غضب في سويسرا قبل الإستفتاء المقرر إجراؤه في تشرين الثاني/نوفمبر المقبل على منع بناء المآذن في الجوامع أو السماح بها.
quot;إيلافquot;: حسمت بلدية فاغن باي اولتن السويسرية الصغيرة على سفوح جبال يورا نتيجة إستفتاء المآذن قبل اجرائه بين ناخبيها وأصبح الآن لها مئذنة. وكانت جماعات مسيحية في القرية قد حاولت منع بناء المئذنة بحملة لجمع التواقيع وتقديم مذكرات احتجاج الى السلطات المحلية والتعبئة العلنية ضدها، ولكن من دون جدوى. فقد أصدرت أعلى محكمة في سويسرا قرارًا بالموافقة على خطط بناء المقر المحلي للجمعية الثقافية التركية وتنتصب الآن منارة ارتفاعها ستة امتار شاهدًا على انتصار الجمعية الثقافية.
دانيل تسينغ عضو الاتحاد الديمقراطي الفيدرالي وهو حزب يميني متطرف، يحذر من ان مئذنة الجمعية الثقافية التركية quot;ما هي إلا الخطوة الأولىquot;. وينظر مصلح التلفزيونات السابق الى المئذنة على انها رمز لانتصار المسلمين في فتوحاتهم الجديدة quot;وايذان بتطبيق الشريعة الاسلاميةquot;.
من جهة أخرى، وصفت صحيفة quot;تاغيزانتسايغرquot; السويسرية دانيل تسينغ بأنه quot;جندي الله ضد الأسلمةquot; ، الذي حقق أكبر نجاحاته حتى الآن في بلدة قريبة من قرية فان باي اولتن ومئذنتها. إذ تمكن تسينغ في بلدة لانغنتال من الحيلولة دون بناء مئذنة محتجًا بأنها ستكون مصدر quot;انبعاثات ايديولوجيةquot;. ولكن quot;شبيغل اونلاينquot; ترى ان تسينغ قد يسجل انتصارًاأكبر في وقت قريب، مشيرة الى ان المواطنين السويسريين سيصوّتون في استفتاء في 29 تشرين الثاني/نوفمبر على حظر بناء المآذن في سويسرا أو السماح بها. وتضيف ان مثل هذا الحظر لن يكون الأول من نوعه بل هناك قوانين مماثلة في المملكة العربية السعودية وافغانستان تحظر بناء الأبراج في الكنائس.
وكانت مئذنة القرية الواقعة على سفوح جبال يورا مبادرة قد أقضت مضاجع متشددين في حزب الشعب السويسري اليميني المتطرف. وقال رئيس الحزب السابق ووزير الدفاع الحالي ولي ماورير انه quot;ليس راضيًاquot; على اجازة المئذنة. ويشير مايكل ساوكوب في quot;شبيغل اونلاينquot; الى ان حظر المآذن يشكل خرقًا للحرية الدينية التي يكفلها دستور سويسرا ويمكن ان يلحق مزيدًا من الضرر بسمعة سويسرا الدولية التي تردت اصلاً خلال الأشهر الماضية بفضيحة مصرف quot;يو بي أسquot; في الولايات المتحدة واتهام سويسرا بتوفير ملاذ آمن للمتهربين من الضرائب. ويمكن ان تثير القضية ردود افعال عنيفة في بلدان مسلمة على غرار ما حدث بعد نشر الرسوم المسيئة للرسول محمد في صحف دنماركية قبل اربع سنوات.
الفتيل الذي فجّر هذا السّجال هو منارة اصغر من الحجم المتعارف عليه في قرية نائية، ولكن المبادرة تعبر عن الثقة المتزايدة بالنفس بين مسلمي سويسرا. فقد ارتفع عددهم من 56 الف مسلم في عام 1980 الى 400 الف اليوم، وعلى الرغم من ذلك ظلوا حتى الآن يمارسون شعائرهم الدينية بعيدًا عن الانظار في جوامع فناءات خلفية. ولكن الجيلين الثاني والثالث من مسلمي سويسرا المهاجرين من تركيا والبوسنة والبانيا يرسخون مواقعهم في الفيدرالية. ويشكل هذا سببًا لاحتكاكات متزايدة مع قطاعات من المجتمع السويسري.
هذا وأظهر استطلاع اجرته مؤخرًا صحيفة quot;تاغيزانتسايغرquot; ان 51 في المئة من الناخبين عارضوا الحملة المناهضة لبناء المآذن مقابل 35 في المئة مع الحملة. وخلصت الصحيفة الى ان الكثير ممن لم يحددوا موقفًا حتى الآن يمكن ان يقفوا مع معسكر المؤيدين للحملة.
التعليقات