لم يمض أكثر من يومين على إظهار صورة إنطباعية تفاؤلية حول الدورة البرلمانية الجديدة التي بدأت في الكويت بشأن علاقة تعاون واضحة ومباشرة بين الحكومة والبرلمان، حتى تلاشت الصورة تماما مع إكثار نواب في البرلمان التهديدات بقرب توجيه إستجوابات دستورية لوزراء في الحكومة الكويتية ، وسط تحذيرات لرئيس الحكومة من بقاء وزير الداخلية في منصبه بسبب التقاعس والتقصير، خصوصا مع التوجه الأكيد لإستجواب وزير الأشغال والبلديات الأسبوع المقبل، وفعلياً فان حكومة الشيخ المحمد ترفض توقيع أي تعديلات على الفريق الوزاري، فهل تعود الأزمة السياسية في الكويت الى مربعها الأول؟!

الكويت: يناقش مجلس الوزراء الكويتي في إجتماعه الإعتيادي القادم، مسألة التصعيد البرلماني القوي والمفاجئ الذي تلى إفتتاح الدورة البرلمانية الجديدة يوم الثلاثاء الماضي، إذ أكدت كتلة العمل الشعبي البرلمانية المعارضة عبر زعيمها النائب أحمد السعدون أنها قررت إمهال رئيس الوزراء الشيخ ناصر المحمد الصباح حتى السابع عشر من تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل، كي يقوم بإقالة وزير الداخلية الشيخ جابر الخالد الصباح من منصبه، بعد تفاعلات استجوابه من قبل الكتلة البرلمانية في شهر حزيران (يونيو)، وفشل طلب سحب الثقة منه، إلا أن الوزير اتهم لاحقا بأنه قدم معلومات خلال الإستجواب تعد تضليلا لنواب البرلمان، وهو ما يستوجب إعادة مساءلته سياسيا في حال لم يقدم رئيس الوزراء على إبعاده عن الحكومة خلال أسبوعين، دون أن يعرف بعد موقف الحكومة الكويتية من المهلة الممنوحة لها، بشأن إزاحة الوزير الخالد عن الطاقم الحكومي، وسط قراءات حكومية تشير الى أن نتيجة الإستجواب الجديد للشيخ الخالد في حال تقديمه فإنها لن تكون مضمونة بالنسبة إلى الحكومة.

وأظهرت مواقف برلمانية خلال الأيام القليلة، والساعات الماضية ميلا نحو محاصرة وزير الداخلية في أضيق مساحة ممكنة، لمنعه من القيام بأي مناورات قد تطيل عمره سياسيا خلال المرحلة المقبلة، وسط صورة إنطباعية لدى جهات برلمانية موالية للحكومة بأن تأييدهم للوزير الشيخ الخالد خلال التصويت على سحب الثقة منه، قد أضر بصورتهم أمام القاعدة الشعبية على نحو واسع، خصوصا مع تأكد معلومات أثارتها كتلة العمل الشعبي البرلمانية بأن المخالفات المالية، وتبديد الأموال العامة وهي الإشارات التي تضمنها المحور الأول من الإستجواب، ثبت أن إحالتها على النيابة العامة لم تكن جدية، وأن وزير الداخلية قد تسلم ردا من النائب العام قبل جلسة الإستجواب، وسط تساؤلات برلمانية عن مرامي عدم قيام الشيخ الخالد بإجابة طلب النائب العام الذي جاء في رده أن الرسالة الواردة إليه تخلو من الإتهام، وكذلك المتهم، وهو ما يفقدها شكل البلاغ الذي شدد عليه وزير الداخلية وهو يفند محاور إستجوابه.

اللافت في المواقف البرلمانية أمس أن النائب خالد العدوة الذي إستردّ عضويته بقرار من المحكمة الدستورية العليا قال في إطلالته الأولى أمام الإعلام أنه سيطلب من رئيس الوزراء إقالة وزير الداخلية، ووزراء آخرين بسبب التقاعس والتقصير، وإذا لم يستجب رئيس الوزراء فإنه سيكون مضطرا لاستخدام أدواته الدستورية كاملة خلال الأيام المقبلة، مبديا رغبته ضمنا بالإنضمام الى كتلة العمل الشعبي بعد أن أكد أن مواقفها هي الأقرب الى قلبه، مهاجما الحكومة بتصريحات من العيار الثقيل، الأمر الذي دفع رئيس مجلس الأمة جاسم الخرافي الى مناصحته بضرورة الإبتعاد عن المواقف المؤزمة والمتشددة، والإنحياز الى علاقات تعاون وتلاقي مع الحكومة، وتغليب المصلحة الوطنية العليا.

وفعليا ترفض حكومة الشيخ المحمد توقيع أي تعديلات على الفريق الوزاري رغم التلويحات البرلمانية باستجواب أكثر من وزير في الحكومة الحالية في دور الإنعقاد البرلماني الحالي، إذ ظهر فاضل صفر وزير البلدية والأشغال كوجه حكومي محتمل، لأن يكون أول عضو من الحكومة يصعد الى منصة الإستجواب في البرلمان الكويتي خلال الأيام القليلة المقبلة، إذ أعلن النائب مبارك الوعلان أنه سيقدم الإستجواب للوزير صفر منتصف الأسبوع المقبل، متضمنا ثمانية محاور، شارحا بأن غالبية برلمانية ترى ضرورة إستجواب الوزير صفر وسحب الثقة البرلمانية منه في مرحلة لاحقة، لكن الوزير الكويتي المنوي إستجوابه يقول إنه جاهز للإستجواب، وسيصعد الى المنصة كجزء من توجه حكومي للتعاطي مع جميع أنواع الإستجوابات خلال المرحلة المقبلة، لكن جهات برلمانية تشير الى استحالة أن تتجه قدرة الحكومة خلال الفترة القصيرة المقبلة على التعاطي مع نحو تسعة إستجوابات قد تطال أيضا رئيس الحكومة الشيخ المحمد.