تشهد مدينة الكويت اليوم القمّة الخليجيّة الثلاثين بالتزامن مع متغيّرات اقتصاديّة وسياسيّة وأمنيّة مهمّة تمر بها المنطقة والعالم،وسيدشن قادتها في قمتهم مشروع الربط الكهربائي الخليجي الموحد.

الكويت، الرياض: يعقد قادة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية الست اليوم القمة الخليجية الثلاثين التي تحتضنها الكويت في ظل ظروف وتحديات بالغة الأهمية على المستوى الخليجي والاقليمي والدولي. وتعد هذه القمة هي الخامسة التي تستضيفها الكويت منذ انشاء المنظومة الخليجية في العام 1981. اذ يتزامن انعقادها مع متغيرات اقتصادية وسياسية وامنية مهمة تمر بها المنطقة والعالم اجمع ما يؤكد ان اجتماعات ومباحثات القادة لن تقتصر على الموضوعات التي تخص المجلس فقط بل ستتعداها إلى قضايا عربية واقليمية واسلامية.

وسيدشن قادة دول المجلس في قمتهم هذه مشروع الربط الكهربائي الخليجي الموحد الذي يعود بالفائدة الكبيرة على الدول الخليجية حسب الدراسات التي اجريت عليه، إضافة الى اهميته القصوى في حالة الطوارئ. ويؤكد الكثير من المسؤولين الخليجيين على ان مشروع الربط الكهربائي يعد من المشاريع الاقتصادية المهمة التي تساهم في توفير فرص استثمارية كبيرة في دول المجلس للقطاعين الخاص والحكومي.

ومن المتوقع ان يعزز المشروع الخليجي من كفاءة التشغيل الكهربائي في المنطقة كما يساهم في بناء الاقتصاد الحيوي لدول المجلس ويخدم المواطنين في ما يتعلق بتوفير ونقل الكهرباء المستدامة. وتتطلع الشعوب الخليجية الى القمة الثلاثين لاصحاب الجلالة والسمو قادة دول المجلس لاستكمال مسيرة التكامل السياسي والاقتصادي والاجتماعي على مختلف المستويات.

يذكر ان الكويت استضافت اربع دورات سابقة للمجلس الاعلى لدول مجلس التعاون الخليجي كانت الاولى في الفترة من 27 الى 29 نوفمبر عام 1984 حيث وافق القادة في ختامها على الصيغة التي تنظم حق التملك للمواطنين في الدول الاعضاء واقروا اعطاء الاولوية للمنتجات الوطنية في المشاريع الحكومية. وترأست الكويت القمة ال 12 التى عقدت في الفترة من 23 الى 25 ديسمبر عام 1991 حيث تدارس قادة المجلس فيها التطورات الاقليمية في منطقة الخليج في ضوء التطورات الاقليمية في منطقة الخليج بعد تحرير الكويت من الاحتلال واستعادتها لحريتها واستقلالها وسيادتها.

وبارك القادة للكويت قيادة وشعبًا بعودة الشرعية إليها وعبر المجلس عن اعتزازه بروح التضامن الاخوي والتآزر المبدأي فيما بين دوله وسجل باكبار وقوف مواطني دول المجلس وقفة تؤكد عمق الانتماء والترابط ووحدة المصير بين افراد الاسرة الخليجية كما اشاد المجلس بمساندة الدول الشقيقة والصديقة التي وقفت الى جانب الحق والعدل ومبادئ القانون الدولي.

كما اقر قادة المجلس في قمتهم الـ 12 اتفاقية انشاء برنامج مجلس التعاون لدول الخليج العربية لدعم جهود التنمية الاقتصادية في الدول العربية وفق الاعتبارات والمنطلقات والاهداف التي حددها قرار انشاء البرنامج في الدوحة.

وفي الفترة من 20 الى 22 ديسمبر عام 1997 استضافت الكويت القمة ال 18 التى اقرت إنشاء هيئة استشارية من مواطني دول مجلس التعاون ذوي الخبرة والكفاءة تتولى أبداء الرأي فيما يحيله المجلس الأعلى أليها من أمور تحت مسمى quot; الهيئة الاستشارية للمجلس الأعلى quot;. وجاءت الهيئة الاستشارية تعبيرا عن قناعة كاملة بأهمية المشاركة الشعبية وهي قناة وآلية لترجمة البعد الشعبي إزاء كل ما يحيله اليها القادة من قضايا ومشاكل للبحث والدراسة العميقة.

ووافق القادة على قرارات وزراء الدفاع في اجتماعهم السادس عشر الذي عقد في الدوحة وخاصة ما يتعلق منها بالخطوات العملية لربط دول المجلس بشبكة اتصالات مؤمنة للأغراض العسكرية والتغطية الرادارية والانذار المبكر والتمارين العسكرية. كما وافق القادة على قرارات وزراء الداخلية في اجتماعهم السادس عشر بما في ذلك ما تعلق منها بتسهيل اجراءات تنقل المواطنين وانسياب السلع وحركة التبادل التجاري بين الدول الأعضاء ومن أهمها اصدار الجوازات المقروءة آليًا لمواطني دول المجلس خلال مدة لا تتجاوز عامين وذلك للاستغناء عن تعبئة بطاقات الدخول والخروج لمواطني دول المجلس في الدول التي لا تزال تعمل بها وتحسين الأداء في المنافذ البرية بتكثيف جهد العاملين فيها والاستعانة بأكثر الأجهزة تقدمًا.

وقرر القادة السماح للبنوك الوطنية في دول المجلس بفتح فروع لها في الدول الأعضاء وفق الضوابط المعدة لذلك والسماح لبنك الخليج الدولي بفتح فروع له في دول المجلس.
ووافق القادة في القمة الـ18 على تملك وادارة مشروع الربط الكهربائي عن طريق هيئة مستقلة تدار على أسس تجارية. وفوض القادة المجلس الوزاري باعتماد النظام (القانون) النموذجي الاسترشادي لتشجيع الاستثمار الأجنبي بدول المجلس.

كما وافق القادة على النظام (القانون) المدني الموحد لدول المجلس وسمي بوثيقة الكويت والنظام (القانون)الجزائي الموحد لدول المجلس وسمي بوثيقة الدوحة وكلاهما مستمدان من أحكام الشريعة الاسلامية وهما نظامان استرشاديان يساهمان في توحيد انظمة القضاء في دول المجلس. وأقر القادة ثلاثة أنظمة للمحافظة على الحياة الفطرية وانمائها والتعامل مع المواد المشعة وادارة النفايات والاجراءات الواجب الالتزام بها في نقل النفايات الخطرة فيما بين دول المجلس وذلك تماشيا مع الأنظمة الدولية التي تعالج مثل هذه الأمور وتمثل الحد الأدنى من متطلبات الحماية.

واستنادًا إلى قرار وزراء الداخلية في اجتماعهم السادس عشر قرر القادة الموافقة على الآليات والاجراءات المتعلقة بتسهيل انتقال وتبادل الأعضاء بين مراكز زراعة الأعضاء في دول المجلس. كما استضافت الكويت في الفترة من 21 الى 22 ديسمبر عام 2003 القمة ال 24 حيث وافق قادة دول المجلس فيها على اقامة مركز المعلومات الجمركي بمقر الأمانة العامة الذي يربط ادارات الجمارك بدول المجلس آليًّا ويسهل تنفيذ متطلبات الإتحاد الجمركي في هذا المجال.

ودعمًا لخطوات التكامل الاقتصادي بين دول المجلس واستجابة لمتطلبات الاتحاد الجمركي وتحقيقا لأهداف النظام الأساسي للمجلس والاتفاقية الاقتصادية اعتمد قادة المجلس النظام (القانون) الموحد لمكافحة الاغراق والتدابير التعويضية والوقائية والعمل به بصفة إلزامية اعتبارا من بداية عام 2004 وتم اعتماد النظام الأساسي لهيئة التقييس لدول المجلس والذي سيتم بموجبه انشاء هيئة خليجية جديدة للتقييس مقرها مدينة الرياض هدفها مواكبة ما يتطلبه قيام الاتحاد الجمركي من توحيد للمواصفات والمقاييس بالدول الأعضاء وضمان سلامة وجودة السلع التي تدخل الى أسواق دول المجلس لما فيه صالح مواطنيها وتحقيق التنسيق المستمر بين أجهزة التقييس القائمة في كل منها.

وكلف قادة المجلس لجنة وزراء النقل والمواصلات باعداد دراسة جدوى اقتصادية لانشاء خطوط سكك حديدية تربط دول المجلس تخدم تنقل المواطنين وتعزيز تواصلهم وزيادة حركة النقل التجاري وانسيابها بين دول المجلس.

وفي مجال التعاون القانوني اعتمد قادة دول المجلس في القمة ال 24 مشروع وثيقة الدوحة للنظام (القانون) الموحد لأعمال كتاب العدل لدول مجلس التعاون ومشروع النموذج الاسترشادي لاتفاقيات التعاون القانوني والقضائي ومشروع وثيقة ابوظبي للنظام (القانون) الموحد للتوثيق والمصالحة لدول مجلس التعاون. وتعبيرًا عن التزام دول المجلس بأهداف الأمم المتحدة لصيانة السلم والأمن الدوليين ودعم الجهود الدولية المتواصلة في مكافحة الارهاب أكد قادة المجلس على توصيات وزارات الخارجية والداخلية والعدل بانضمام دول المجلس إلى الاتفاقيات الدولية لمكافحة الإرهاب الدولي.

وحرصًا من القادة على تعزيز التعاون والتنسيق الأمني المشترك لمكافحة الارهاب بارك ابرام اتفاقية دول مجلس التعاون لمكافحة الارهاب وفوضوا وزراء الداخلية للتوقيع عليها بصيغتها النهائية. كما وافق القادة على ما توصل اليه وزراء الداخلية بشأن تعميم تنقل المواطنين بين الدول الأعضاء بالبطاقة الشخصية ورحبوا بقرار وزراء الداخلية بشأن توحيد بيانات جوازات السفر للدول الأعضاء بهدف تسهيل إجراءات سفر المواطنين ودفع مسيرة العمل المشترك في دول المجلس.

ويأتي انعقاد القمة الخليجية الثلاثين اليوم على ارض الكويت للمرة الخامسة وما سيتمخض عنها من قرارات وتوصيات سيضيفان لبنة جديدة في مسيرة بناء هذه المنظومة الخليجية التي تتطلع الشعوب الخليجية اليها لتحقيق طموحاتهم وآمالهم.

الصحف السعودية والقمة

الى ذلك، أكدت الصحف السعودية الصادرة اليوم أن القمة الخليجية تعد تاريخية وهي تدشين لمرحلة جديدة من العمل الخليجي المشترك. وقالت صحيفة (الجزيرة) في افتتاحيتها اليوم quot;يعود قادة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية للالتقاء على أرض الكويت الدولة التي شاركت شقيقتها المملكة العربية السعودية في اطلاق فكرة انشاء مجلس للتعاون يضم دول الخليج العربية لملء ما سمي الفراغ السياسي والأمني والعسكري بمنطقة الخليج العربية اثر انسحاب القوات البريطانية من المنطقةquot;.

من جانبها، أكدت صحيفة (الرياض) أن المواجهات الحديثة في المنطقة وبالذات الأمنية منها تشكل تحديًا كبيرًا وتحتم على القمة الخليجية في الكويت التعامل معها بجدية وبصورة مباشرة وسريعة. وأوضحت أن quot;الخليج عاش توترات ساخنة قادت الى حربين ثم احتلال العراق كبلد ملاصق ومؤثر على أمن دول المجلسquot; منبهة الى المحاولات القائمة بأن يخرج من الحزام العربي ويشكل اتجاها آخر.

وأعربت عن الأسف لضبابية مستقبل العراق أيا كانت الأحوال القادمة وذلك نتيجة أن أمنه لم يقرأ من قبل دول المجلس بشكل تحليلي وعلمي ومدى الأثر الذي سيتركه على أمن تلك الدول على الرغم من الادراك للصلات التاريخية والمصاهرات والتداخل القبلي التي لا تزال قائمة مع العراق. وبينت أن ايران تمثل طرفًا ثانيًا مؤثرًا على امن دول الخليج دون أن تتوفر معطيات تنزع المخاوف من أطماعها وتسهم في بناء الثقة ما يتطلب في هذا الظرف الذي تعقد فيه القمة الخليجية فهم طبيعة الصراع ومدلولاته واحتمالاته بشكل يسمح للجميع بفهم حالات الالتباس والتعامل معها. واشارت الى المؤثر الثالث على امن منطقة الخليج بأنه يتمثل في ما يجري في اليمن ونشوء تحالف (حوثي ايراني) قابل للاستقطاب من جهات أخرى توحدها رغبة زعزعة أمن دول المجلس الأمر الذي يفرض على دول الخليج تبني مشروع انقاذ شامل لكل اليمنيين حتى تقطع الطريق على الفوضى.

من جانبها رأت صحيفة (الوطن) أن التحديات السياسية الراهنة تمثل أكبر ملف أمام القمة الخليجية حيث تحيط بدول مجلس التعاون مخاطر وتهديدات تستلزم احياء وتعزيز روح الفريق الواحد لمنظومة المجلس في توجهاته السياسية المقبلة. ولفتت في هذا السياق الى أن السعودية وهي واحدة من أهم المكونات الرئيسة للمجلس تتعرض لعدوان من مجموعات ارهابية مخربة استهواها العنف والقتل والخراب وتنتهك حدودها الجنوبية.

وأعربت عن أملها بأن تخرج القمة بنتائج ذات أهمية كبرى في الميدان الاقتصادي تكون على مستوى ضخامة المشكلات الاقتصادية مؤكدة أهمية أن تتخذ القمة موقفًا حاسمًا من التهديدات التي تواجه أمن دول المجلس مثلما اتخذت موقفًا موحّدًا وصارمًا من الغزو العراقي للكويت.