القدس: يجسد رئيس الوزراء الاسرائيلي السابق بنيامين نتانياهو، احد صقور اليمين المتشددين والليبرالي الى ابعد الحدود اقتصاديا، حلم اليمين الاسرائيلي بالعودة الى السلطة اثر الانتخابات التشريعية الثلاثاء. وتظهر آخر استطلاعات الرأي ان نتانياهو (59 عاما) يمتلك فرصا حقيقية بالعودة الى الحكم. وتشير الى ان حزبه الليكود الذي يتزعمه سيحصل على 24 الى 28 مقعدا في البرلمان في مقابل 12 حاليا.

وعمل نتانياهو الذي كان يلقب quot;بالساحرquot; لمعرفته بكيفية التعامل مع وسائل الاعلام واستقطابها، بجد لجعل الاسرائيليين ينسون الهزيمة النكراء التي مني بها حزبه خلال الانتخابات التشريعية الاخيرة في آذار/مارس 2006. واتهمه محازبوه بانه مسؤول عن الهزيمة وهي الاسوأ التي شهدها الليكود. وقد تمكن من النهوض بحزبه مجددا بعد الضربة التي تعرض لها اثر انشقاق ارييل شارون في تشرين الثاني/نوفمبر 2005 ليؤسس حزب كاديما.

وانتظر نتانياهو بهدوء ان تحين ساعته مجددا. فقد استغل الى اقصى حد اخفاقات الحرب في لبنان في صيف 2006، كما استغل سلسلة الفضائح السياسية والمالية التي اضعفت رئيس الوزراء ايهود اولمرت الى اقصى حد قبل ان تضطره الى الاستقالة. وان اصبح خطاب quot;بيبيquot; كما يدعوه الاسرائيليون اكثر اعتدالا، فانه لم يغير مواقفه المبدئية.

فبعد عشر سنوات على خسارته منصب رئيس الوزراء (1996-1999) لا يزال يرفض الانسحاب من الضفة الغربية وتقسيم القدس وقيام دولة فلسطينية تتمتع بالسيادة. اما مسألة quot;اسرائيل الكبرىquot; العزيزة على اليمين الاسرائيلي والاستيطان في الضفة الغربية وهي مصدر محتمل للتوتر مع الادارة الاميركية الجديدة، فلا يركز عليها كثيرا حاليا. فقد قال ناتانياهو بعد نشر معلومات حول خطة محتملة لاولمرت باجلاء 60 الف مستوطن quot;لا اعتبر نفسي ملزما بتعهدات ايهود اولمرت بالانسحاب (من الضفة الغربية) ولن اقوم باخلاء مستوطنات (من جانب واحد)quot;.

وهذا الخطاب المتشدد لم يمنع تحول جزء من ناخبيه الى اليمين المتطرف بزعامة افيغدور ليبرمان الذي يعتمد خطابا مناهضا للعرب صراحة من دون ان يعارض حصول انسحابات. وشكلت الحرب الاخيرة على غزة ومعاودة اطلاق الصواريخ الفلسطينية فرصة له لاستغلال الشعور المتنامي في صفوف الرأي العام بان quot;المهمة لم تنجزquot;. ويحمل quot;بيبيquot; بقوة على quot;السياسة العمياءquot; لحزب كاديما الذي تتزعمه تسيبي ليفني متوعدا ب quot;اسقاط نظام حماس في غزةquot;. ورغم الازمة الاقتصادية العالمية يستمر بالدعوة الى سياسة اقتصادية ليبرالية الى اقصى الحدود ترافقها تخفبضات ضريبية كبيرة.

لكن عليه ان يجهد كثيرا لتخفيف وطأة التخفيضات الكثيرة في الميزانة الاجتماعية التي اعتمدها عندما كان وزيرا للمال (2003-2005)، على الطبقات الشعبية وهي خزان اصوات تقليدي لليكود. في 1996، كان اصغر رئيس حكومة في اسرائيل منذ انشائها في 1948. ونتانياهو من اشد المعارضين للاتفاقات الاسرائيلية الفلسطينية التي تم توقيعها في اوسلو في 1993. الا انه اضطر لدى توليه رئاسة الحكومة، الى الخضوع للضغوط الاميركية وتوقيع اتفاقين مع الزعيم الفلسطيني الراحل ياسر عرفات.

وهو ينتمي الى نخبة اليهود الغربيين (اشكيناز) التي اسست اسرائيل وامضى شبابه في الولايات المتحدة حيث اكتسب طلاقة في تكلم الانكليزية وسهولة في التعامل مع وسائل الاعلام. وتعرض بعد خسارته امام ايهود باراك في انتخابات عام 1999 لمشاكل قضائية خطيرة، اذ فتح تحقيق في قضية فساد طالته وزوجته ساره، وهي مضيفة جوية سابقة. لكن لم توجه اليهما اي تهمة في النهاية بسبب نقص الادلة. وبدأ نتانياهو حياته السياسية في السلك الدبلوماسي قبل ان ينتخب نائبا في البرلمان في 1988. وتابع صعوده بسرعة بعد ذلك. اذ اصبح بعد وقت قصير نائبا لوزير الخارجية ثم زعيم الليكود وزعيم المعارضة في 1992.