إيلاف: مع دخول أعمال الشغب والعنف يومها الخامس في شوارع العاصمة الإيرانية، طهران، للاحتجاج على نتائج الانتخابات الرئاسية المثيرة للجدل التي شهدتها البلاد يوم الجمعة الماضي، لجأت السلطات الإيرانية إلى فرض حالة من الحظر على مثل هذه التجمعات. ومع هذا، فقد أشارت مجموعة من المحللين في بريطانيا إلى أنهم يتوقعون استمرار الأزمة الراهنة خلال الفترة المقبلة. وفي هذا السياق، اعدت شبكة quot;فوا نيوزquot; الإخبارية الأميركية تقريراً تحليلياً حول تلك التظاهرات التي أحاطت بإعادة انتخاب الرئيس محمود أحمدي نجاد في الوقت الذي طالب فيه المرشح الإصلاحي ومنافس نجاد الرئيسي، مير حسين موسوي، جميع أنصاره الاستمرار في القيام بمظاهرات سلمية.

وأوضح التقرير أن تلك المظاهرات قد اُعتبرت على نطاق واسع بمثابة التحدي المباشر للحكومة، التي قامت بدورها مؤخراً بفرض حالة من الحظر على التجمعات. وقد أظهرت مقاطع فيديو قام بالتقاطها عدد من الهواة وتقارير تليفزيونية أولية جموع من المتظاهرين، وهو يتعرضون في بعض الأحيان للضرب أو للقتل، وهي اللقطات التي أثارت جدلا ً واسعاً بشأن مدى وخطورة التحدي الذي تواجهه الحكومة وكذلك الفترة الزمنية التي قد يستمر فيها هذا التحدي قائما.

وحول جميع ما سبق من محاور هامة، تنقل الشبكة عن البروفيسور علي أنصاري، مدير معهد الدراسات الإيرانية بجامعة سانت أندروز في اسكتلندا أثناء حديث له الأربعاء في لندن، قوله:quot; إن حجم الاحتجاجات الحالية لم يسبق له مثيلquot;، وتوقع لها أن تستمر على الأرجح خلال الفترة المقبلة.

وتابع أنصاري بقوله :quot; أعتقد أننا سنبقى على هذا الحال خلال صيف ساخن طويل. ولا أعتقد أن الأمور ستنتهي بشكل سريع. وأرى أن المتشددين سيواصلون خوض قتالهم من خندق إلى آخر، وسوف يعتمد الأمر برمته على الجانب الآخر الخاص بالمحافظة على قوة الدفع في حقيقة الأمرquot;.

على صعيد متصل، قامت السلطات الإيرانية بممارسة إجراءات قمعية ضد وسائل الإعلام التي تزاول عملها وتقوم بتغطية الاحتجاجات. وقد قام الحرس الثوري الأربعاء بتحذير المواقع الإلكترونية الإيرانية من القيام بنشر مواد تعمل على خلق حالة من التوتر. كما تم منع صحافيين تابعين لمنظمات إخبارية أجنبية من الخروج لتغطية الاضطرابات التي تشهدها الشوارع الإيرانية.

لكن أنصاري أكد في الوقت ذاته أيضاً على أن الحملة القمعية التي تمارسها السلطات الإيرانية خلال هذه الأثناء سوف تأتي بنتائج عكسية. ويتابع قائلا ً :quot; كانت إحدى التساؤلات التي أثيرت حول المظاهرة التي أقيمت يوم الاثنين الماضي على سبيل المثال : كم كان عدد هذا الحشد الكبير؟ - لم يسبق لي أن عرفت مطلقاً تلك الطريقة التي يمكنك من خلالها إحصاء حشد غفير من الناس. لكن النقطة المحورية هي تلك الخاصة بما يعتقده الأشخاص. وما يعتقده الناس هو أن ذلك كان حشدا ً كبيرا ً للغاية، ربما كان الأكبر من نوعه، الذي ينزل إلى الشوارع منذ العام 1978. وهذا ما كنت أعنيه عندما تحدثت عن وجود أزمة يُطلق عليها quot;أزمة السلطةquot;، فالحكومة يمكنها أن تتحدث عن عدد من الحقائق الآن، لكن لن يصدقها أحدquot;.

هذا وقد وجه معارضو نجاد اتهاماتهم إلى الرئيس أحمدي نجاد بتزوير الانتخابات، فيما قال الحرس الثوري الإيراني أنه سيقوم بإعادة فرز بعض الأصوات من عملية الاقتراع التي أقيمت في البلاد يوم الجمعة الماضي. وهي الجزئية التي علَّق عليها البروفيسور أنصاري، بإشارته إلى أن عملية إعادة فرز الأصوات لن يتم النظر إليها على أنها عملية ذات مصداقية. وأضاف قائلا ً :quot; إن حجة القيام بعملية إعادة فرز الأصوات، سواء كانت انتقائية أو مكتملةً، سيكون أمراً مرتبطاً بالأشخاص في عدة محاور، وبخاصة لأنهم يدعون أن عددا ً كبيرا ً من ناخبيهم لم يُسمح لهم الإدلاء بأصواتهمquot;.

كما يصف أنصاري عملية إعادة فرز الأصوات بأنها أسلوب مماطلة تحاول اللجوء إلى تنفيذه السلطات الإيرانية أملا ً في أن تهدأ الأمور. ولأسباب مختلفة، جاء رصد ومتابعة عدد كبير من دول العالم لما يجري في إيران متسقاً بشكل كبير مع أبعاد ومخاطر الأزمة، وهكذا كانت ردة فعل القادة الغربيين الذين وجهوا انتقاداتهم بشكل حذر. ففي واشنطن، عبر الرئيس الأميركي عن بالغ قلقه حيال الانتخابات الإيرانية، لكنه كان حريصاً عند إشارته إلى أن الولايات المتحدة يجب ألا ينظر إليها على أنها quot;تتدخلquot; في الشأن الإيراني. وهو نفس الأمر الذي اتفق عليه السفير البريطاني السابق لدي إيران، السير ريتشارد دالتون، الذي أكد بقوله :quot; من مصلحة الولايات المتحدة أن تتجنب وضع نفسها وسط هذا الخلاف الإيراني الداخليquot;.
وفي ذات الوقت، أكد الرئيس باراك أوباما على أنه سيواصل السعي لإجراء حوار مباشر مع إيران. وقال دالتون أنه فور زوال غبار تلك الأزمة، سيكون من مصلحة إيران العليا أن تبحث في إجراء مفاوضات مع الولايات المتحدة.

قسم الترجمة - أشرف أبوجلالة.