محمد حميدة من القاهرة: إتّفق خبراء وسياسيّون مصريّون على أنّ جمال مبارك، رئيس لجنة السياسات في الحزب الوطني الحاكم، كان واحدًا من ضمن عدّة أسباب ساهمت في دفع عجلة النموّ الاقتصادي في السنوات الأخيرة، لكنّ هذا الإصلاح الاقتصادي لم ينعكس على الإصلاح السياسي،الأمر الذياتّفق مع تقرير لصحيفة quot;الغارديانquot; البريطانيّة أكّد أنّ الإصلاح الاقتصادي في مصر بقيادة جمال خيّب آمال أميركا والغرب في إحداث الإصلاح السياسي وزيادة الطلب على الديمقراطية لأنه لم يعد بنتائج إيجابية على حياة غالبية الشعب ولم يحسن من نوعيّة حياتهم.

وقال ممدوح سامي، خبير في الدراسات الاقتصاديّة في أحد المراكز المتخصّصة، إنّ النموّ الاقتصادي زاد فعلاً في مصر بنسبة 4 -7في المئةبين عامي 2002 و 2008 وتزامنت الخطوات الأولى لهذا النمو مع بدء تصعيد جمال مبارك سياسيًّا وتشكيل حكومة رجال الأعمال برئاسة الدكتور أحمد نظيف، حتى أن مصر تعتبر من الدول القليلة التي حقّقت معدّلات نمو اقتصادي جيّدة خلال السنوات الأخيرة بشهادة مراكز الأبحاث الاقتصاديّة الكبرى في العالم، بفضل نجاح السياسات الاقتصادية وتحريرها، وسلامة الجهاز المصرفي من جرّاء عدم توجيه استثماراته للأدوات الماليّة المرتفعة المخاطر، وحزمة الإجراءات التي اتّخذتها الحكومة. كما ساعدت تدفّقات الاستثمار الأجنبي المباشرفي زيادة كفاءة الإنفاق الاستثماري، ومن ثمّ زيادة معدّل النمو الاقتصادي مقارنةً بالدول الأخرى.

لكن المفارقة أنّ quot;هذا النمو الاقتصادي رافقه نمو في الفقرquot; وفقًا للدكتور ممدوح، مضيفًا أنّ نسبة المصريّين الذين يعيشون في الفقر ارتفعت في ظلّ سنوات النمو الاقتصادي السريع نسبيًّا وأضرّت الإصلاحات الاقتصادية الليبرالية الجديدة بالبسطاء من المصريين، واستفاد منها أصحاب المشاريع بشكل جيّد حتى أصبح 20في المئةمن المصريين يملكون 80في المئةمن ثروة البلاد.

وأرجعت quot;الغارديانquot; البريطانيّة سبب النمو الاقتصادي إلى تعيين جمال مبارك في الأمانة العامّة للحزب الوطني الديمقراطي، الحزب الحاكم، في العام 2000 ، ثم تولّيه أمانة السياسات في العام 2002، وتشكيل رئيس الوزراء أحمد نظيف مجلسًا للوزراء من رجال على صلة وثيقة بجمال مبارك، الأمر الذيأدّى إلى احتلال مصر المركز الأول من ناحية الإصلاح الاقتصادي في العالم بحسب البنك الدولي لعام 2007 بفضل تحرير السياسات. إلاّ أنّ هذه التنمية الاقتصادية لم تدعم الإصلاح السياسي والطلب على الديمقراطية على العكس ممّا تعتقد الولايات المتحدة والعالم الغربي بسبب انتشار الفساد وتغلغله في المجتمع المصري، وأشارت الصحيفة إلى تورّط بعض الأسماء المحسوبة على أمانة السياسات في الحزب الوطني، والتي يرأسها جمال مبارك مثل ممدوح إسماعيل صاحب العبّارة quot;السلامquot; التيذهب ضحيتها أكثر من 1200 مصري في البحر الأحمر، وهاني سرور في قضيّة الأكياس الملوّثة. واستعادت الحديث عن الجدل الذي صاحب عملاق الصلب أحمد عز أثناء إجراء التعديلات على قانون منع الاحتكار في مجلس الشعب.

ومن جانبه قال حمدي فهمي، ناشط سياسي، إنّ الفساد موجود في كلّ مكان في العالم لكن في مصر بشكل فاحش وقد تزايد الفساد بزواج رجال المال والأعمال بالسلطة، النهج الذي اتبعه النظام في السنوات الأخيرة بدعوى أنّ الدولة تستفيد من خبرات هؤلاء في دفع عجلة التنمية والإصلاح، لكنّ هذا لم يحسّن مصر على الأقلّ في قائمة المنظّمات المعنيّة بالفساد ومتابعة الشفافيّة في العالم. وقد حافظت مصر على ترتيبها المتدنّي في تقرير منظّمة الشفافيّة الدولية لهذا العام حيث احتلت المركز الـ115 من أصل 180 بلدًا حول العالم من ناحية مؤشّر الفساد.

وقالت صحيفة quot;الغارديانquot; في تقريرها المفترض إنّه عندما يصبح المجتمع أكثر ثراء وأفضل تعليمًا من المرجّح أن يزيد الطلب على الديمقراطية، لكنّ انتشار quot;الفسادquot; لم يؤدّ إلى تحسّن نوعيّة حياة المصريين. وحذّرت من اتّساع الهوّة بين عالم جمال مبارك والنخبة المرتبطة به وعالم الملايين من المصريين المهمّشين الذين تصل نسبة من يعيشون على أقل من دولارين في اليوم نحو 43 في المئة، بحسب تقديرات البنك الدولي. وأضافت الصحيفة أنّ الفساد رفع من نسبة الأميّة، مشيرة إلى أنّها تصل إلى حوالى الـ26.8 في المئة،الأمر الذييتناقض مع التنمية الاقتصادية ويقوّض من افتراض أنّ خلافة جمال مبارك لوالده يمكن أن تحسّن من نوعية حياة المصريين، وتقودهم إلى المطالبة بالديمقراطية.