أشرف أبوجلالة من القاهرة: يوم بعد الآخر، تشهد الدوائر الطبية حول العالم قفزات مذهلة على الصعيد الوقائي والعلاجي، وبخاصة عند المرضى المصابين بمشكلات في عضلة القلب. ففي الوقت الذي كان يحتاج فيه مرضى القلب المُثَبت لديهم أجهزة تُعرف بأجهزة وقف رجفان القلب (أو اختلاج القلب) إلى عدة أشهر كي يتم الكشف في إحدى الزيارات الروتينية لأطبائهم المعالجين عن وجود ثمة مشكلة في تلك الأجهزة، ما كان يُعرِّضهم بشكل كبير لخطر الوفاة، تم الكشف أخيرًا ًَ عن نوعية جديدة من تلك الأجهزة التي يمكنها الاتصال بشكل مباشر بالأطباء المعالجين، والقيام في ذات الوقت بإرسال إشارات خاصة بوظائفها وإطلاق إنذارات إذا ما ساءت الأمور بالنسبة للمرضى.

وتلفت صحيفة النيويورك تايمز الأميركية في سياق تقرير مطول تنشره حول أحدث الأجهزة التي يمكن الاستعانة بها في معالجة الأشخاص المصابين بأمراض القلب، إلى أن تلك الأجهزة الجديدة تتميز كذلك بالقدرة على الكشف عن التدهور الذي قد يحدث في الوظائف المختلفة لعضلة القلب وإخبار المريض كذلك بالطريقة التي يمكنه من خلالها ضبط تناول الأدوية. ثم تشير الصحيفة إلى أن تلك الأجهزة عبارة عن جزء من موجة جديدة من الأجهزة الذكية التي تزرع في الجسم، وتقوم بإحداث تحول لافت في طرق العناية بالمرضى المصابين بأمراض القلب وتفيد الباحثين بصورة كبيرة.

ويُؤمل أن تقوم تلك الأجهزة التي يتم اختبارها الآن عبر تجارب سريرية، بإنقاذ حياة المرضى، وخفض النفقات الطبية، ودفع مرضى القلب نحو معالجة الأعراض المرضية التي يشعرون بها بنفس الطريقة تقريبًا التي يتعامل من خلالها المرضى المصابين بداء البول السكري مع أعراضهم. وفي السياق ذاته، تقول الصحيفة إن المرضى الذين غالبًا ما يكونوا ضعفاء أو يعيشون بعيدًا عن أطبائهم، من الممكن أن يقتصدوا في زياراتهم الطبية المتكررة للمختصين. ويمكن أن يعلم الأطباء على الفور إذا ما أصيبت الأجهزة بأعطال أو إذا ما تدهورت الحالة الصحية لقلب الشخص المريض.

وهنا، تنقل الصحيفة عن دكتور ليزلي ساكسون، طبيبة القلب في جامعة كاليفورنيا الجنوبية، قولها :quot; الأمر هنا أشبه ما يكون بالقيام بزيارات يومية إلى الطبيب وإكمال السلامة البدنية كل أسبوعquot;. ثم تبرز الصحيفة حقيقة القفزة الكبرى التي حدثت في هذا المجال قبل بضعة سنوات، حين قررت الشركات المصنعة للأجهزة أن تعرف الطريقة التي يمكنها من خلالها تطوير أجهزة إرسال تقوم بنقل البيانات عبر مجموعة أوسع في النطاق، تتراوح ما بين 20 أو 30 قدمًا. وهو ما يعني أن المرضى ذوي الحالة الصحية المتردية لم يعودوا في حاجة إلى تكبد عناء القيام بزيارة إلى الطبيب أو الانتظار ليقوم بوضع جهاز استقبال بشكل مباشر على صدورهم، فلم يعد عليهم سوى الانتقال بالقرب من صندوق صغير، يُوَصّل بفيشة تليفون قرب مقر نومهم.

وتمضي الصحيفة لتنقل في نفس السياق عن دكتور جيمس كومان من معهد إيقاع القلب في مدينة تولسا بولاية أوكلاهوما، وهو الطبيب المعالج لإحدى السيدات المصابات بمشكلات في القلب، قوله :quot; يتم الاستعلام عن الجهاز الآن في كل يوم. ويمكنني القول إن هذا الجهاز مجرد جهاز هائلquot;. في ما تنقل عن دكتور لين وارنر ستيفنسون، مديرة برنامج قصور القلب في بريغهام ومستشفى النساء في بوسطن والأستاذ في كلية الطب بجامعة هارفارد، قوله :quot; إن تكدس المعلومات يمثل مشكلة خطيرة للغاية. فتزايد المعلومات لن يكون أمرا ً مفيداً على الدوامquot;. وتشير الصحيفة كذلك إلى أن الأجهزة الجديدة تقوم بنقل بيانات مفيدة جنبًا إلى جنب مع بيانات لا تتضح أهميتها، مثل التغيرات في معدل نبضات القلب. فالتقلبات الكبيرة في معدل نبضات القلب قد يكون مؤشر على وجود خطر، لكن ليس من الواضح ما يمكن عمله حيال ذلك.

بينما يقول دكتور ريتشارد بيج، رئيس جمعية إيقاع القلب، إن الأطباء يتساءلون عما إن كانوا سَيُحَاسَبُون إذا لم ينظروا في جميع البيانات. ومع هذا، يؤكد بيج على أن التكنولوجيا الجديدة تحظى بقدرات تحويلية كبيرة. بينما ترى الصحيفة أن طوفان المعلومات يؤدي إلى نشوب مشكلة مختلفة بالنسبة للباحثين، وهي المتعلقة بآلية تحليل البيانات. ثم عاودت دكتور ساكسون مرة أخرى لتقول :quot; لم يسبق لأحد أن أجرى بحثًا مثل هذا من قبلquot;. واتضح من خلال دراسة أجراها فريق بحثي تقوده ساكسون أن المرضى الذين قام أطباؤهم بالاطلاع على البيانات، عاشوا مدة أطول بنسبة تتراوح ما بين 5 إلى 15 % عن المرضى وقت إجراء تجارب سريرية في السابق على الأجهزة.