نتج عن تحوّل العالم إلى قرية إلكترونيّة كونيّة صغيرة جدًّا تبادل للثقافات وحوار للحضارات بين الجيل الجديد من أبناء الدول المختلفة سواء كانت نامية أو متقدمة. لكن هل يعقل أن تطبق قوانين وتشريعات دولة كبرى على دولة أو دول عديدة نامية، على الرغم من أن الجميع تضمهم المظلة الدولية وهي عضوية الأمم المتحدة؟

تكشّفت خيوط القصة من خلال زيارة وفد من الكونغرس الأميركي للبنان، الأول كان برئاسة السناتور جون ماكين، والثانى برئاسة النائب ألسي ستنيغز ولقائهما بالرئيس اللبناني ميشال سليمان يوم الجمعة الماضي، أعرب سليمان عن إستيائه من مشروع القرار الأميركي بمعاقبة الوسائل الإعلامية التي تبث موادًّا تعتبرها أميركا تحريضًا على العنف. ومن المنتظر أن يناقش إجتماع وزراء الإعلام العرب المقرر عقده خلال هذا الشهر في الجامعة العربية مشروع قرار مجلس النواب الأميركي، بعد أن طلبت الحكومة اللبنانية إدراجه على جدول أعمال المؤتمر.

الكويت: إستطلعت إيلاف آراء عدد من الإعلامين العرب من مشروع القرار الأميركي بمعاقبة الوسائل الإعلامية التى تبث موادًّا تعتبرها أميركا من شأنها الحث على كراهية الشعوب العربية لأميركا أو التحريض ضدها. فرأى بعضهم أن القرار صعب التنفيذ فيما اعتبر بعضهم الآخر أنه نقطة سوداء في سجل الحريات الأميركي.

وتم التركيز على أسباب عدم اتخاذ الدولة المتضررة من إحدى الفضائيات العربية إجراءاتها القانونية من خلال القنوات الشرعية المتبعة في مثل هذه الأحوال؟ وهل أن العرب يتمتعون بسيادتهم وإستقلاليتهم في الإعلام العربي والفضائيات خصوصًا؟ وماذا عن تطبيق وتفعيل ميثاق الشرف بين الفضائيات العربية؟ وما هي الإجراءات الواجب إتخاذها رسميًّا وشعبيًّا على الصعيد العربي لمواجهة هذا التطورالجديد؟ وهل توجد إستراتيجيّة عربيّة إعلاميّة تحت مظلة الجامعة العربية؟ وهل تم تفعيلها؟ وأيضًا هل لكل دولة عربية خطة إستراتيجيّة إعلاميّة خاصّة بها؟

صعوبة

في البداية اعتقد الكاتب الصحافي أحمد الجار الله رئيس تحرير جريدة السياسة الكويتيّة أنه من الصعب تطبيق هذا القرار، مشيرًا إلى أن هناك قرارات كثيرة صدرت من مجلس النواب الأميركي لم تطبق، وهي مشاريع قوانين يقترحها عادة عدد من النواب ضد العرب أو المسلمين لكنها لا تطبق.

واعتبرأن اليوم لا يوجد شئي إسمه سيادة بل يوجد فضاءات مفتوحة، وحتى في داخل أميركا هناك بعض الفضائيات التى تخرج عن مسارها، لها قانون يطبق عليها سواء قانون هدر الكرامات أو أخبار غير صحيحة أو متضررين منها يتحركون ضدها، ووصل عدد الفضائيات العربية إلى ستمئة فضائية تقريبًا دون قانون يحكمها، والفضائيات مسار جديد وتكنولوجيا تقدمت والناس تستفيد منها. إلا أنه مع الوقت هناك إمكانية في تحقيق شيئين: أما أن تبرز قوانين أو أن الناس يتواءموا معها ويكتشفون أنها ليست جيدة، فمثلاً هناك بعض الفضائيات ظهرت فى فترة من الفترات وأخرى لم يعد أحد يسمع بها، وفي المقابل هناك فضائية إنتشرت بين الجماهير العربية وأصبح لها مشاهدوها.

وتساءل عما تطرحه فضائيتا الجزيرة والعربية مشيرًا إلى أن الطروحات التي كان الناس يفتحون آذانهم لها مثل الشعارات التي شاهدناها في أيام ثورة 1952 لم تعد موجودة واندثرت معتبرًا أن هذه الفضائيات في يوم من الأيام ستكون أكثر مهنية، واليوم ماذا يضر أميركا في حال تحدثت فضائية عن ممارسات معينة أو عن أحداث صارت في أفغانستان أو باكستان؟ فهي لم تعد مضرة، والدور غدًا يأتي على المواقع الإلكترونية وكيفية تطبيق القوانين عليها.

مرحلة جديدة

وأضاف أننا أمام مرحلة جديدة، إذ لا شك أنه منذ الحرب الباردة بين الإتحاد السوفياتي quot;سابقاquot; والولايات المتحدة الأميركية عندما كان الصراع أيديولوجيا، أعطيت صورة قبيحة في المنطقة عن الأميركيين وسار الناس على هذه الصورة، وإما الآن اختلفت الصورة لأن الناس لم يعدوا كما كانوا في السابق. ولكن السؤال هو لماذا كرهنا أميركا أو العكس؟ والحق علينا وليس على الأميركيين خصوصًا وأن أميركا تحكمها مؤسسات المجتمع المدنى وليس مؤسسة الرئاسة الأميركية. أما نحن فعندنا قضية منذ العام 1948ونحن نعارك فيها وهي القضية الفلسطينية والإحتلال الإسرائيلي ووجوده في المنطقة ومظلّته الأميركية.

ورأى أن هناك عقلاء مثل المرحوم أنور السادات أدرك السادات أن الذى يقتل إسرائيل هو السلام معها، وإكتشفنا أنه فعلاً على الرغم من إننا جاهدنا في إيذائه أن السلام مع إسرائيل هو الذي ينهيها وبدليل خطة أو مبادرة السلام العربية وهي تقريبًا خطة السادات نفسها في السلام، بل قد تكون مبادرة السلام العربية فيها إلتزامًا أكثر.

وعندما نقول إن الأميركيين يكرهوننا أو العكس فنحن أوصلناهم إلى هذه المرحلة، فمثلاً الإسرائيليون لم يقوموا في يوم ما بحرق العلم الأميركي ولا يردد المتظاهرون خلال تظاهراتهم quot;فلتسقط أميركاquot;، عوض ذلك أرسل الإسرائيليون العلماء والأطباء لأميركا. ومنذ العام 1956عندما إنهزمت مصر أمام العدوان الثلاثي والذى إعتبروه نصرًا مثل نصر حسن نصرالله الأخير، ومنذ ذلك اليوم علم الإسرائيليون فى المنطقة أن الدولة العظمى هى أميركا وليست فرنسا وليست بريطانيا فنقلوا أنشطتهم وأموالهم هناك بشكل جيد وأسسوا مايطلق عليه quot;إيباكquot; ورأسمالها عشرين مليار دولار، وفى المقابل ماذا قدم العرب؟ شتيمة وإهانات للأميركيين وحرق علمهم ومظاهرات، وكلما فشل عسكري بالحكم أو كلما جاء عسكري بالحكم بدأ يشتم الأميركيين ويجعلهم وكأنهم quot;الشماعةquot; التى يعلقون عليها فشلهم وإنتصارهم، ونحن العرب يفترض أن تنوجه إليهم، ونجعل لنا سيرة طيبة داخل المجتمع الأميركي ومؤسسات المجتمع هناك، وفي الفترات الأخيرة وبعد أن أنهكتنا الهزائم بدأنا نعي أن الطريق إلى روما ليس هذا الطريق بل طريق مختلف، فمثلا أميركا التي أعادت الكويت لأهلها وأميركا التي للمرة الأولى في التاريخ ومن خلال عهد بوش تقول بحل الدولتين الفلسطينية والإسرائيلية وبدأت التحكيم بإنصاف.

الفضائيات الخاصة والأجندات

وحول الإجراءات والتدابير المنتظر إتخاذها فى الإجتماع المقبل لوزراء الإعلام العرب في الجامعة العربية في القاهرة أكد الجارالله: أن وزراء الإعلام العرب لن يستطيعوا فعل شيء، وسبق لهم أن أعدوا ميثاق شرف للفضائيات العربية ولم ينفذ، وبالنسبة إلى الحكومات فهي مسيطرة على فضائياتها الرسمية، وأما الفضائيات الخاصة - مع الآسف- التى لديها أجندة فلن تستطيع تغييرها مثل فضائيات الجزيرة والمنار والعالم، معتبرًا أن هناك في العالم العربي من يتمنى أن يأتي أحدهم ليلجم ويكبح القنوات التي تتجاوز، لأنه في الوقت الذي تدعي هذه القنوات أنها تضرب أميركا فهي تضرب في الشأن العربي والشأن الإسلامي.

وعن تصوره المستقبلي للإعلام العربي عمومًا والفضائي خصوصًا رأى الجارالله :أن الإعلام بداياته سيئة وهو في مرحلة مخاض حاليًّا، ولا يمكن أن يتحسن إلا بتحسن الجمهور المتلقي عندئذ سنخرج من قصة الجمهور عايز كده.
قوانين دولية

ومن جهته، قال د.محمد الرميحي رئيس تحرير جريدة quot;أوانquot; الكويتية: quot;في عالم اليوم المتشابك لم تعد القوانين المحلية كافية لضبط العلاقة سواء في المواضيع التجارية أو السياسية. فهناك قوانين دولية في كثير من الأوقات تحجب القوانين المحلية إن تناقضت معها. مثال على ذلك الحقوق العلنية للمبدعين أو ما يسمى حق الأداء أو الإستخدام. اليوم أصبحت القوانين الدولية هي الحاكمة في كثير مما يسمى quot;الأنشطة العابرة للدولquot; خصوصًا في جو عالمي عام ينظر إلى موضوع quot;الإرهابquot; بارتياب شديد. من هنا، فإن موقف الولايات المتحدة من المرئي العابر للقارات أو حتى مواقع الانترنت هو موقف يتصف بشيء من الحمائية. فهناك عدد من الدول اليوم بما فيها الصين على سبيل المثال لا الحصر، وحتى دول عربية تمنع بعض المواقع أو الخدمات في الانترنت من الوصول إلى المتلقي في دولها. والذرائع في ذلك كثيرة منها الاقتصادي (المكالمات التلفونية الرخيصة) ومنها السياسي، المؤثر على الأفكار.

ورأى أنه ليس لوزراء الإعلام العرب هنا أي صلاحية في موضوع البث أو المنع من دولة كبيرة كالولايات المتحدة. لعدد من الأسباب أولها أن الدول العربية نفسها لا تستطيع أن تنسق جهودها في هذا الأمر، فكثير منها يشتكي حتى من البث العربي، وثانيا ليس للوزراء (أو دولهم) أدوات قادرة على منع أي خطوات يتخذها المشروع الأميركي بهذا الخصوص.

وأضاف quot;علينا أن نتذكر ان هناك قواعد عامة ودولية للإعلام لا يتبعها بعض وسائل إعلامنا. حتى في داخل الولايات المتحدة هناك ما يعرف بمدونة الأخلاق المهنية للتعامل الإعلامي، وهناك عقوبات رادعة لمن يخترقها، بعض وسائل إعلامنا العربي تتجاوز المهنية إلى درجة كبيرة خصوصًا إذا كان الخطاب موجهًا للآخر، مما يعرضها للمساءلة أولاً وربما للمنع ثانيًا، حيث المساءلة القانونية ممتنعة كونها تقع في أراضٍ غير أميركية ولا ترتبط الدولة التي تبث منها باتفاقات قانونية معها.

صراحة وجرأة

ومن جهته، لاحظ د. مناور الراجحي أستاذ الصحافة والإعلام في جامعة الكويت : في الآونة الأخيرة تكثيف الرسالة الإعلامية لإحدى الفضائيات العربية وتناولها لكثير من الحقائق والأمور ورأى أنها كانت ايضا فى منتهى الصراحة والطرح والجرأة سواء للعرب أو عن العرب وكذلك عن الأميركيين أو للأميركيين، ولكن من خلال إظهارها في الفترة الأخيرة رسائل وشرائط لزعماء القاعدة مثل أسامة بن لادن وأيمن الظواهري من خلال شاشتها فضلا عن المشاهد التى تبيّن القتلى والجرحى الأميركيين وعمليات التفجير التى تقع ضدهم، أعطت هذه الفضائية صورة أخرى مغايرة عن الصورة التى يعطيها الإعلام الآخر، وقد لاحظت فى الشهور الأخيرة خط هذا الأمر وإتضح أخيرا أن الحكومة الأميركية تدخلت فى السياسة التحريرية لهذه الفضائية، وأيضًا بعض القنوات التى تبث من العراق وغيرها كان لها دور في السياسة الأميركية والسياسيين الأميركيين والخارجية الأميركية في عملية تخفيف حدة النقد الذي قد يكون الأمر المناهض لأميركا وللشعب الأميركي.

وتابع الرجحي أن أميركا الآن تدعي الحرية وهي quot;من لم يكن معنا فهو ضدناquot;، وهذا أمر غير صحيح إذ أن هناك صورة وصورة أخرى، وهذه الصحف تعطي الصورتين وللقارئ حرية الإختيار، إما أني أحجب بعض المعلومات التى إستطاع الصحافي الوصول إليها والتي تعتبر تميّزًا بتواصلها مع كثير من الشرائح، سواء من يدعون أنهم مع الإصلاح أو مع الإرهاب. ولكن الحد من إتصالاتهم وتعاملهم يسبب لهم مضايقات حتى فى التغطيات سواء في أفغانستان أوالعراق أصبح هناك من يضايق هذه الوسائل ،وكأن الجندي مدرب ومسيس ومعطي إشارات واضحة ضد هذه الفئة أو هذه القنوات الفضائية يجب بقدر المستطاع إبعادهم عن صورة الحدث إلى درجة أصبح هناك صحافيون وإعلاميون يخذلون ويتعاملون معاملة غير إنسانية.

واعتبر أن أي إنسان ليس له رادع سيبطش وهذا مايحدث على صعيد الدول، وهذا ماتقوم به حاليًا أميركا فى كل الأمور حتى المجالات الإقتصادية، والأزمة المالية العالمية الأخيرة أميركا لها دورا فيها، وهى أيضا تلعب أدوارأ كثيرة، quot;ولكننى أعتقد أن هذا اللعب لن يستمر طويلا وقد يستمر إلى عقد من الزمن، وتدخلها فى أمور كثيرة جدا حتى الشعب الأميركي سوف يعاني منهم، والشعب الأميركي إذا ما قارناه بشعوب أخرى هو من أفضل الشعوب تعاملا وأخلاقا وأدبا وإحتراما وعقائديا أفضل، وأمورهم لا تخدش الحياء والآن أصبحوا منبوذين فأنا أرى الفساد ولا أرى الأميركي وهذا يرجع من السياسة الخارجية الأميركية التى تدخلت فى كل شئ حتى للآسف فى الإعلام الذي هو أبوالحريات كما قال دون مارتن.

وحول تمتع العرب بسيادتهم وإستقلاليتهم الإعلامية والفضائية قال الراجحى: quot;للأسف العرب فى أمور كثيرة جدا محكومون وليس لهم سيادة، وأعتقد أن رأيهم فى جانب محاباة أميركا وغيرها، الآن للأسف العرب مازالوا يرون أنفسهم بأنهم مستضعفون ولكنهم ليسوا مستضعفين والمشكلة أنهم يرون أنفسهم بأنهم ضعفاء وهذه مشكلة كبيرة جدا، وحتى فى الأمور الأخرى عندما يشتد النقاش نصل إلى نقطة وهي أننا نتطاول على بعضنا البعض الآن ونضيع وقتنا ومن لا يستطيع أن يعمل وهو فى مخيلته ذلك فهو مستضعف فى نفسه، لذلك يفتقد العرب للإستراتيجية أو لخطة مستقبلية في المجالات المختلفة ،ولا توجد دولة عربية لديها خطة مستقبلية وقد تكون هناك بعض الخطط فى بعض الدول لكن من قبل لم تكن موجودة، بينما في المقابل لدى الدول الأوروبية توجد خطط خمسينية وليست خمسية فعندما يستقيل وزير أو يقال يأتي من يليه يستكمل المسيرة وليس كما هو عند العرب الوزير الذي يأتي وينسف ما قام به قبله.

لندن ومونت كارلو

وفي ما يتعلق بتوقعاته لنتائج إجتماع وزراء الإعلام العرب والمقرر عقده خلال الشهر الجاري في الجامعة العربية بالقاهرة قال quot;أنا على يقين أن وزراء الإعلام العرب يتمنون أن تصمد كل الوسائل الإعلامية العربيةquot;، ولاحظ أن وزير الإعلام العربي حتى لو ظل في منصبه لسنوات عديدة لا يضع خطة معينة للوزارة التي يترأسها فكيف يشارك مع زملائه العرب فى وضع خطة إعلامية عربية. وأضاف :quot; وكيف ذلك ونحن فى الكويت تريد وزارة الإعلام الكويتية إعادة سحب رخص المرئى والمسوع والمطبوع والحبس استناداً للمادتين المادة 35و8 الخاصة بالحبس.

وتمنى أن يكون الإعلام العربى حراً quot;ولدينا قضاء يحكم والمخطئ يعاقب على خطئه ويوقف عند حده وتوجد محاكم مستعجلة، ومثل هذه القوانين هى التي تحد من الإبداعات وأميركا فى بعض الأمور لا توجد لها قوانين ولكن توجد مسؤولية ويقدرها القاضي على عملية الردعquot;، وفي السابق قبل الفضائيات كانت إذاعتي لندن ومونت كارلو المصدران الوحيدان والموثقان للأخبار الصحيحة للعالم العربي، وعلى الرغم من أن العالم العربي زاخر بالمبدعين والمفكرين فإنه مسكين لوجود الطاقات، إلا أن المصالح الشخصية طغت على الأمور المهنية في الإعلام العربي سواء في المسموع والمقروء والمرئي.

وصمة عار

ومن ناحيته، قال د.محمد العجمى مراقب البرامج السياسية في تليفزيون الكويت وباحث الإجتماع السياسى: quot; إن الولايات المتحدة الأميركية عرف عنها بأنها هي المنادية بالحرية وتوسيع الحريات وحقوق الإنسان وقبول الرأي الآخر، ولكن أن تأتي الولايات المتحدة الأميركية والكونغرس الأميركي ويقران تشريعات معينة بهدف الحد من حريات الآخرين ،أعتقد أنه وصمة عار في سجل حريات الولايات المتحدة وإجراء غير مقبول عقلانيًا ولا حضاريًا، خصوصًا أن الولايات المتحدة منادية بالحريات والتعددية وقبول الرأى الآخر، وفى داخل أميركا نفسها نجد أن هناك آراء ناقدة في وسائل الإعلام سواء المطبوعة والمرئية، وهناك نقد لاذع يصل حتى إلى البيت الأبيض وللرئيس الأميركي نفسه ويقبلون بذلك ولكنهم لا يقبلون بأن يكون النقد من فضائيات عربية أو غير ذلك، فأعتقد أنها نقطة سوداء في سجل الحريات للولايات المتحدة الأميركية وإجراء غير مقبول أن تحد من سياسة بعض الوسائل الإعلامية العربية والغربية الأخرى والمساس بسيادتها، وأعتقد أن هذا ليس من نطاق الولايات المتحدة ولايجب أن تذهب أيضًا لمثل هذا الإجراء وغير مقبول وفيه إزدواجية وهي أن تطبق في داخلها الحرية على مصراعيها وفي خارجها لا تقبل بها إطلاقًا، أعتقد أن لكل دولة سيادتها وقوانينها وتشريعاتها، وهناك أيضا الأمم المتحدة المظلة الدولية والعالمية وهي بالفعل تطبق القوانين على العالم، وليس الولايات المتحدة هي التى تطبق قانونها على دولة أخرى أو تتدخل في شؤون الآخرين.

الشأن الأميركى فقط

وتابع القول إنه إذا كانت هناك قرارات وقوانين يصدرها مجلس النواب الأميركي تتوافق مع القرارات الدولية الصادرة عن الأمم المتحدة وبالتالي هناك مقترحات ترفع للمظلة الدولية quot;الأمم المتحدةquot; وبالتالي تطبق وهذا ينطبق على الصعيد الأمني مثل الإنتربول وإتفاقيات تبادل المجرمين بين الدول، ولذلك مايصدر عن الكونغرس الاميركي فهو يطبق على الداخل والشأن الاميركي فقط. وهذا حاله حال القرارات التي تصدر مثلاً عن مجلس الأمة الكويتي عندما يطرح تشريعات او قوانين جديدة تطبق بعد موافقة النوّاب على الشأن الكويتي لا يمكن تطبيق ما يصدر عن مجلس الأمة الكويتي في البحرين أو السعودية.

تجاوز الخطوط الحمراء

وأضاف quot;لا شك ربما أن هناك إنجرافًا وزلات وتجاوز لخطوط حمراء من جانب بعض وسائل الإعلام والفضائيات العربية وقد تصل الإساءة إلى حد غير مقبول، وعندئذ هناك قنوات قانونية يجب أن يتم إتباعها ويحاسب المخطئ. وكل يحصل على حقه ويوقف الآخر عند حده وتتخذ إجراءات قانونية فى الدول المعنية وأيضًا على صعيد الأمم المتحدة والمظلة الدولية، وبالتالي فإن وزراء الإعلام العرب إذا مرروا مثل هذا القرار في إجتماعهم المرتقب دون إجراء أو رد فعل فأعتقد أن ذلك سيكون تخاذلاً كبيرًا وغير مقبول من وزراء الإعلام العرب أن يقبلوا بذلك. ولكن من المقبول والمعقول أن يناقشوا تجاوزات بعض الفضائيات العربية بهدف وضع آليات معينة لفترة مثل هذه الوسائل الإعلامية، ووضع بعض التشريعات والقوانين التى من شأنها ألا تسيء إلى الآخرين أو وقفها عند حدها. فإذا كانت الولايات المتحدة شاكية ولديها أدلة وتطرح مثل هذا الأمر على إجتماع وزراء الإعلام العرب فهذا أمر مقبول وحضاري، لكن أن تفرضه فرضًا على العرب فهذا غير مقبول، ولذلك أعتقد أن وزراء الإعلام العرب تقع المسؤولية عليهم سواء من ناحية الأفكار أو الأوامر وأستبعد الأخيرة فربما ان تكون مجرد أفكار من جانب الولايات المتحدة تطرحها، أما إذا كان هناك قوانين مطلوب من وزراء الإعلام العرب تطبيقها فهذا أمر خطر وغير مقبول.

الحرية المسؤولة

وعن التدابير والإجراءات التي من شأنها مواجهة مشروع القرار الأميركي يرى العجمى :أنه من المفروض على وزراء الإعلام العرب أن يتحدثوا ويردوا عليهم بلغتهم وهي أننا مع الحرية المسؤولة وعدم التدخل فى شؤون الآخرين، ولا يضر الولايات المتحدة أن تقبل بالنقد على أعلى مستويات بالداخل الأميركي من الآخرين، كما لا يجب عليها أن تفرض آراءها على الآخرين، وبالتايى فمطلوب من وزراء الإعلام العرب أن يصدروا بعض القرارات التى بالفعل يخبروا بها الآخرين أنهم حريصون على مراعاة إحترام حرياتهم وعدم المساس بهم وأننا لدينا إستقلاليتنا وسيادتنا ولا نقبل بالمساس بهذه السيادة والإستقلالية الإعلامية وغيرها من الآخرين وإنما نقبل بالنقد ولا نقبل بالإسفاف من وسائل إعلامنا بالداخل ولدينا الخطط والإقتراحات، وأن تكون هناك بالفعل بعض الرؤى الموحدة من جانب الدول العربية، وهناك قصور واضح جدًا في الكويت أو في الدول العربية الاخرى في قانون المرئي والمسموع وما إلى ذلك. فهي تعاني بالداخل، فما بالك بالخارج فيجب أن تربط بقوانين ماتختص بهذه المسألة وهي ضبط وسائل الإعلام بالشكل الذي يعطيها الحرية إلى أبعد حد ممكن لكن دون المساس بالآخرين أو ببعض الخطوط الحمراء، وليس هناك آلية واضحة ومدروسة، أعتقد إذا ماعولجت ووضعت أفكار جادة وقوانين واضحة لا تحد من الحريات إنما تتيح الفرصة للحرية المسؤولة وللرأي والرأي الآخر والتعددية لكنها أيضًا تحد وتكبح من الإسفاف والإساءة إلى الآخرين.