يحتفل الرئيس باراك أوباما اليوم الاربعاء بالذكرى السنوية الأولى لتنصيبه تحت وابل من استطلاعات الرأي التي تكشف عن خيبة أمل مريرة واستقطاب متزايد في تقييم أدائه. ففي استطلاع اجرته صحيفة واشنطن بوست، قال نحو نصف الاميركيّين إنَّ اوباما تخلف عن تنفيذ وعود رئيسة أطلقها خلال حملته الانتخابية.
وتبدى هبوط شعبية أوباما بأسطع اشكاله في صدمة الهزيمة التي مني بها الحزب الديمقراطي بفوز مرشح الجمهوريين في ولاية ماسيشوسيبتس التي ظلت ديمقراطية طيلة عقود حتى شغر مقعدها في مجلس الشيوخ بوفاة ادوارد كندي.واعتبر محللون نتيجة التصويت في ولاية ماسيشوسيتس بمثابة استفتاء شعبي على السنة الاولى من رئاسة اوباما. ووصف مراسل هيئة الاذاعة البريطانية بول آدمز هزيمة المرشحة الديمقراطية مارثا كوكلي بأنها quot;ضربة مهينة للديمقراطيين وأجندتهمquot; ، وهدية لا يريدها اوباما بمناسبة مرور عام على تنصيبه.
وكان الرئيس الاميركي قد حافظ خلال الأشهر الثلاثة الاولى من ولايته على نسبة تأييد تقرب من 70 في المئة، لكنّها تراجعت باطراد منذ ذلك الحين الى 53 في المئة.
ويلاحظ مراقبون ان اوباما قدم العديد من الوعود لكنه لم يغلق أيًّا من الملفات الرئيسة، سواء أكان ملفمعتقل غوانتانامو أم اصلاح نظام الرعاية الصحية أم حتىتحقيق تقدم ملموس في ملفات الهجرة أو الطاقة الصديقة للبيئة.اما اجندته في مجال السياسة الخارجية التي علق عليها العالم آمالاً عريضة، فإنَّ تنفيذها كان متعثرًا في احسن الأحوال، بحسب هؤلاء المراقبين.
العراق وافغانستان
في ملف العراق كسبت حملة اوباما رصيدًا كبيرًا من الأصوات على اساس تعهده بانهاء الحرب في العراق التي سماها quot;النزاع الخطأquot;. وكانت الحرب الصائبة هي حرب افغانستان التي قال اوباما إنها لاقت إهمالاً في عهد الرئيس بوش.
وما زال اوباما ملتزمًا بخفض القوات الاميركية من 120 الف جندي الى 50 الفًا بحلول نهاية آب/اغسطس المقبل ورحيل جميع القوات قبل نهاية 2011. ويقول المعلق ديفيد ازبورن في صحيفة الاندبندنت ان اوضاع العراق تبقى محفوفة بمخاطر الانتكاس، متوقعًا ان تكون انتخابات آذار/مارس المقبل امتحانًا عسيرًا وتحديًا كبيرًا.
0 |
بقدر تعلق الأمر بافغانستان، أكّد اوباما مجددًا قبل ستة اسابيع دعمه للحرب ضد طالبان بدفع 30 الف جندي اضافي فيما كُثفت عمليات الطائرات الاميركية من دون طيار فوق غرب باكستان.
ولكن الأنباء السارة من افغانستان كانت شحيحة في الآونة الأخيرة وخسائر القوات الاميركية والاطلسية تستمر في التزايد.وفي ضوء هذا الوضع، تُثار علامات استفهام كبيرة عن اعلان اوباما الشروع في سحب القوات من افغانستان بحلول منتصف 2011.
غوانتانامو
تعهد اوباما قبل ان تطأ قدمه عتبة المكتب البيضاوي بغلق معتقل غوانتانامو في غضون عام واصفا المعتقل بأنه خير أداة يمكن ان يراهن عليها تنظيم القاعدة لتجنيد عناصر في صفوفه.
ولكن سجن غوانتانامو ما زال مفتوحًا، وتراجع البيت الأبيض عن وعده عندما أصبح واضحًا ان غلق المعتقل لن يكون سهلاً. وناشد اوباما دولا اجنبية ان تأخذ نزلاء المعتقل ولكن ما من دولة عمليا فتحت ابوابها لاستقبال احد منهم.ويرى مراقبون ان اوباما يستطيع غلق هذا الملف إذا أُتيح له بعض الوقت مشيرين الى إعداد سجن يقع في ركن منعزل من ولاية الينوي لاستقبال بعض المعتقلين.
السياسة الخارجية
استثمر اوباما محصلة سلبية للغاية في مجال السياسة الخارجية لصالح برنامجه خلال الحملة الانتخابية. فان بوش استعدى بقية العالم على الولايات المتحدة وحان الوقت لتغيير صورتها. وتعهد اوباما بأن يشمل ذلك التحادث مع الأعداء القدامى، بمن فيهم ايران، واقناع اسرائيل والفلسطينيين بالاستماع الى صوت العقل واستئناف عملية السلام.
وفاز الرئيس الاميركي بجائزة نوبل للسلام رغم ان لا احد يعرف على وجه التحديد لماذا مُنحت له. وكانت ثمار السياسة الجديدة التي اعلنها اوباما ذات نكهة طيبة حتى قبل نضوجها. ومن المؤكد ان الدبلوماسية العالمية تعمل في اجواء أفضل منذ رحيل بوش.ولكن السؤال الذي يتبادر الى الذهن هو ما الذي تحقق في ملف النزاع الاسرائيلي الفلسطيني وعملية السلام في الشرق الأوسط عموما، ويمكن طرح السؤال نفسه بشأن الملف الايراني وكوريا الشمالية.
التغير المناخي
احدى الجبهات التي عمل عليها اوباما لتجاوز تركة سلفه بوش كانت تقريب موقف الولايات المتحدة من الاتجاه السائد في اوساط الرأي العام العالمي واتخاذ خطوات جادة للحد من ظاهرة الاحتباس الحراري والتغير المناخي.
وكان اوباما صاحب الدور الرئيسي في اتفاق اللحظة الأخيرة بين مجموعة من البلدان المهمة التي تعهّدت بالإعلان عن اي تقدم يتحقق في الالتزام بالسقف الجديد لانبعاثات ثاني اوكسيد الكاربون.ولكن مساهمة اوباما في مؤتمر كوبنهاغن لا تخفي السجل المخيب داخليًّا في هذا المجال.
فقد تعهد اوباما بتشريع قانون يضع حدودًا ملزِمة للانبعاثات ومر مشروع القانون في مجلس النواب لكنه تعطل في مجلس الشيوخ حيث ما زال عالقًا.
الممارسة السياسية الداخلية
وعد اوباما خلال الحملة الانتخابية بإشاعة اجواء جديدة في واشنطن حيث لن يبقى مكان للمحسوبية وسيتعيّن على جماعات الضغط ان تجد لها مصدر رزق آخر خارج الكونغرس ، وتختفي المناورات السياسية من اجل مصالح حزبية ضيقة. ولكن تقدمًا ملحوظًا لم يتحق في اي من هذه الملفات، ويرى محللون ان هذا واحد من اسباب هبوط شعبيته.
نظام الرعاية الصحية
كان اصلاح نظام الرعاية الصحية هدفًا اخفق رؤساء اميركيون في تحقيقه على امتداد عقود. ولكن اوباما وضعه في مقدمة اهدافه خلال الحملة الانتخابية متعهِّدًا بشمول جميع الاميركيين بالتأمين الصحي.
ولكنّ محللين يرون ان اصلاح نظام الرعاية الصحية استأثر بجهود الادارة والكونغرس على حساب القضايا الأخرى، وبعد 12 شهرًا من هذه الجهود ما زال الاميركيون ينتظرون تشريع القانون.صحيح ان كلا من مجلس النواب ومجلس الشيوخ مرر نسخته الخاصة من القانون وان قانونًا مشتركًا يمكن ان يوضع على طاولة اوباما لتوقيعه، ولكن العراقيل ما زالت كبيرة في طريقه.
الاقتصاد
بدأ اوباما يتقدم بوثبات على منافسه الجمهوري جون ماكين في الشوط الأخير من الحملة الانتخابية لأن سياساته الاقتصادية كانت تبعث على الاطمئنان أكثر وبدا أحسن عدة وإعدادًا من ماكين لإنعاش الاقتصاد.وقد يجادل بعض الاقتصاديين ان محفزات اوباما التي رصد لها 787 مليار دولار انقذت الولايات المتحدة من ركود أشد وطأة بكثير مما كانت تواجهه.
ولكن تعافي الاقتصاد الاميركي ما زال بطيئًا وسيتعيّن على اوباما ان يفعل المزيد وعلى وجه السرعة لتحسين الاحصاءات الوحيدة التي حقًّا تهم الاميركيين كافة ، وهي ارقام فرص العمل. وكانت خطوة اوباما هذا الشهر لفرض ضريبة خاصة على المصارف تهدف الى تبديد الانطباع بأن اجراءاته انقذت حيتان وول ستريت ولكنها لم تفعل شيئًا يُذكر لمتوسط المواطن الاميركي.
لعل من المتوقع ان تتراجع شعبية اوباما بسبب سجله في هذه الملفات بين الجمهوريين حيث انخفضت بمقدار النصف تقريبًا الى 20 في المئة في نهاية العام.
ونعته يمين الجمهوريين بالنازية والاشتراكية لمحاولته توسيع الضمان الصحي الى جميع فئات الشعب الاميركي واتهمته شبكة فوكس بتعريض اميركا الى الخطر لسعيه الى ترميم علاقاتها مع العالم واعلانه إغلاق معتقل غوانتانامو، بل ان بعضهم في اوساط اليمين حتى شكك في شرعية انتخابه، مدَّعيًا ان اوباما ليس من الاميركيين الاقحاح.
ولكن اشد الانتقادات ايلامًا جاءت من الأوساط التي اسهمت في وصول اوباما الى البيت الأبيض. وابدى سياسيون كبار على يسار الحزب الديمقراطي قلقًا متزايدًا من غياب تغيير حقيقي يمكن ان يلمسه المواطن الاميركي ويؤمن به، ولا سيما في قضايا عزيزة على الناشطين الليبراليين مثل قانون التأمين الصحي وحروب اميركا في الخارج.
وينظر الليبراليون بسخط الى قرار اوباما الرضوخ لمطلب المؤسسة العسكرية بارسال عشرات الألوف من القوات الاضافية الى افغانستان.وقد تحداه في قراره هذا اعضاء في الكونغرس كانوا من أصلب مؤيدي الرئيس، منهم رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي التي قالت ان على الرئيس ان يقدم مسوغات مقنعة لزيادة القوات قبل ان تمحضه تأييدها.
تنقل صحيفة الغارديان عن لاري ساباتو استاذ العلوم السياسية في جامعة فرجينيا قوله ان من المتوقع ان يشعر الكثير من الليبراليين بأن اوباما خذلهم لأنهم علقوا على اوباما آمالاً لم يتعهد قط بتحقيقها. وقال ساباتو quot;ان ورقة اوباما القوية خلال الحملة الانتخابية تتمثل في انه كان لوحًا ابيض كتب عليه الناس ما ارادوا كتابته. وكان هذا يصح على المعتدلين والمستقلين بل وحتى بعض الجمهوريين، وكان يصح بكل تأكيد على اليسار. كان اوباما كل شيءquot;.
التعليقات