يشتكي فريق عمل من الأكاديميين والمسؤولين السابقين في الولايات المتحدة الأميركية من ضعف تجاوب إدارة الرئيس أوباما مع مساعيهم التي تتمّ بعيدا عن دائرة الضوء، للضغط على النظام المصريّ من أجل تعزيز الإصلاح السياسي ودعم الديمقراطية.


القاهرة: وسط جدل مستمر حول ما يسمى بالتوريث على الساحة السياسية المصرية ، ودبلوماسية هادئة تتبعها إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما مع القاهرة، يكافح فريق عمل من الأكاديميين والمسؤولين السابقين في الولايات المتحدة من وراء الكواليس لتركيز اهتمام صناع القرار في واشنطن نحو تعزيز الإصلاح السياسي ودعم الديمقراطية في مصر.

بيد أن جهود هذا الفريق يواجه تحديات في تحقيق هذا الهدف في ظل لا مبالاة من الإدارة الأميركية حول ما يجري في مصر.

ويقول بوب كاغان وهو مؤرخ وباحث كبير في مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي إن quot;القلق إزاء القضايا المحيطة بالخلافة والحريات السياسية وحقوق الإنسان في مصرquot;، كان الدافع وراء عمل الفريق.

وولد فريق العمل الأميركي حول مصر في شهر فبراير / شباط الماضي عندما تلاقى قلق بوب كاغان مع ميشيل دان، المسؤولة عن نشرة quot;الإصلاح العربيquot; التي تصدر عن معهد كارنيغي quot; في ظل عدم اهتمام أحد في الإدارة الأميركية الجديدة إزاء الأوضاع في مصر quot; بحسب قوله.

وضع كاغان يده في يد دان وسعيا معا لجذب قائمة من الباحثين المهتمين بالشأن المصري للعمل معهم، ونجحا بالفعل في جذب عدد من الباحثين والمسؤولين الأميركيين السابقين ممّن quot;شعروا بأن هناك شيئا يحتاج إلى عناية واهتمام quot; بحسب دان.

ويضم الفريق حاليا إضافة إلى كاغان ودان شخصيات نافذة من بينها توماس كاروثرز من مؤسسة كارنيغي، واليوت ابرامز من مجلس العلاقات الخارجية ، وبريان كاتوليس من مركز التقدم الأميركي، وتوم مالينوفسكي من هيومان رايتس ووتش، وسكوت كاربنتر من معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، وألين بورك من مبادرة السياسة الخارجية، دانيال كالينجيرت من فريدوم هاوس، وآخرين.

وكان أول شيء فعله الفريق هي رسالة وجهت إلى هيلاري كلينتون وزيرة الخارجية في مايو / أيار الماضي حثتها على تشجيع الإصلاح الديمقراطي في مصر وإقناع الرئيس حسني مبارك برفع حالة الطوارئ فورًا مع اقتراب الانتخابات البرلمانية، واتخاذ خطوات ايجابية بإطلاق سراح المعتقلين لأسباب سياسية.

وأعرب الفريق عن قلقه في الخطاب إزاء الدبلوماسية الهادئة التي تتبعها الإدارة الأميركية مع مصر والتي quot; لم تؤت ثمارها quot; بحسب قولهم، مطالبين باتخاذ إجراءات فاعلة ومؤثرة، واستغلال ما تملك من نفوذ لتحقيق هذه المطالب، باعتبارها شريكا إستراتيجيا ومساهما رئيسا في المساعدات المقدمة إلى مصر.

وجاء هذا الخطاب بعد تمديد الحكومة المصرية حالة الطوارئ لمدة سنتين على الرغم من وعود الرئيس مبارك منذ العام 2005 بوضع حد لهذا القانون واستبداله بقانون محدود لمكافحة الإرهاب.

ووصف الخطاب التغييرات التي أجرتها الحكومة على نص القانون بأنها quot;طفيفة لتهدئة الانتقادات الموجهة إلى الحكومة ولن تغير الجو القمعي الذي صنعه قانون الطوارئquot;.

ويعتقد الفريق أن مصر مع قرب الانتخابات البرلمانية، تمتلك فرصة نادرة لإعادة وضع نفسها على الطريق نحو إصلاح ديمقراطي حقيقي، من خلال قيامها ببعض التغييرات الإدارية، التي لا تتطلب بالضرورة تغييرات في القوانين أو الدستور ، مثل السماح بحرية الحملات الانتخابية والمراقبة الدولية والمحلية للانتخابات هذا العام، وإبقاء قوات الأمن بعيدا من مراكز الاقتراع، والامتناع عن ممارسة العنف ضد النشطاء والمتظاهرين.

يقول كاغان quot;نحن قلقون ..اذا لم تهتم الولايات المتحدة بصورة جادة، ستكون الانتخابات البرلمانية هذا العام والانتخابات الرئاسية في 2011 في مصر اقل من حيث النزاهة والشفافية من تلك التي جرت في 2005 quot;وبدلا من أن تتقدم تدريجيا على طريق الإصلاح المرغوب فيه، ستنزلق إلى الوراء نحو السلطوية المتزايدة.quot;

وعلى الرغم من أن وزيرة الخارجية الأميركية ردت على الرسالة ، قائلة إن الإدارة quot;ملتزمة تماما بدفع عملية الإصلاح السياسي في مصرquot; , إلا أن دان تقول إن quot;الإدارة ليس لديها أي نوع من الإستراتيجية لتنفيذ ذلك ولا تشغل نفسها بما فيه الكفاية للتفكير في إيجاد حوافز أو عقوبات، وتضيف: quot;أنا لا أرىأي شيء من جانبهاquot;.

ويكثف الفريق جهوده خلف الكواليس لتغيير ذلك، فمنذ تأسيسه اجتمع أعضاء من الفريق مع مسؤولين في الإدارة ومن الكونغرس في الكابيتول هيل ، في لقاءات رسمية وغير رسمية. تستطرد دان بقولها quot; لدينا شخصيات بوجهات نظر سياسية مختلفة، وكل شخص في المجموعة لديه اتصالاته الخاصة وهذا يعطينا القدرة على الوصول إلى الكثير من المسؤولين من انتماءات شتى.quot;

لكن ثمار هذه الجهود تبدو قليلة على حد تعبير دان قائلة quot;هناك الآن درجة جيدة من الاهتمام فى الكابيتول هيل وخاصة من جانب مجلس الشيوخ عن الإدارة quot; مشيرة إلى مشروع قرار قدمه السيناتور راسل فاينغولد quot;لدعم الديمقراطية وحقوق الإنسان والحريات المدنية في مصرquot;.

وتضيف دان التي استقرت فترة طويلة في مصر quot;لا يبدو الفارق الذي صنعته جهودنا واضحا اذ لا يوجد حتى الآن ما يدل على أن هناك خططا لدى أوباما أو كلينتون بشأن الضغط على القاهرة لكن جهودنا متواصلة تجاه حكومتنا ..هذا هو دورنا كمواطنين أميركيين ومعنيين بالسياسة الخارجية للولايات المتحدة quot;.

وأعطت دان مبررا لذلك قائلة: quot;المشكلة مع هذه الإدارة أنها بدأت من تحت الصفر..هناك تحسن لكن بطيء بيد أن هناك سببا للتفاؤل مع الأعضاء الجدد في الإدارة الذين يريدون سياسة جديدة تجاه مصرquot;.

وتضيف أن الفريق يتبنى نهجا معتدلا quot;نحن لا نقول قطع العلاقات ولا نقول قطع المساعدات.. ندعو الولايات المتحدة فقط بأن تبدي اهتماما جادا بمصر واستخدام أي نفوذ لديها لتشجيعها لضمان المزيد من الحريات السياسية ومزيد من الحقوق المدنية للشعب المصريquot;.

وأعربت عن أملها في دفع الإدارة للتركيز على مصر :quot;إدارة أوباما على مسافة بعيدة من حيث ما يجب أن تكون إزاء مسألة حقوق الإنسان في مصر ، ونأمل جهودنا أن تدفع في الاتجاه الصحيحquot;.