فيما بدأت بغداد تستعيد حياتها الطبيعية اليوم إثر 16 انفجارًا هزّها الليلة الماضية أدت إلى مصرع وإصابة حوالى 400 مواطن، قرر رئيس السنّ لمجلس النواب العراقي فؤاد معصوم استئناف جلسات المجلس المتوقفة منذ منتصف حزيران (يونيو) الماضي لانتخاب رئيس المجلس ونائبيه.


بدأت تحاول العاصمة العراقية اليوم استعادة حياتها الطبيعية حيث باشرت المحال التجارية فتح ابوابها بينما توجه العاملون الى اداراتهم ودبت الحياة في المدينة التي عاشت ليلة مرعبة نتيجة 16 انفجارا بسيارات مفخخة وصواريخ وعبوات ناسفة ادت الى مصرع 64 عراقيا واصابة 360 اخرين غادر حوالى 300 منهم المستشفيات بعد تلقي العلاج كما ابلغ مواطنون اتصلت بهم quot;ايلافquot; صباح اليوم . واتهم رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي تنظيم القاعدة والبعثيين بتدبير هذه الانفجارات التي وصفها بأنها سياسية بامتياز محذرا افراد القوات المسلحة من التقاعس عن تنفيذ الاوامر بالتصدي للمسلحين وقال ان ذلك سيجعلهم شركاء مع الارهابيين ويعرضهم لاقصى العقوبات . واكد المالكي عقب ترؤسه اجتماعا للقيادات الامنية اتخذت فيه قرارات باجراءات امنية جديدة واعادة النظر بالخطط الامنية لمواجهة المسلحين وذلك بعد ساعات من وقوع التفجيرات عزمه quot;على الضرب بقوة وحزم وملاحقة القتلة والمجرمين ومن يحاول العبث بأمن البلاد وإثارة الفتنة الطائفيةquot;.

وفي هذا الوقت تلقى الرئيس جلال طالباني مكالمة هاتفية من نائب الرئيس الأميركي جوزيف بايدن تم خلالها بحث آخر المستجدات على صعيد تشكيل الحكومة وانعقاد الجلسة المقبلة لمجلس النواب لهذا الغرض.

واعرب بايدن عن أمله في أن يتم تشكيل الحكومة بأسرع وقت وأن تكون حكومة شراكة وطنية واسعة تضم ممثلي جميع الأطياف السياسية العراقية. وأيد طالباني من جانبه شمول الحكومة المقبل جميع مكونات وأطراف الشعب العراقي مشيراً إلى أن الاجتماعات المتوالية التي تعقد في إطار مبادرة رئيس إقليم كردستان الرئيس مسعود بارزاني تحرز تقدماً ملموساً و يمكن أن تسفر عنها نتائج تسمح بالدعوة إلى اجتماع مجلس النواب عما قريب.

وأشار إلى أهمية مراعاة رأي المحكمة الاتحادية سواء بشأن مواعيد عقد الجلسة أم تحديد الكتلة الأكبر عدداً المنصوص عليها في الدستور العراقي وفي ضوء ذلك يجب أن يتم بسرعة تقديم مرشح لرئاسة مجلس النواب وانتخاب رئيس الجمهورية الذي توافقت عليه أغلب القوى البرلمانية. وفي ختام المكالمة تم التأكيد على استمرار التواصل من أجل تعزيز العلاقات المشتركة بين البلدين .

دعوة مجلس النواب للانعقاد
وفي هذه الظروف الحرجة وجه معصوم صباح اليوم دعوة رسمية الى النواب العراقيين للاجتماع صباح الاثنين المقبل . وقال في دعوته quot; التزاما بقرار المحكمة الاتحادية الصادر في 24/10/2010 والقاضي بضرورة إنهاء الجلسة المفتوحة لمجلس النواب في دورته الحالية ..أدعو جميع أعضاء مجلس النواب للحضور إلى مبنى المجلس الساعة الحادية عشرة من صباح يوم الاثنين الموافق 8/11/2010 وذلك لانتخاب رئيس المجلس ونائبيهquot;.
وسينعقد المجلس في ظروف خلافات كبيرة بين الفرقاء السياسيين حول رئاسة الحكومة المقبلة التي تتنازع عليها اكثر من كتلة وتحالف سياسي وسط انهيارات امنية خطرة شهدتها البلاد خلال الايام الثلاثة المقبلة على الخصوص والتي شهدت خلالها الهجوم على كنيسة سيدة النجاة وسط بغداد الاحد ومقتل 25 شخصا واصابة 72 اخرين اثر اقتحام القوات العراقية لتحرير الرهائن الذين احتجزهم ثمانية مسلحين تابعين لتنظيم دولة العراقية الاسلامية احد اذرع تنظيم القاعدة الذي اعلن مسؤوليته عن العملية .. اضافة الى تفجيرات الليلة الماضية التي ضربت احياء شيعية في محيط العاصمة العراقية التي اغلقت منافذها الرئيسة امس وفرض حظر تجوال جزئي على بعض مناطقها .

وأدانت الولايات المتحدة الاميركية اليوم الهجمات المسلحة التي وقعت في بغداد امس وقال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي مايك هامر في بيان صحافي quot;ان الولايات المتحدة تدين بشدة أعمال العنف الشرسة التي شهدتها بغداد يوم الثلاثاء التي جاءت نتيجة لعدة هجمات إرهابية أدت إلى مقتل العشرات من العراقيين الأبرياء واصابة المئات الآخرين بجروحquot;. واعرب عن التعاطف العميق quot;مع أسر الضحايا وجميع العراقيين الذين يعانون الإرهاب ونحن على ثقة بأن شعب العراق سيبقى صامدًا في وجه المتطرفين رافضاً مساعيهم لإثارة التوتر الطائفيquot;.
وشدد بالقول quot;لن توقف هذه الهجمات مسيرة التقدم في العراق وان الولايات المتحدة تقف إلى جانب شعب العراق كما أنها لا تزال ملتزمة بشراكتها القوية والطويلة الأمد معهquot;.

وعلى صعيد الدعوة لانعقاد مجلس النواب فقد اكد مصدر عراقي صعوبة انتخاب رئيس لمجلس النواب ونائبين له نتيجة الخلافات التي تعصف بين الكتل السياسية . واشار في تصريح لquot;ايلافquot; انه في حال عدم الاتفاق على اختيار رئاسة المجلس هذه فإنه سيتم الاثنين اختيار رئيس موقت لتسيير الجلسات لحين حل مشكلة الرئاسات . وتوقع ان لايتم تشكيل الحكومة الجديدة قبل نهاية العام الحالي وهو ما يتطلب اشهرا اخرى للاتفاق على توزيع الحقائب الوزارية على الكتل الفائزة الامر الذي سيعني ان الحكومة الجديدة لن ترى النور الا مطلع العام المقبل على اقل تقدير.

وكان معصوم قال في وقت سابق انه يسعى الى التوصل إلى اتفاق بين جميع الكتل الفائزة في الانتخابات على موعد محدد لاستئناف الجلسات من اجل ضمان عدم مقاطعة اي منها او عدم تحقق النصاب القانوني للجلسات الامر الذي سيعطلها مجددا . واكد ان عدم اكتمال النصاب القانوني في جلسة المجلس المقبلة سيدخل البلاد في أزمة جديدة موضحا أن نصاب الجلسة المقبلة يجب أن لا يقل عن نصف عدد الأعضاء مجلس النواب البالغ 325 زائدا واحدا حيث انه في غياب النصاب القانوني فلن يتم انتخاب رئيس للمجلس ونائبيه .

ويأتي الاجتماع المقبل للبرلمان وسط انتقادات حادة للنواب الذين يحصلون على مرتبات ومخصصات عالية رغم البطالة التي يعيشونها منذ 8 اشهر وعدم ادائهم واجباتهم الدستورية رغم انتظار حوالى 150 مشروع قرار مهم للمصادقة عليها . وكانت المحكمة الاتحادية قررت الاحد الماضي انهاء الجلسة المفتوحة للبرلمان منذ الرابع عشر من حزيران الماضي واستئناف الجلسات خلال اسبوعين .

وينص الدستور العراقي على أن يجري في أول جلسة للبرلمان انتخاب رئيسه ونائبين له وبالأغلبية المطلقة لعدد أعضاء مجلس النواب وعبر الانتخاب السري المباشر ومن ثم يجري انتخاب رئيس للجمهورية ويكلف الأخير رئيس الكتلة النيابية الأكبر بتشكيل الحكومة بحسب المادة 76 من الدستور وإذا لم يعقد البرلمان جلساته خلال 30 يوما يعتبر منحلا.
وجاء قرار المحكمة اثر تصاعد المطالبات الشعبية وخروج تظاهرات حاشدة في العديد من المدن العراقية مستنكرة تعطيل مجلس النواب الذي عقد جلسة واحدة قصيرة واحدة.
ورفعت منظمات مدنية ضد رئيس مجلس النواب الموقت للمطالبة باحترام الدستور وانهاء جلسة البرلمان المفتوحة واعادة الاعتبار للدستور الذي انتهكته الكتل السياسية لا سيما في ما يتعلق بالجلسة الاولى بعد الانتخابات الاخيرة معتبرة ان quot;الدعوىquot; تؤسس لتقاليد مدنية في الاحتجاج بعيدا عن العنف.
ويأتي استئناف جلسات مجلس النواب وسط سخط شعبي من تعطل جلساته وعدم قيام اعضائه بأي مهام لهم منذ ثمانية اشهر حين تم انتخابهم خلال الانتخابات التشريعية العامة التي شهدتها البلاد في السابع من اذار (مارس) الماضي.

فقد كلفت مرتبات النواب العراقيين البالغ عددهم 325 عضوا الدولة رغم عدم ادائهم أية مهمات طوال الاشهر الثمانية الماضية حوالي 70 مليون دولار . ويبلغ مجموع ما يتقاضاه النائب شهريا حوالى 30 الف دولار تتضمن مرتبه البالغ حوالى 12 الف دولار .. تضاف اليها مخصصات الحماية والسكن . وكانت جلسة البرلمان الافتتاحية قد استمرت 17 دقيقة ادى فيها النواب الجدد اليمين الدستورية وبقيت الجلسة مفتوحة حتى الان حيث تعد مرتبات النواب العراقيين ضمن مرتبات النواب الاعلى في العالم .

وقد أثارت ضخامة المرتبات والمخصصات التي يتقاضها النواب العراقيون والتي تعتبر الاعلى في العالم انتقاد رجال دين اعتبروها فحشا ومال حرام لانهم يتقاضونها من دون جهد او عمل نتيجة تعطل جلسات البرلمان. فقد اعتبر ممثل للمرجع الشيعي الاعلى في العراق آية الله السيد علي السيستاني مرتبات ومخصصات النواب العراقيين بأنها عالية وغير معقولة وزائدة عن الحد المفترض . وطالب النواب بتخفيضها وصرفها على انشاء مشاريع تصب في خدمة المواطن والبلد موضحا انه خلال السنوات المقبلة ستكلف هذه المرتبات والاخرى للوزراء وذوي الدرجات الوظيفية العليا خزينة البلاد حوالى 12 مليار دولار.

وناشد ممثل السيستاني خطيب جمعة كربلاء السيد احمد الصافي النواب مناقشة الزيادة في مخصصاتهم وتقليلها إلى أدنى مستوى ممكن . ودعا الى quot;معالجة هذا الفحش الكبير في المرتبات والمخصصات وإيصالها إلى حد معقول وان يمارس النواب دورهم بشكل طبيعي أما أن نبقي الوضع كما هو عليه وان نشرع شيئا لمجرد المنفعة الشخصية البحتة فإن هذا الكلام غير صحيحquot; .
من جانبه اعتبر امام جمعة النجف هذه المرتبات والمخصصات غير قانونية ومخالفة للنظم الديمقراطية في كسب المال دون مقابل . وشدد على ان هذه الاموال تعتبر حراما وسحتا من الناحية الشرعية لان النواب حصلوا عليها من دون القيام بأي جهد او عمل . وقال آية الله ياسين الموسوي انه وفقا للشريعة الإسلامية يعتبر أخذ المال دون مقابل أو مجهود حراما شرعا منوها بان النواب كانوا يجلسون في بيوتهم طوال الاشهر الماضية ويتلقون مرتبات ومخصصات عالية من دون اي جهد او عمل يقومون به لصالح مواطنيهم الذين انتخبوهم .

ولم تتمكن الكتل الفائزة في الانتخابات وهي القائمة العراقية الحاصلة على91 مقعداً ودولة القانون على 89 مقعداً والائتلاف الوطني على 70 مقعدا وائتلاف القوى الكردستانية على 57 مقعدا من مجموع مقاعد مجلس النواب البالغة 325 مقعدا من التوصل الى اتفاق على الشخصية التي تشكل الحكومة المقبلة على الرغم من مرور ثمانية اشهر على الانتخابات العامة في البلاد التي جرت في السابع من اذار الماضي .