يعتقد سياسيون لبنانيون من الموالاة والمعارضة، أنّ دعوة العاهل السعوديّ الملك عبد الله بن عبد العزيز للقوى السياسية في العراق إلى الاجتماع في الرياض لبحث سبل تشكيل الحكومة، ستنعكس إيجاباً على الداخل اللبناني وتساهم في إيجاد الحلول للازمة الراهنة.


بيروت: بعد موجة التفاؤل التي أشاعتها على الساحة اللبنانية دعوة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز القيادات والقوى السياسية في العراق إلى الاجتماع في المملكة العربية السعودية بعد عيد الأضحى المبارك للتفاهم والاتفاق على تشكيل حكومة وحدة عراقية، إذ بهذه الموجة تنحسر بعض الشيء أمس نتيجة الردود السلبية التي قوبلت بها هذه الدعوة من قبل أطراف وهيئات داخل العراق أعلنت رفضها الاستجابة لها.

وكان رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري أول من عبر عن ترحيبه بمبادرة العاهل السعودي معلناً أنها جرت بالتنسيق مع الرئيس السوري بشار الأسد، متوقعاً أن تنعكس إيجاباً على الداخل اللبناني وتساهم في إيجاد الحلول للازمة الراهنة.

وقد شاطره في ذلك عدد من المسؤولين والنواب في كل من فريقي 14 آذار والمعارضة.

هذا ولم يخف نائب بارز في كتلة quot;المستقبلquot; أن تكون الأمور في لبنان عادت إلى نقطة الصفر خصوصاً بعد صدور اعتراضات عراقية على دعوة الملك عبد الله بن عبد العزيز حيث لا تلوح في الأفق أي بوادر لانفراج وشيك متوقعاً أن تعمل المساعي السورية السعودية على إرجاء البحث في جلسة مجلس الوزراء المقبلة في ما يسمى بموضوع quot;شهود الزورquot; أسبوعا آخر على الأرجح افساحاً للمجال أمام المزيد من المشاورات والاتصالات لمعالجة الوضع المضطرب في لبنان خصوصاً بعد طلب الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله من السلطات الرسمية والشعبية عدم التعاون مع التحقيق الدولي الخاص بجريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري وتصنيفه كل متعاون مع هذا التحقيق بـquot;المعتديquot; على المقاومة اللبنانية.

وكشف النائب البارز في كتلة quot;المستقبلquot; لـ quot;إيلافquot; انه خلافاً لما يحكى عن التداول في أفكار تجنب الصدام المرتقب في جلسة مجلس الوزراء بعد غد الأربعاء فإن الخلافات بين وزراء الأكثرية والمعارضة حول إحالة قضية quot;شهود الزورquot; على المجلس العدلي ما زالت على حالها خصوصاً إذا ما طرحت على التصويت مع ما يعني ذلك من إحراج وكشف أوراق يدفع إليهما الوزراء المحسوبون على كل من رئيس الجمهورية (وعددهم خمسة) ورئيس اللقاء الديمقراطي النائب وليد جنبلاط (وعددهم ثلاثة)، من دون أن يعرف ما سيكون عليه موقف رئيس الحكومة سعد الحريري في حال جاءت نتيجة التصويت مرجحة لكفة الإحالة على عدمها بعد أن ذكرت معلومات صحافية أن الأخير يعتزم الانسحاب من الجلسة قبل البدء بعملية التصويت الأمر الذي سيؤدي إلى تعطيل الجلسة وفتح الباب واسعاً أمام التساؤلات والتكهنات عما سيكون عليه شكل المرحلة المقبلة.

وخلافاً لهذه النظرة التشاؤمية يبدو رئيس البرلمان نبيه بري متمسكاً بإمكانية الخروج من quot;النفق المظلمquot; في نهاية المطاف متسلحاً بما لمسه من الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي خلال لقائه به في باريس الأسبوع الماضي من تجاوب لطروحاته ونظرته إلى المحكمة الدولية حيث تردد أن الأخير ابلغ ضيفه اللبناني أن فرنسا تدعم كل ما يتفق عليه اللبنانيون بما في ذلك الموقف من المحكمة وهذا ما يناقض الكلام الذي سمعه بري من وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير الذي أعلن دعمه للمحكمة ورفضه التدخل بعملها وشجبه العراقيل التي تعترض مسيرتها.

وعلمت quot;إيلافquot; أن السفير السوري لدى لبنان، علي عبد الكريم الذي يعتزم استضافة نظيريه السعودي والإيراني علي عواض عسيري وغضنفر ركن ابادي إلى مأدبة غداء يوم غد الثلاثاء، خرج بانطباع مريح بعد زيارته الرئيس بري يوم الجمعة الماضي إثر عودته من باريس، وقد نقل عنه قوله انه رغم الأجواء الضبابية التي تخيم على لبنان فان ثمة فسحة آمل تلوح في الأفق أيضا نتيجة التواصل السوري ndash; السعودي والاتصالات النشطة بين طهران والرياض ناهيك عن النتائج الطيبة التي خرج بها الرئيس بري بعد زيارته العاصمة الفرنسية.

إلا أن النائب البارز في quot;المستقبلquot; الذي بلغه بدوره ما حققه بري في باريس يعتبر أن ذلك غير كافٍ لإحداث تبدل في المشهد اللبناني كما يدرج الكلمة المقتضبة الأخيرة للأمين العام لحزب الله في خانة توجيه الرسائل إلى دمشق والرياض وإبلاغهما بان صبر الحزب قد نفذ بعد ان أعطى الباحثين عن المعالجات الوقت الكافي منذ القمة الثلاثية التي انعقدت في بيروت في شهر يوليو (تموز) الماضي وجمعت إلى جانب العاهل السعودي الرئيس السوري الدكتور بشار الأسد والرئيس اللبناني العماد ميشال سليمان.

وفي هذا السياق برز أمس موقف لافت لحزب الله عبر عنه نائب أمينه العام الشيخ نعيم قاسم في حديث صحافي نفى فيه أن يكون الوزيران الممثلان للحزب في الحكومة أي وزير الزراعة حسين الحاج حسن ووزير التنمية الإدارية محمد فنيش في وارد تقديم استقالتهما منها مشدداً في الوقت نفسه على ضرورة البت في موضوع quot;شهود الزورquot;.

كما أن النائب علي عمار (حزب الله) خاطب الرئيس الحريري في حديث تلفزيوني ذكّر فيه بما اسماه quot;جلسات الفاكهةquot; التي كانت تنعقد بين والده الرئيس الراحل رفيق الحريري والأمين العام للحزب السيد حسن نصر الله للدلالة على مدى ما بلغته العلاقة بينهما من تطور وصفاء ، مؤكداً أن quot;ما من احد احرص على معرفة التحقيق في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري من السيد حسن نصر اللهquot;.

قد يكون في موقفي الشيخ قاسم والنائب عمار على حد قول أوساط سياسية متابعة ndash; مؤشراً على أن الوضع المضطرب مازال تحت السيطرة والعناية التي تؤمنها له مظلة quot;السين ndash; السينquot; حتى الساعة ، رغم تلويح رئيس تكتل التغيير والإصلاح النائب العماد ميشال عون ليل أمس بأنه سيقاطع quot;طاولة الحوارquot; المقرر عقدها في القصر الجمهوري يوم الخميس المقبل ما لم يصر إلى إحالة quot;شهود الزورquot; على المجلس العدلي .