أثار موقف الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله الأخير جملة تساؤلات في الأوساط السياسية والشعبية اللبنانيّة التي راحت تبحث عن كيفية تحقيق طلبه بمقاطعة المحكمة الدوليّة حال قصد المحققون أفراداً أو جهات لا يحظون بحماية الحزب وأنصاره لمنعهم من تنفيذ مهمتهم.


بيروت: ثمة إجماع على القول بأن لبنان دخل مرحلة صعبة وبالغة التعقيد بعد كلام الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله أمس، والذي طالب فيه بالمقاطقة الرسمية والشعبية للجنة التحقيق الدولية بعد الحادث الذي وقع لفريق من محققيها لدى زيارتهم الأربعاء الماضي عيادة نسائية في ضاحية بيروت الجنوبية.

وأثار موقف نصر الله هذا جملة تساؤلات في الاوساط السياسية والشعبية التي راحت تبحث عن كيفية تحقيق طلبه المذكور في حال قصد المحققون الدوليون أفراداً او جهات لا يحظون بحماية الحزب وانصاره لمنعهم من تنفيذ مهمتهم كما هو حال الطبيبة النسائية إيمان شرارة التي تبين ان الحزب كان وراء التصدي للمحققين الدوليين اللذين قصداها برفقة مترجمة بارساله مجموعة من النسوة الى المكان الذي يقصده ايضاً عدد من زوجات القياديين والمسؤولين في حزب الله كما كشف نصر الله في كلمته المقتضبة.

وإذا كان فريق التحقيق هذا قد واكبته قوة أمنية لبنانية لتأمين حمايته عملاً بالاتفاق الموقع بين لبنان والمحكمة الدولية والذي اشار اليه بوضوح وزير العدل ابراهيم نجار امس في معرض تعليقه على حادثة الضاحية ، فهنا يكمن quot;بيت القصيدquot; الذي يفسر ما عناه نصر الله بالمقاطعة الرسمية اي امتناع الدولة اللبنانية عن تأمين الحماية المذكورة، الأمر الذي يحول دون قيام المحققين الدوليين بعملهم .

وهذا يتطلب قراراً من مجلس الوزراء مما يعني ان كل ما قاله نصر الله بهذا الصدد مرهون بموقف الحكومة اللبنانية وهي التي عجزت حتى الساعة عن الاتفاق على كيفية معالجة الموضوع المسمى بـ quot;شهود الزورquot; حيث الخلاف محتدم بين وجهتي نظر واحدة لفريق 14 آذار تقول بعدم صلاحية المجلس العدلي النظر في هذه القضية وذهاب البعض فيه الى حد عدم الاقرار بوجود quot;شهود زورquot; ، والثانية لفريق المعارضة المتمسك باحالة الموضوع على المجلس العدلي من منطلق ان المضي به حتى النهاية كفيل باعادة المحكمة الدولية النظر في قرارها الظني كما انه يسهم في معرفة حقيقة من قتل الرئيس رفيق الحريري .

من هنا تتجه الأنظار لما سيكون عليه تصرف الرئيس الحريري ازاء ما ادلى به نصر الله خصوصاً ان الأخير الذي ابلغ الجميع quot;نفاذ صبرهquot; من المحكمة الدولية وضع خطاً أحمر للتعاطي معها مفاده ان كل متعاون مع هذه المحكمة التي تبعث بملفات اللبنانيين الشخصية والعلمية والطبية الى اسرائيل ndash; على حد قوله ndash; هو بمثابة quot;معتدٍquot; على المقاومة مع ما يحمل هذا التوصيف من معان وايحاءات لا تخفى خطورتها على احد.

هذا ولدى سؤال quot;إيلافquot; مسؤولاً بارزاً في حزب الله عما ستكون اليه خطوته المقبلة اجاب بان علينا الانتظار بعض الوقت قبل الانتقال الى المرحلة التالية .

عن هذه quot;المرحلةquot; راحت الاوساط السياسية المتابعة تستطلع معالمها حيث تعددت التحليلات التي تمحور معظمها حول الوضع الحكومي.

فهناك من يرى استحالة استمرار الحكومة الحالية مع الشروط التي وضعها نصر الله ، خصوصاً لجهة عدم التعاون مع المحكمة باعتبار ان في هذه الحكومة قوى متمسكة بالمحكمة وفي طليعتها رئيس الحكومة سعد الحريري الذي أكدت أوساطه، قبل كلام نصر الله الأخير ، ان لا تفكير لديه بالاستقالة مذكرة بما قاله قبل ايام بان في الاستقالة فراغ ودخول في المجهول كما في البقاء صعوبات ومشاكل . من هنا تطرح الاوساط المذكورة ما يجرى تداوله من سيناريوهات في مقاربة الوضع الحكومي منها اقدام وزراء المعارضة على التلويح باستقالتهم من الحكومة اذا لم يصر الى تحويل موضوع quot;شهود الزورquot; على المجلس العدلي في اول جلسة تعقدها الحكومة، او لجؤ رئيس الحكومة سعد الحريري الى الانسحاب من الجلسة وربما الى الاستقالة في حال جرى التصويت على الاقتراح ونيله غالبية الاصوات جراء انضمام الوزراء المحسوبين على رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان ورئيس اللقاء الديمقراطي النائب وليد جنبلاط الى القائلين بالاحالة الى المجلس العدلي كما يتردد .

إلا أن في الأوساط السياسية المطلعة من يستبعد هذا السيناريو وذاك مبدياً تخوفه من عدم انتظار الحريري طويلاً لـ quot;قلب الطاولة فوق رؤوس الجميعquot; .

كما طالب بذلك كاتبان سعوديان معروفان في كل من صحيفتي quot;الحياةquot; وquot;الشرق الأوسطquot; السعوديتين أيضا بحثهما الحريري على الاستقالة ، في وقت تتصاعد فيه الاصوات الدولية ، والأميركية منها بصورة خاصة، حاملة على quot;حزب اللهquot; وquot;سورياquot; وإيران محذرة الثانية من عواقب ما تقوم به في لبنان من تقويض لركائز الدولة ومؤسساتها كما جاء في البيان الذي ادلت به المندوبة الاميركية في مجلس الامن سوزان رايس أمس ، وفي تصريحات كل من مساعد وزيرة الخارجية الاميركية لشؤون الشرق الادنى السفير جفري فيلتمان ، ومبعوث الامين العام للامم المتحدة الى لبنان تيري رود لارسن الذي اعتبر quot;ان ما يجري في لبنان يمثل اخطر قضية تواجه الامن والسلام الدوليين اليومquot; ، محذراً من ان اي زعزعة لاستقرار لبنان سيكون لها آثار متتابعة على المنطقة كلها .

أمام هذا الوضع المضطرب يبقى السؤال الأبرز: من هي الشخصية السنية التي تجرؤ على خلافة الحريري في رئاسة حكومة هدفها إلغاء المحكمة الدولية ؟

وماذا عن قول الرئيس السوري الدكتور بشار الأسد بأن الحريري هو الأنسب للمرحلة الراهنة ؟