ارتفع منسوب التوتر في لبنان هذا الاسبوع بعد بث تقرير إعلامي يشير مجدداً إلى حصول محققين دوليين على أدلة تشير الى تورط حزب الله في اغتيال رئيس الوزراء السابق رفيق الحريري.

بيروت: يحبس اللبنانيون انفاسهم منذ تموز/يوليو حين اعلن الامين العام لحزب الله حسن نصر الله ان القرار الاتهامي المتوقع صدوره عن المحكمة الخاصة بلبنان سيوجه اصبع الاتهام في جريمة اغتيال رئيس الوزراء الاسبق الى عناصر في الحزب.

ويقول استاذ العلوم السياسية في الجامعة اللبنانية غسان العزي لوكالة الأنباء الفرنسية quot;الكل يشعر بالخطر، كاننا في فيلم بوليسي ننتظر فيه معرفة القاتلquot;. ويضيف quot;اللبنانيون على اعصابهمquot;. وسبق للحزب المسلح ان اعلن رفضه المسبق لقرار مماثل، داعيا الى وقف التعامل مع المحققين الدوليين، ما يثير مخاوف من احتمال اندلاع فتنة بين مناصري رئيس الوزراء السني سعد الحريري، نجل رفيق الحريري، ومناصري حزب الله.

وقتل رفيق الحريري مع 22 آخرين في 14 شباط/فبراير 2005 في تفجير شاحنة مفخخة في بيروت. وانشئت المحكمة الخاصة بلبنان بقرار من مجلس الامن الدولي العام 2007، وبدأت عملها في آذار/مارس 2009 في لاهاي، وهي مكلفة النظر بجريمة اغتيال الحريري وسائر الجرائم التي تلتها ويحتمل ان تكون مرتبطة بها.

وكان التلفزيون الكندي العام quot;سي بي سيquot; اثار بلبلة بعدما افاد الاثنين ان المحققين الدوليين توصلوا الى ادلة قوية على ان عناصر من حزب الله نفذوا عملية الاغتيال. واضاف التلفزيون الذي بث تقريرا مفصلا حول هذا التحقيق، انه حصل على نسخ من تقارير حول تحليل اتصالات بالهواتف الخليوية واتصالات اخرى متعلقة بالقضية تؤكد تورط تلك العناصر.

ورد المدعي العام لدى المحكمة الخاصة بلبنان دانيال بلمار على التقرير، معتبرا انه quot;قد يعرض حياة بعض الاشخاص للخطرquot;. واكد في بيان نشر على موقع المحكمة الدولية مساء الثلاثاء ان مكتبه يسعى لاصدار القرار الاتهامي في جريمة اغتيال الحريري quot;في المستقبل القريبquot;، علما ان المحكمة لم تحدد حتى الآن موعدا لصدور القرار.

ويتداول البعض في الاوساط السياسية اللبنانية معلومات مفادها ان القرار سيصدر بحلول نهاية العام الحالي. ويشكك المحللون في ان يؤدي توجيه المحكمة الدولية الاتهام الى عناصر قيادية في حزب الله، الى اندلاع موجة عنف مشابهة لتلك التي وقعت في ايار/مايو 2008 بين فريقي الحريري وحزب الله وقتل فيها حوالى 100 شخص. ووضعت تلك الاحداث البلاد على حافة حرب اهلية جديدة.

ويقول مدير معهد كارنيغي للشرق الاوسط بول سالم quot;من غير المحتمل ان يقوم حزب الله بخطوة تهدد السلم الاهليquot;. ويعتقد خبراء ودبلوماسيون ان ما قد يحدث في حال جرى بالفعل اتهام عناصر في حزب الله بالجريمة، هو ان يتجاهل الحزب قرار المحكمة والا يسلم عناصره.

ويوضح سالم quot;لا اعتقد ان الحكومة ستعتقل احداquot;، مضيفا quot;حزب الله يفكر الآن في انه يستطيع تجاوز مرحلة المحكمةquot;. وعكس رئيس الهيئة التنفيذية لحزب القوات اللبنانية سمير جعجع تفاؤلا حيال الوضع الامني، لكنه قال في تصريح لفرانس برس ان البلاد باتت تنزلق نحو جمود سياسي.

واوضح quot;اعتقد ان الحكومة ستبقى مشلولة (...) لكنني لا اعتقد ان شيئا سيحدث غير ذلك، لان اذا حدث غير ذلك لن يكون في مصلحة حزب اللهquot;. وهذا الوقت، يسعى قادة اقليميون للتوسط بين الاطراف المتصارعة في لبنان، بهدف تجنب اي انفجار للازمة.

وقد زار لبنان في الفترة الاخيرة العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز والرئيس السوري بشار الاسد ونظيره الايراني محمود احمدي نجاد وذلك بهدف احتواء التوتر. غير ان جهود الوساطة فشلت حتى الآن بسبب تعنت الفريقين ورفضهما التنازل. ويؤكد العزي رغم ذلك ان quot;الرياض ودمشق وطهران وغيرها من العواصم المعنية تعلم ان اي تدهور للاوضاع في لبنان سيطالهاquot;.