لقطة خارجية لمقر مجلس الأمة الكويتي

دخلت الأجواء السياسية في الكويت بين الحكومة والبرلمان نفق الأزمة السياسية على إثر التصعيد البرلماني المتعلق برفع الحصانة عن نائب في البرلمان، وهو إجراء طلبه القضاء، ولا علاقة للحكومة الكويتية به.


الكويت: تتجه العلاقة بين الحكومة الكويتية ومجلس الأمة نحو مسار جديد من التصعيد السياسي، في إطار علاقة متأزمة أساسا، رغم مسارعة الحكومة الى التأكيد مرارا أنها تمد اليد للتعاون مع البرلمان، الذي وجدت أطرافا فيه أن قضية رفع الحصانة البرلمانية عن النائب فيصل المسلم، تخدم مسار التصعيد مع الحكومة، الأمر الذي قد يقود في خطوة لاحقة الى إستقالة الحكومة الكويتية أو حل مجلس الأمة، وهي خطوة يريدها أكثر من نائب في البرلمان الكويتي قالوا صراحة أن الدعوة لإنتخابات مبكرة يعتبر مسعى لهم بسبب إمتلاك الحكومة لأغلبية برلمانية مريحة في مجلس الأمة الحالي الذي أنتخب في أيار/ مايو من العام الماضي.

رفع الحصانة

وبدأ مسار الأزمة الراهنة يتشكل مع تقديم النيابة العامة الكويتية طلبا الى الحكومة الكويتية برفع الحصانة عن النائب فيصل المسلم لتمكين القضاء من التحقيق معه، في قصية أقامها ضده بنك برقان، على خلفية قيام النائب في أحد جلسات مجلس الأمة بعرض شيك يخص البنك، وممهور بتوقيع الشيخ ناصر المحمد الصباح رئيس مجلس الوزراء، وهو الشيك الذي قال النائب المسلم أن الشيخ المحمد وقعه ومنحه لنائب سابق على سبيل المال السياسي، مقدما إستجوابا إليه في هذا الإطار، إلا أن الشيخ المحمد صعد الى منصة الإستجواب مفندا المحور الأساس في إستجواب المسلم في جلسة سرية، أفضت الى سقوط الإستجواب.

ويرىعدد كبير من النواب أن إحالة الحكومة لطلب القضاء الى البرلمان، للموافقة على رفع الحصانة، يعتبر إجراءا غير دستوري بسبب تصادمه مع المادة (110) من الدستور الكويتي الذي ينص على أن العضو لا يساءل أو يؤاخذ فيما يبديه من آراء أو أفكار في قاعة مجلس الأمة، أثناء جلسات البرلمان، أو اللجان التابعة إليه، إلا أن الأوساط القانونية الكويتية تؤكد بأن ما قام به المسلم من عرض للشيك يعد فعلا يستحق المساءلة القضائية، بسبب إضراره بمكانة وسلامة الجهاز المصرفي، وأن الحكومة لا تملك إبتداءا حق رفض إجابة طلب القضاء رفع الحصانة عن المسلم، وقبل ذلك أن الحكومة ليست طرفا في قضية بنك برقان ضد المسلم.

جلسة خاصة

وحتى ساعة إعداد هذا التقرير فإن ملامح الأزمة السياسية تتعمق أكثر فأكثر، وأن الحل الوحيد المتاح للخروج من نفق الأزمة الحالية هو عقد البرلمان الجلسة الخاصة يوم الإثنين المقبل، وتحضرها الحكومة الى جانب نصاب برلماني مكتمل، لإتمام عملية التصويت على رفع الحصانة عن النائب المسلم، وعندها يجاب طلب النيابة أو يسقط طبقا لقرار البرلمان، إلا أن أوساط الحكومة الكويتية تشير الى إحتمال ضئيل بشأن حضور الحكومة الكويتية لجلسة البرلمان الخاصة لموقف مبدئي أولا هو رفضها حضور أي جلسات خاصة لا يسبقها التنسيق والتشاور معها، أم الأمر الثاني فهو إنشغال وزراء الحكومة بمراسم وداع أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الصباح المتجه الى الإمارات لحضور أعمال قمة مجلس التعاون الخليجي على مستوى القادة، وهو ما يتعارض مع موعد جلسة البرلمان.

تكتل جديد

فيصل المسلم خلال عرضه الشيك على شاشة البرلمان العام الماضي

وفي حال فشل الجلسة الخاصة، وعدم حضور الحكومة، فإن تكتلا برلمانيا أطلق على نفسه إسم (إلا الدستور) ويتكون من 27 نائبا قد أعلن أنه سيذهب الى أقصى مدى يسمح به الدستور الكويتي، وإتخاذ إجراءات تصعيدية ضد الحكومة تتراوح بين الإستقالة الجماعية من البرلمان، أو توجيه إستجوابات الى أكثر من وزير في الحكومة الكويتية، بالإضافة الى اللجوء الى الشارع عبر عقد سلسلة ندوات جماهيرية في مختلف المدن الكويتية لشرح حقيقة الإعتراض البرلماني على رفع الحصانة عن نائب بسبب تعارض هذا الطلب بالذات مع الدستور، إذ ستوجه خلال هذه الندوات إتهامات للحكومة بالسعي الى تفريغ الدستور من محتواه، وترهيب النواب، وهي إتهامات تقول الحكومة الكويتية أنها لا تنجسم مع الواقع الموضوعي لمسار العلاقة بين الحكومة والبرلمان.

الإستقالة الجماعية

وخيار الإستقالة الجماعية من البرلمان بالذات بدأ يتنامى بقوة في الداخل الكويتي خلال الساعات القليلة الماضية، وهو إذا ما تأكد فإنه سيكون الأول من نوعه على هذا المستوى من حيث عدد النواب الملوحين به، إلا أن هذا الإجراء لا يقود تلقائيا الى جل مجلس الأمة، إذ أن الدستور الكويتي لم يعالج موضوع الإستقالة الجماعية، ولم ينص عليه، حيث أن الدستور يتحدث عن الإستقالات الفردية، والتي يحسم أمرها عبر الإنتخابات التكميلية للمقاعد الشاغرة، وهو أمر يرى معه الخبير الدستوري الكويتي الدكتور محمد المقاطع أن إستقالة النصف زائد واحد أي 26 عضوا من مجلس الأمة، هو أمر يقود الى الحل التلقائي للبرلمان، إلا أن المقاطع يستدرك أنه في حال إحتساب أعضاء مجلس الوزراء أعضاءا أيضا في مجلس الأمة فإن عدد 33 يصبح هو الأحوط لحل مجلس الأمة تلقائيا.

يشار الى أن المادة الأولى من اللائحة الداخلية لمجلس الأمة الكويتي تشير الى أن الوزراء بحكم وظائفهم يعتبرون أعضاء في مجلس الأمة، على إلا يتعدى عددهم ثلث أعضاء البرلمان المنتخبين، إلا أن الوزراء لا يحق لهم التصويت على إقتراع الثقة بالوزراء.