قصر العدل في العاصمة الكويتية

لم يتردد مراقبون كويتيون في إعتبار أحكام قضائية صدرت خلال اليومين الماضيين، بأنها تثبت سلطان القضاء الكويتي، وعدم تعرضه لأي ضغوط سياسية تتعلق بالخضوع للحكومة، إذ يرى البعض بأن تلك الأحكام يجب أن تقوي ثقة الكويتيين بقضائهم.


الكويت: أصدرت محكمة كويتية اليوم حكما يقضي بتخفيض حكم السجن بعام، الذي أصدرته محكمة إبتدائية كويتية الشهر الماضي، إذ قضى الحكم الجديد بتخفيض الحكم الصادر ضد الصحافي الكويتي محمد عبدالقادر الجاسم الى ثلاثة أشهر مع الشغل والنفاذ، على إثر القضية التي حركها ضده رئيس مجلس الوزراء الكويتي الشيخ ناصر المحمد الصباح، بعد شكوى تعرضه للسب والقذف من قبل الصحافي الجاسم في مقال تحت عنوان (ناصر السابع عشر) نشرها في موقعه الإلكتروني (ميزان) الذي يملكه ويديره، إذ حوكم على خلفية هذه القضية منذ أشهر، إذ ينتظر أن تحتسب مدة توقيف الجاسم منذ شهر، الأمر الذي يعني أنه قد يغادر السجن في مطلع شهر شباط/ فبراير من العام المقبل.

وجاء الحكم ضد الصحافي الجاسم في اليوم التالي لحكم آخر قضت به محكمة التمييز الكويتية التي وجدت أن قرار الحكومة الكويتية عبر الهيئة العامة للشباب والرياضة بحل مجالس إدارات 8 أندية رياضية كويتية، أمرا يخالف الدستور والقوانين المحلية، إذ أمرت بإعادة إدارات الأندية المنحلة، رغم مرور 13 شهرا على قرار الحل الحكومي الذي وقعه وزير الشؤون الإجتماعية والعمل محمد العفاسي قبل أكثر من عام، وهو الأمر الذي لجأت معه الإدارات المتضررة الى القضاء، والحصول على حكم قضائي قطعي مرورا بجميع درجات التقاضي، وصولا الى أعلى سلطة قضائية وهي محكمة التمييز، وهي الأحكام التي تؤسس لقناعة في الشارع الكويتي أن سلطة القضاء الكويتي الموكول رئاستها دستوريا الى أمير الكويت، لا تزال سلطة ذات سلطان، ولا هيمنة للقرار السياسي عليها، بدليل أنها تتخذ قرارات مخالفة لرغبات وإرداة السلطة التنفيذية.

ويقول المدون الكويتي عبدالله العتيبي لـquot;إيلافquot;: أن من حق المواطن الكويتي بعد هذه الأحكام، ألا ينساق خلف الأقاويل والأباطيل، التي تتحدث عن وجود سلطة الحكومة فوق سلطة القضاء، وأن بعض الأحكام التي صدرت مؤخرا كانت مسيسة، بدليل أن الصحافي محمد عبدالقادر الجاسم سجن بعقوبة لمدة عام، وجاء القضاء الكويتي ليخفض العقوبة الى ثلاثة أشهر قد لا يسجن منها الجاسم أكثر من أسبوعين، علما بأن المنطق يقول أن هذا الحكم قد جاء خلافا لرغبة الوكيل القانوني للشاكي، إلا أن الشاكي بلجوئه وهو الذي يرأس السلطة القضائية الى القضاء للدفاع عن سمعته، إنما يعترف و يؤكد على إستقلال القضاء إستقلالا حقيقيا لا صوريا، ففي بلدان أخرى يمكن أن تسمع عن رئيس وزراء يتصل بالقضاء ليفصل له حكما ضد أحد خصومه.

أما النشط السياسي الكويتي سلطان الغانم فيرى أن القضاء في بلاده محصن من التدخل لأبعد مدى ممكن، وما حكم إعادة إدارة الأندية المنحلة، إلا دليلا دامغا على أن القضاء الكويتي لا سلطان عليه، بدليل أن من أصدر قرار حل الأندية هو الحكومة، ومن طبقه هي الأجهزة الحكومية، ومن وقعه وزير في الحكومة، أما قرار الإعادة فقد جاء عن طريق السلطة القضائية، لذلك لن نقتنع بعد اليوم بوجود ضغوط على القضاء، ولن نقبل أن يقال عن بعض المحاكمات بأنها مسيسة، لذلك فإن سبب الأزمة السياسية الحالية في الكويت هي طلب القضاء من البرلمان رفع الحصانة عن النائب فيصل المسلم، للتحقيق معه ومقاضاته، فما كان يضيره أن يذهب الى القضاء للدفاع عن نفسه أمام سلطة مستقلة روحا ونصا، ومالذي كان يمنعه أن يمكن القضاء من التحقيق معه، والدفع أمام هيئاته بما يريد من دفوع ومذكرات قانونية ودستورية.

يشار الى أن القضاء الكويتي كان قد أعطى البراءة في أحكام قضائية نهائية أكثر من مرة للصحافي الكويتي الجاسم، على خلفية قضايا حركها رئيس الوزراء الكويتي ضده، لم يقتنع القضاء بأن ما قاله الصحافي الجاسم يخرج عن إطار النقد المباح، رغم وجود تيار واسع في الكويت يؤكد بأن الصحافي الجاسم قد خرق المحظور، في كتاباته التي بدأ يطغى عليها الجانب الشخصي في الخصومة مع رئيس الحكومة.