بيروت: يمكن القول quot;وداعا للإنتخابات البلديةquot; في لبنان بعد quot;وداعا للتعييناتquot; في المناصب الأمنية والإدارية، ذلك أن إقرار التعديلات الإصلاحية التي اقترحها وزيرالداخلية والبلديات زياد بارود على قانون انتخابات البلديات المقررة مبدئياً في حزيران / يونيو المقبل بعد التوافق على إرجائها شهراً يبدو أبعد اليوم من أي وقت مضى، وكان النائب الجنرال ميشال عون صريحا في موقفه أكثر من أي وقت عندما قال quot;اننا نريد الانتخابات البلدية ونريد الاصلاحات، وإن لم يتمكنوا من اقرار الاصلاحات فلن نقبل وسنكون ضد اجراء الانتخابات وأقولها بشكل واضحquot;.
موقف لا يجدي معه إصرار رئيس الجمهورية ميشال سليمان على إجراء الإنتخابات البلدية وإن على أساس القانون القديم ومن دون إصلاحات إذا تعذر الإتفاق عليها. علما أن الجنرال عون ليس وحده من يتمسك بالإصلاحات، فرئيس مجلس النواب نبيه بري لا يقل عنه تمسكا ببعضها ولا سيما خفض سن الإقتراع، وكذلك quot;حزب اللهquot;.
صحيح أن كلاً يتمسك ببند أو أكثر من اقتراحات وزير الداخلية إلا أن الإتفاق عليها جميعا يبدو من رابع المستحيلات. ولكن إذا كانت الخلافات تتمحور حاليا على اعتماد النسبية في التصويت تبقى العقدة الأساس في تقسيم بيروت ثلاث دوائر الذي يطالب به الجنرال عون في مقابل تمسك رئيس الحكومة وحلفائه بإبقاء الدائرة الواحدة في العاصمة.
وأخفق مجلس الوزراء في جلستين متتاليتين في اعتماد النسبية في البلديات التي تزيد عن 21 عضوا كما جاء في مشروع الوزير زياد بارود، وانقسمت الآراء بين مؤيد ومتحفظ ومعارض، واصطدم النقاش بخلافات عميقة بدا معها من الصعوبة بمكان التوصل الى أي تسوية الأمر الذي يرجح سقوطه في الجلسة المقبلة (الأربعاء المقبل ) على غرار ما أصاب بندي الانتخاب المباشر لرئيس البلدية ونائبه من الشعب واشتراط حيازة المرشحين شهادات جامعية أو ثانوية.
ويعلن الحريري تأييده للنسبية لكن شرط اعتمادها في كل لبنان، معتبرا انه اذا كان المقصود توفير تمثيل للأقليات السياسية، فثمة أقليات في كل المناطق، فلماذا لا يعتمد التمثيل النسبي في كل لبنان اذاً؟ بينما يقول الرئيس ميشال سليمان ان النسبية quot;مش ماشية على ما يبدوquot;، والأفضل ان نبقي على الوضع القائمquot;.
ويطالب الوزير جبران باسيل بالكلام في الجلسات واللقاءات بتقسيم بيروت الى دوائر عدة، مذكرا بأنها قسمت في الانتخابات النيابية ثلاث دوائر، وبأن هذا الأمر اعتمد في اتفاق الدوحة، ويرد الحريري: quot;لا نريد العودة الى منطق quot;شرقية وغربيةquot;، بيروت ليست قابلة للتقسيم واعادة تفتيت العاصمة هو تفتيت للبنانquot;.
ويلاحظ هنا ان التلاقي الذي حصل بين الأحزاب والقوى المسيحية حول موضوعي الطائفية السياسية وخفض سن الاقتراع لم يحصل مثله في موضوع بلدية بيروت حيث بدا الانقسام حول هذا الموضوع سياسيا أكثر منه طائفيا.
والمفارقة هنا ان الحريري لقي دعما كاملا من فريق 14 آذار/ مارس المسيحي، وان بري بدا أقرب الى الحريري منه الى عون، فيما يبدو رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط أقرب الى عون منه الى الحريري، ولكن جنبلاط سرعان ما اضطر الى التراجع عن موقفه المؤيد لتقسيم بيروت ثلاث دوائر بلدية بعدما بلغه ان الرئيس سعد الحريري استاء جدا من موقفه واعتبره تجاوزا لأحد الخطوط الحمر.
وكان quot; التيار العونيquot; بدأ حملة لجمع تواقيع لدعم اقتراح قانون لإنشاء ثلاث بلديات في بيروت، تتمتع كل منها بالشخصية المعنوية والاستقلال المالي والاداري. البلدية الأولى تضم أحياء الأشرفية والصيفي والرميل، والبلدية الثانية تضم أحياء المدور والمرفأ والباشورة، والبلدية الثالثة تضم المزرعة والمصيطبة وزقاق البلاط وميناء الحصن ودار المريسة ورأس بيروت.
ووفق المشروع يحدد أعضاء هذه البلديات الثلاث بأحد وعشرين عضوا لكل منها، وتكوّن هذه البلديات حكما اتحاد بلديات بيروت، ويتولى السلطة التنفيذية في كل بلدية الرئيس . أما في الاتحاد فتبقى السلطة التنفيذية في يد المحافظ.
ويطمح عون من خلال هذا الطرح الى رد الاعتبار لما منيت به قوة تياره من انكسار في الأشرفية في الانتخابات النيابية الأخيرة، وتقول مصادر في التيار ان أحد أهم الأسباب التي دفعت الى تبني هذا المشروع يعود الى حالة الاعتراض المسيحية الأخيرة على توظيفات المجلس البلدي حيث غلب عليها الطرف المسلم.
وفي حين يرى واضعو مشروع تقسيم بيروت ان اعتماده سيكفل للمسيحيين في العاصمة تأمين التمثيل الصحيح واستفادة كل بلدية من الأموال العائدة لها، والأهم انه يشكل المدخل التمهيدي لاعتماد اللامركزية الادارية، يرفض مسيحيو 14 آذار/ مارس هذا الطرح معتبرين ان اعتماد النسبية في العاصمة يهدد المناصفة التي اتفق عليها في اتفاق الطائف ، بغض النظر عن العامل الديمغرافي، الى حد إلغائها.
وتوافق quot;كتلة القرار الحرquot; لنواب الأشرفية على مشروع التعديلات المقدم من الوزير بارود الذي يبقي على التقسيم القديم لبيروت عاصمة موحدة، من زاوية قبولها بالطرح شرط الحفاظ على مبدأ المناصفة الذي كرس صيغة توافقية وميثاقية منذ أربعين سنة، وبالتالي اعتبار النسبية ضربا لهذه المناصفة.
ويرى نواب الأشرفية ان الصيغة الأفضل هي الابقاء على واقع بيروت الانتخابي، وتأليف مجلس بلدي يمثل كل القوى السياسية بما فيها الأقلية النيابية، على ان يتم تكريس المناصفة بنص قانوني، ولكن مع انتخاب رئيس البلدية ونائبه بالاقتراع المباشر وبالصورة التي تحل مشكلة العلاقة المعقدة مع المحافظ.
أما quot;حزب اللهquot; وحركة quot;أملquot; فهما يرفضان ضمنا تقسيم بيروت، ولكن لا نية لديهما للتورط في الموضوع لأن طرحه جاء من جانب حليفهما الجنرال عون. ويقول قريبون من مراجع عليا في الدولة لـ quot;إيلافquot; لدى سؤالهم عن الإحتمالات المتبقية لحصول الإنتخابات: quot;كبرو عقلكنquot;.
التعليقات