لندن: بعد 24 ساعة من توقيع الكتل الانتخابية الرئيسة العراقية على ميثاق شرف إنتخابي، تبادلت قوى داخلها إتهامات بأكاذيب ومحاولات تسقيط فيما شككت جبهة التوافق السنيّة بجدوى الميثاق قائلة إن الموقعين عليه يمثلون الجهات المتنفذة في الحكومة التي تهيمن على المال والإدارة وتملك السيطرة على الأجهزة الأمنية متسائلة عن الكيفية التي سيتم فيها ضمان عدم تواصل الاعتقالات او حيادية الاعلام الرسمي ازاء المتنافسين انتخابيا.

وقال الناطق باسم جبهة التوافق العراقية النائب سليم الجبوري ان قائمة التوافق لم توقع على ميثاق الشرف الذي اعلنه امس عدد من الكتل بسبب بعض الفقرات التي تضمنها. وأوضح ان أغلب فقرات ورقة ميثاق الشرف quot;تخص الجهات المتنفذة في الحكومة التي لديها المال ولديها الإدارة والسيطرة على الأجهزة الأمنيةquot;.

واكد ضرورة عدم توظيف إمكانيات الدولة لأغراض انتخابية موضحا بالقول quot;لقد تباحثنا مع الكتل السياسية الأخرى عن الآليات والضمانات الحقيقية لتطبيق بعض ما تضمنه هذا الميثاق وأبرزها قضية الاعتقالات العشوائية والمداهمات التي بدت بشكل مقلق في الآونة الأخيرة بالتزامن مع الانتخاباتquot;.

وحذر الجبوري من ان الاعتقالات العشوائية قبل الانتخابات ستؤدي بشكل أو بآخر إلى عزوف المواطنين عن الممارسة الديمقراطية لأنهم يجدون انه لا جدوى من الانتخابات طالما أن عمليات الدهم والاعتقال تمارس ضدهمquot; كما قال في تصريح مكتوب تلقت quot;ايلافquot; نسخة منه.

وأشار إلى أن جبهة التوافق تقوم حاليا بدراسة هذا الميثاق والنظر بتمعن في اتجاهاته وقال quot;ان عدم توقيعنا لا يعني أننا رافضون لكثير من الفقرات التي تضمنها.. لكننا نأمل من القوى السياسية الالتزام بهاquot;. وتساءل عن الآلية السياسية الحقيقية التي يستطيع من خلالها الجميع أن يضمن عدم وجود اعتقالات عشوائية وعدم توظيف شبكة الإعلام العراقية لأهداف طرف سياسي معين.

وكان ممثلو الائتلافات السياسية الانتخابية الخمسة الكبرى قد وقعوا بدعوة من نائب رئيس الوزراء رافع العيساوي امس على ميثاق شرف نصّ على التزامات عدة تقضي بضمان حقوق جميع المتنافسين من خلال إنتهاج أسلوب التنافس الحر وتكافؤ الفرص للجميع في البث الاعلاني والاعلامي وأن تكون شبكة الاعلام العراقي مفتوحة وبعدالة لجميع المرشحين وتجنب استخدام موارد الدولة المالية والبشرية في الحملات الدعائية وتحييد الملف الأمني وعدم استخدامه لأغراض إنتخابية والإبتعاد عن المداهمات والإعتقالات لأغراض سياسية وإنتخابية وإقتصارها على من تتوفر فيهم أدلة جرمية ثم الإمتناع عن استخدام وسائل الضغط كالتهديد وشراء الذمم وعدم توظيف النزعة الطائفية والتأكيد على حرية التنافس. كما حرم الميثاق الإحتراب والعنف السياسي ومنع التهديد المباشر أو المبطن بين المتنافسين.

ووقع الميثاق ممثلون عن ائتلافات دولة القانون بقيادة رئيس الوزراء نوري المالكي والعراقية بزعامة رئيس الوزراء السابق اياد علاوي والإئتلاف الوطني العراقي برئاسة عمار الحكيم والتحالف الكردستاني بزعامة الرئيس جلال طالباني ورئيس اقليم كردستان مسعود بارزاني وإئتلاف وحدة العراق بقيادة وزير الداخلية جواد البولاني بهدف توفير أجواء سليمة لانتخابات حرة وشفافة ونزيهة بمشاركة واسعة لجميع أطياف الشعب العراقي تعكس نتائجها إرادته وتطلعاته وتحظى بقبوله.

وكان الرئيس جلال طالباني قد دعا امس الى حملة انتخابية تجري في جو من التنافس النزيه من دون تجريح واساءة وشدد على ان المساس بالرموز الدينية محظور دستوريا وشرعيا واخلاقيا. و عبر عن الامل في ان تمضي الحملة الانتخابية في جو من التنافس النزيه النبيل المتعفف عن التجريح والاساءة الى الاخرين كما نقل عنه بيان رئاسي وصل نسخة منه الى quot;ايلافquot;.

واشار الى انه quot;للاسف فان بعض المرشحين يشذ عن هذه القواعد و يعمد الى اطلاق تصريحات تشكل تجاوزا مرفوضا على رموز دينية او وطنية ينبغي ان يظل مقامها رفيعا وبمنأى عن اي تطاولquot;. وقال ان اي مساس بهذه الرموز محظور دستوريا و شرعيا واخلاقيا ومخالف مخالفة صريحة لمبادئ الديمقراطية.

وفي موقف داعم للانتخابات دعا السيستاني جميع المواطنين الى المشاركة فيها مؤكدا حياده وعدم تبنيه لاي جهة فيها مشددا على ضرورة اختيار الاصلح لمصالح العراق في حاضره ومستقبله والأكفأ من المرشحين الملتزمين بالثوابت الوطنية للشعب..

وكانت استطلاعات للرأي اشارت مؤخرا الى ان الانتخابات المقبلة قد لا تشهد اقبالا كبيرا في ظل يأس الناخبين من قدرة القوى السياسية على إحداث تغيير في الواقع المتردي على المستويين الامني والخدمي. ويحق لاكثر من 19 مليون عراقي من بين 30 مليونا هم عدد سكان العراق المشاركة في الانتخابات التي سينبثق منها مجلس نواب جديد يضم 323 عضوا.

كما اثيرت مخاوف من عمليات ارهابية تستهدف مراكز الاقتراع خاصة بعد تهديدات أطلقها زعيم تنظيم القاعدة في العراق عمر البغدادي الجمعة الماضي في رسالة مسجلة بتنفيذ هجمات خلال الانتخابات وهي تهديدات تزامنت مع بدء الحملة الانتخابية. وأدان البغدادي عملية الانتخابات بوصفها quot;جريمة سياسية يدبرها الشيعةquot; على حد قوله.. مناديا quot;بعدم شرعية هذه الانتخابات وعدم مشروعية المشاركة فيهاquot;.

وقال quot;قررنا ان نمنع الانتخابات بكل السبل المشروعة حتى العسكريةquot;. لكن قيادات امنية عراقية قللت مناهمية التهديدات التي اطلقها البغدادي مؤكدة أن خطط حماية الانتخابات وضعت بشكل محكم فيما قال الجيش الاميركي ان عملية تأمين الانتخابات ستكون عراقية بحتة ما لم تطلب الحكومة العراقية تدخلاً اميركياً.

كتلة علاوي تتهم السلطة بترويج أكاذيب ضدها

في وقت اكد زعيم الكتلة العراقية اياد علاوي المشاركة في الانتخابات التشريعية المقبلة فإن المتحدثة باسم الكتلة التي تضم 22 حزبا وتجمعا اتهمت اليوم جهات في السلطة بترويج ادعاءات واكاذيب ضدها.

وسخرت الدملوجي من معلومات حول انسحاب quot;التجمع العربي الأصيلquot; من الكتلة معتبرة ذلك جزءًا من حملة التضليل والتشكيك بالعراقية التي قالت quot;ان بعض الجهات في السلطة قد دأبت على ترويج أكاذيب انسحاب بعض الكيانات منهاquot;. واضافت quot; الجميع يعلم ان الكيانات المتحالفة في كتلة العراقية عددها 22 كياناً وما زال العدد كما هو ولم يرد مثل هذا الاسم من بينهاquot;. وأشارت الى ان خوف بعض الخصوم من قوة ووطنية وجماهيرية كتلة العراقية quot;يدفعهم الى نشر الأكاذيب والأباطيل عن هكذا انسحابات وهميةquot;.

وحول ما ذكر من انضمام التجمع الى قائمة النائب مثال الالوسي رئيس حزب الامة العراقية اوضحت الدملوجي quot;انها لعبة تهدف الى إيهام الجماهير بأن ما يحدث هو نوع من التنافس بين جهات متقاربة بالفكر في حين يعلم القاصي والداني ان الفاعلين الحقيقيين لمثل هذه الأمور هي كيانات تخاف من تصاعد نفوذ كتلة العراقية بعد أن أذاقت تلك الكيانات الشعب العراقي الأمرين. وتوقعت الدملوجي quot;أن تستمر هذه المزاعم ضد كتلة العراقيةquot;.. وقالت في بيان صحافي الى quot;ايلافquot;.. quot;لكن الوعي الانتخابي للجماهير العراقية سيكون كفيلاً برد مثل هذه الأمور البعيدة عن التنافس الحضاري في الحملات الانتخابيةquot;.

وتأتي هذه الاتهامات متزامنة مع اعلان علاوي أن كتلة العراقية ستشارك في الانتخابات المقبلة رغم ما سماها محاولات الإقصاء والتهميش. ودعا علاوي الذي شمله الإبعاد عددا من المرشحين عن قائمته في تصريح لقناة الجزيرة الليلة الماضية إلى أن تكون الأجواء مناسبة لإجراء الانتخابات. وكان زعيم جبهة الحوار الوطني صالح المطلك المنضوي تحت القائمة العراقية قال في وقت سابق إن القائمة ستشارك في الانتخابات حتى وإن استمر إبعاده عنها بقرار هيئة المساءلة والعدالة.

وعلى صعيد الاتهامات المتبادلة نفسها بين القوى السياسية فقد قالت مرشحة عن التيار الصدري ان تمزيق ملصقات المرشحين يعبر عن quot;سخط شعبيquot; على الطبقة السياسية واتهمت المالكي بأنه احتكر الاجهزة الامنية لحماية ملصقات الائتلاف الذي يتزعمه واستخدام امكانيات الدولة في هذا الاطار. واضافت ان ما يجري هو quot;ردات فعل ساخطة من المواطنين نحو المشاركين في الانتخابات والطبقة السياسية والعملية الانتخابية برمتهاquot;.

واتهمت اسماء الموسوي عضو المكتب السياسي للتيار الصدري المنضوي في الائتلاف الوطني العراقي المالكي باستخدام الاجهزة الامنية لحماية ملصقات مرشحي ائتلاف دولة القانون الذي يتزعمه. وقالت في تصريح نشر اليوم ان المالكي quot;يستخدم الاجهزة الامنية وخصوصاً الجيش لتوفير حماية منقطعة النظير للملصقات الخاصة به وبمرشحي قائمة ائتلاف دولة القانونquot; مشيرة الى ان quot;العديد من الاتصالات وردت الينا من محافظات العراق وليس فقط من بغداد تؤكد تمزيق الملصقات الانتخابية لجميع المرشحين ولكافة الكتلquot;.

واستغربت تصريحات للمالكي مؤخرا حول اصداره اوامر بعدم استخدام صوره خلال الحملة الانتخابية قائلة quot;المالكي عادة ما يطلق الوعود ولا يلتزم بها، فهذا امر غير مستغرب عنهquot;. يشارك في الانتخابات التشريعية العراقية 6172 مرشحا يمثلون 165 كياناً سياسياً ينتمون إلى 12 ائتلافاً انتخابياً وذلك لاختيار 325 نائبا في البرلمان الجديد الذي سينبثق من الانتخابات وهي الثالثة منذ سقوط النظام السابق عام 2003.