هزم اليمين الفرنسي بزعامة الرئيس نيكولا ساركوزي في الدورة الاولى من الانتخابات الاقليمية التي جرت الاحد بفارق 3,3 نقاط عن الحزب الاشتراكي بحسب نتائج نهائية اعتبرتها الصحافة بغالبيتها بمثابة quot;تصويت عقابيquot;. وتصدرت هزيمة الغالبية اليمينية مجمل الصحف الفرنسية التي علقت عليها صباح الاثنين معنونة quot;تحذيرquot; وquot;صفعةquot; وquot;شجبquot; وquot;هزيمةquot;.

باريس: يميل توازن القوى القائم حاليا بشكل واضح لصالح اليسار اذ تتقدم الكتلة اليسارية (53,46%) بفارق 14 نقطة على الكتلة اليمينية (38,93%) بحسب الارقام الرسمية الصادرة عن وزارة الداخلية. وتفيد الارقام في المناطق الفرنسية ال22 (خارج مقاطعات ما وراء البحار) الى تقدم الحزب الاشتراكي وحده على الاتحاد من اجل حركة شعبية (الحزب الرئاسي) بفارق 3,3 نقاط (29,48% مقابل 26,18%)، فيما يحل في الطليعة في 13 منطقة.

غير انه من غير المؤكد ان ينجح الحزب الاشتراكي في الفوز في جميع المناطق وفق الهدف الذي حددته رئيسته مارتين اوبري، اذ يبقى التنافس شديدا في الالزاس (شرق) وكورسيكا (جنوب)، المنطقتين الوحيدتين اللتين يسيطر عليهما اليمين حاليا.

ولتحقيق ذلك، يتحتم على الحزب الاشتراكي اجراء مفاوضات تفضي الى اتفاقات مع شركائه اليساريين ولا سيما حزب البيئة الاوروبي الذي فرض نفسه كثالث قوة سياسية في فرنسا بحصوله على 12,47% من الاصوات.

ورأت صحيفة quot;لو فيغاروquot; القريبة من السلطة ان امام الاتحاد من اجل حركة شعبية quot;ثمانية ايام لتجنب الهزيمةquot; بمحاولة الفوز باعداد اضافية من الناخبين في صفوف الذين قاطعوا الدورة الاولى ونسبتهم 53,65% من الناخبين.

واعلن السكرتير الاول السابق للحزب الاشتراكي فرنسوا هولاند الاثنين ان الحزب يتهيأ quot;لزيادة ما حققه في الدورة الاولىquot; ومن ابرز ما عكسته الدورة الاولى اختراق اليمين المتطرف بحصول الجبهة الوطنية على 11,74% من الاصوات، ما حمل زعيمها جان ماري لوبن على الاعلان ان حزبه يبقى quot;قوة وطنيةquot;.

وتجري الانتخابات الاقليمية الفرنسية بالاقتراع النسبي في دورتين، ما يسمح بقيام تحالفات خلال الفترة الفاصلة. ولا يسمح بخوض الدورة الثانية الا للوائح التي تتخطى عتبة 10% من الاصوات في الدورة الاولى.

وكانت التقديرات الأولية لمعهد quot; تي إن إس سوفريquot; اظهرت حصول المعارضة الاشتراكية على 30% من الأصوات مقابل 26.7% لصالح حزب quot;الاتحاد من أجل حركة شعبيةquot; بزعامة ساركوزي. وحصل حزب quot; أوروبا إيكولوجيquot; المعني بالشؤون البيئية على 13.3% من الأصوات ، بينما حصل حزب quot;الجبهة الوطنية جان - ماري لو باquot; المناهضة للهجرة على ما يقدر بنحو 12% من الأصوات.

توجه الفرنسيون الاحد الى صناديق الاقتراع في الدورة الأولى من الانتخابات الاقليمية التي يتوقع أن تؤول إلى هزيمة اليمين الحاكم بزعامة الرئيس نيكولا ساركوزي الذي انهى نصف ولايته الرئاسية. وفتحت مكاتب الاقتراع ابوابها في الساعة 8,00 (7,00 تغ) للسماح لـ44,2 مليون ناخب باختيار 1880 عضوًا في المجالس الاقليمية، على ان تغلق في الساعة 20,00 (19,00 ت غ). وهذه الانتخابات هي الاخيرة قبل الانتخابات الرئيسة في 2012.

ومن بين الأشياء الأكثر أهمية في الجولة الثانية من الانتخابات التي تجرى الأحد المقبل حصول الأحزاب المختلفة من اليسار الفرنسي على ما يقدر بنحو50.5% من الأصوات. وبدأت مفاوضات تشكيل اللائحة الجديدة بين أحزاب اليسار المختلفة في وقت متأخر اليوم الأحد. ويمثل التصويت صفعة قوية علي وجه ساركوزي لأن أغلبية الناخبين الفرنسيين يعتبرون أن السياسات الاقتصادية لحكومته كانت فاشلة. وبلغت نسبة الإقبال على الانتخابات نحو 48% من بين 44 مليون ناخب فرنسي تضمهم قوائم الانتخابات، وهو ثاني أقل إقبال قياسي يتم تسجيله في الانتخابات.

وكانت نسبة التصويت قد بلغت في انتخابات العام 2004 نحو 60% من الناخبين المسجلين. بينما كانت نسبة المشاركة في انتخابات العام 1998 نحو 58% . ويخوض الانتخابات أكثر من 20500 مرشح مسجلين في 254 قائمة، في منافسة على 1880 مقعدًا في المجالس الإقليمية . وفي هذه الانتخابات ، إذا لم تحصل أي قائمة من المرشحين على نسبة تزيد على 50% من الأصوات - فإن أعلى قائمتين في نسبة الأصوات وأي قائمة تحصل على نسبة تزيد على 10% من الأصوات ستخوض الجولة الثانية والمقررة في 21 آذار/مارس الجاري

وقبل بدء الاقتراع توقعت الصحف ومعاهد استطلاعات الراي هزيمة نكراء للاتحاد من اجل حركة شعبية الذي يتزعمه الرئيس الفرنسي الذي ستتقدم عليه لوائح اليسار والمدافعين عن البيئة. ويسيطر اليسار الذي حقق انتصارًا في الانتخابات الاقليمية الاخيرة في 2004، على 24 من الاقاليم الفرنسية ال26. ويأمل اليسار هذه المرة في احراز تقدم كبير والسيطرة على المنطقتين اللتين لا تزالان بايدي اليمين وهما الالزاس وكورسيكا. وقد يسمح انتصار واضح لمارتين اوبري الامينة العامة للحزب الاشتراكي بتعزيز موقعها في قيادة الحزب الاشتراكي في انتظار اقتراع 2012، امام منافسيها في معسكرها.

ويؤكد ساركوزي باستمرار ان الاقتراع اقليمي ولن يكون له تأثير على الصعيد الوطني. لكن الرئيس الذي ادلى بصوته مع زوجته كارلا في احدى مدارس باريس قال انه سيعير اهتماماً كبيرًا للرسالة التي سيوجهها اليه الناخبون. ومنذ اشهر تتراجع شعبية الرئيس الفرنسي الذي اضطر الى مواجهة الازمة الاقتصادية وانعكاساتها على سوق العمل. لكنه ايضًا تعرض لانتقادات شديدة للطريقة التي عالج بها عدة ملفات اخرى.

وبحسب الخبراء فإن نسبة المشاركة في ادنى مستوياتها اي حوالى الخمسين في المئة على ما تفيد الاستطلاعات بمناسبة هذا الاقتراع المعقد الاجراءات، خصوصًا في صفوف ناخبي الأغلبية اليمينية. وقال الخبير في القضايا السياسية ستيفان روزيس quot;هذا يدل على ان ناخبي اليمين غير راضين للطريقة التي يدير بها ساركوزي شؤون البلادquot;.

وفي المعسكر اليساري، سيتم التدقيق في النتائج التي ستحققها سيغولين روايال المرشحة في معقلها باقليم بواتو شارانت (وسط غرب) والمعزولة داخل الحزب الاشتراكي. وكانت روايال هزمت في الانتخابات الرئاسية الاخيرة في 2007 امام ساركوزي. وستحدد هذه النتائج موقع روايال في الاقتراع الرئاسي المقبل. وفي جنوب شرق البلاد، في الكوت دازور يشارك زعيم الجبهة الوطنية (يمين متطرف) جان ماري لوبن في معركته الاخيرة.