لم تكن فكرة تأجيل الانتخابات البلدية في لبنان لتراود نصر الله وحده، فثمة من تحدث عن رغبة دفينة لدى أغلبية الفرقاء بالتأجيل خوفًا من خطأ في الحسابات تفضحها نتائج الانتخابات وهذا ما يفسر التردد الذي اصاب الحكومة في اقرارها الاصلاحات الخاصة بقانون الانتخابات.
بيروت: قبل أيام قليلة على حسم الحكومة أمرها وجعل الانتخابات البلدية والاختيارية حقيقة واقعة ، كانت اصوات قيادات في فريقي 14 آذار تصدح معتبرة الاستحقاق البلدي المقبل امتحانًا جديدًا لشعبيتها ، فيما نظراؤها في الفريق الآخر المعروف بـ 8 آذار والذي يحلو للرئيس نبيه بري وصفه بالمعارضة السابقة يرون فيه فرصة لتصحيح الاحجام وموازين القوى التي خسروا قدرًا منها في الانتخابات النيابية الماضية.
من هنا راح كل طرف يتوعد الآخر ويضرب له موعدًا في ساحة المعركة وقبل انطلاق جولاتها الأربع بدءًا من 2 مايو (أيار) المقبل في جبل لبنان، حتى وصل الأمر الى حد تخوف عدد من المسؤولين على الوضع الأمني وإمكانية تعرضه لاهتزاز على ابواب فصل الصيف وموسم سياحي واعد، وثمة من نصح بتأجيل الانتخابات كما اقترح الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله حتى تهدأ النفوس ويستقر الوضع ويتنفس الناس الصعداء بعد مسلسل الازمات التي عاشوها خصوصًا في السنتين الماضيتين وصولاً الى الانتخابات النيابية ومخلفاتها.
ولم تكن فكرة التأجيل لتراود نصر الله وحده فثمة من تحدث عن رغبة دفينة لدى غالبية الفرقاء بالتأجيل خوفًا من خطأ في الحسابات تفضحها نتائج الانتخابات وهذا ما يفسر التردد الذي اصاب الحكومة في اقرارها الاصلاحات الخاصة بقانون الانتخابات وفي مقدمها اعتماد النسبية اساسًا لها وارتباك مجلس النواب في اعتمادها حتى علت صرخة رئيسه نبيه بري آخذًا على الحكومة ارسال مشروع قانون quot;مؤجلquot; لديها بصفة quot;المعجلquot; قبل ان يستقر الرأي على السير بالانتخابات البلدية والاختيارية وفق القانون المعمول به من منطلق quot;حافظ على قديمكquot; حين يتعذر عليك الحصول على جديدك.
هكذا اطلقت الصفارة : الى الانتخابات در فداروا جميعهم لكن من دون ضجيج هذه المرة حيث تراجعت لغة التهديد والوعيد لتحل محله النزعة الى الائتلاف والتوافق من منطلق ان الانتخابات البلدية تعني الانماء ولا دخل للسياسة فيها ومن الافضل تجنيب العائلات الانشقاق والصراعات وعدم اقحامها في النزاعات الداخلية ولو أدى ذلك الى افراغ الديمقراطية من مضمونها، فتصبح الانتخابات بالشكل فقط نتائجها معروفة سلفًا حتى قبل ذهاب الناخبين الى صناديق الاقتراع.
هذا ما حصل بعد الاعلان عن quot;التحالف المقدسquot; بين حركة أمل وحزب الله وما يعني ذلك من بسط نفوذهما ومشيئتهما على ابناء الجنوب والبقاع وبعض من جبل لبنان ، حيث الاعلان عن تشكيل اللوائح الانتخابية ذات الطابع الانتخابي في البلدات والقرى التابعة لهذه المناطق سائر على قدم وساق.
وفي مدينة صيدا التي كانت وحدها عرضة للتنافس الانتخابي في الجنوب وتستعد لما بات يعرف بـ quot;أم المعاركquot; دُفعت هي الأخرى الى ساحة الائتلاف فسطع بين ليلة وضحاها اسم رجل الاعمال محمد السعودي الذي استطاع بقدرة قادر أن ينتزع quot;بركةquot; كل من قطبي المدينة ، فؤاد السنيورة وبهية الحريري من جهة وأسامة سعد وعبد الرحمن البزري من جهة أخرى، على ترؤس اللائحة المنوي تشكيلها للفوز بالمجلس البلدي.
وكما في صيدا ذات الكثافة السنية كذلك في مدينة طرابلس معقل السنة ايضًا لا دلائل عن وجود انتخابات بلدية بمعنى التنافس وعرض الصور واستجداء الأصوات، إذ إن حديث الائتلاف والتوافق بين قيادات المدينة مازال طاغياً خلافاً لما حصل في الانتخابات النيابية الماضية حيث خاض رئيس الحكومة الاسبق عمر كرامي والى جانبة الصيدلاني خلدون الشريف وحدهما المعركة في وجه تحالف ثلاثي منيع مؤلف من رئيس الحكومة السابق نجيب ميقاتي والوزير محمد الصفدي وquot;تيار المستقبلquot; ممثلاً بالنائب سمير الجسر. وقد اعلن الأخير التوافق مع كرامي وكذلك فعل ميقاتي والصفدي.
وفي بيروت التي تبقى الانظار شاخصة اليها هناك من يترقب مبارزة بين الرئيس سعد الحريري ورئيس تكتل التغيير والاصلاح النائب العماد ميشال عون على خلفية مطالبة الأخير بحصة معتبرة ورفض الأول الاستجابة لها ، الا ان سعاة الخير يستبعدون استفحال الخلاف بين الاثنين ويرفعون من نسبة توصل الرجلين الى تفاهم يجنب العاصمة خوض معركة مهما كان نوعها وتصنيفها.
ولمن يأخذ على حصر الانتخابات البلدية والاختيارية المقبلة بالجانب المسيحي ، وبعد حصول التفاهم الدرزي ايضًا ها هي اخبار مساعي الائتلاف الناشطة هنا وهناك وفي جبل لبنان خاصة تحتل الصدارة في وسائل الاعلام التي ما فتئت تتحدث عن لقاءات تعقد بين خصمي الأمس ، التيار الوطني الحر والنائب ميشال المر ، ليعلن بعدها التوصل الى لائحة إئتلافية في جونية كما جرى وربما في جبيل فيما بعد، على الرغم من الحماوة الظاهرة حتى الآن ، امتدادًا الى مناطق أخرى لطالما شهدت حربًا بين الطرفين وبانت مرشحة هي الأخرى للانضمام الى مسيرة الوفاق والتفاهم الكفيلة بجعل الانتخابات بحكم المنتهية وان لم تبدأ بعد.
التعليقات