في لقاء مع quot;إيلافquot; أكد داني روبنشتاين، صحافي ومحلل إسرائيلي في صحيفة هآرتس، أن الولايات المتحدة لن ترضى بفشل المفاوضات غير المباشرة بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وستسعى الى فرض حل من قبلها لحماية مصالحها المعرضة للخطر.

تل أبيب: إعتبر الصحافي والمحلل الإسرائيلي في صحيفة هآرتس داني روبنشتاين، أن جولة المفاوضات غير المباشرة التي يفترض إطلاقها هذا الأسبوع بين إسرائيل والفلسطينيين بمباركة عربية، هي بمثابة فرصة أخيرة، من الإدارة الأميركية للطرفين للتوصل إلى اتفاق سلام مقبول، قبل أن تقدم إدارة أوباما على طرح حل من قبلها والسعي لفرضه وتثبيته على أرض الواقع.

لفت روبنشتاين في حديثه مع quot;إيلافquot; إلى أنه في الوقت الذي أطلقت فيه إسرائيل والولايات المتحدة على هذه الجولة مصطلح محادثات التقارب، فإن الخطاب العربي أسماها بالمفاوضات غير المباشرة، وهو الإسم الأدق لحقيقة ما سيجري، إذ ستقوم الولايات المتحدة عبر جورج ميتشيل بإدارة المفاوضات مع كل طرف ونقل المواقف والاقتراحات بين الطرفين للوصول إلى صيغة تكون مقبولة للجانبين، وذلك خلال فترة حددت بأنها أربعة أشهر، بعدها سيكون للأميركيين تصرف مختلف.

المصالح الأميركية ومكانة أميركا في العالم العربي دافع رئيسي
وبحسب روبنشتاين، فإنه بنفسه يدرك أن المنطق السليم لا يبعث على التفاؤل بل يقود إلى التشاؤم، كمن غطى حلبة الصراع وكافة المبادرات والإقتراحات والحلول على مدار 42 عامًا، منذ مبادرة روجرز، ولو كان الأمر منوط فقط بطرفي النزاع دون أن تكون له إسقاطات وتأثيرات إقليمية ودولية وفي مقدمتها على الولايات المتحدة نفسها.

وكشف روبنيشتاين أنه سمع بنفسه من مصادر أميركية مطلعة أن هذه الجولة من المفاوضات غير المباشرة، وما قد يتبعها، يختلف عن كل ما سبقها لأن للإدارة الأميركية مصلحة صرفة في تحقيق نجاحها. وأوضح روبنشتاين أن الولايات المتحدة وإدارة أوباما تحديدًا، وبصورة أكثر تخصيصًا القيادات الأمنية، وعلى رأسها البنتاغون، بدأت تدرك اليوم أن جزء غير يسير من المعارضة والعداء الذي تواجهه الإدارة الأميركية في العالمين العربي والإسلامي مرتبط بشكل رئيسي وأساسي بالنزاع الإسرائيلي - الفلسطيني.

فإدارة أوباما تدرك اليوم أنه في كل ما يتعلق بالموضوع الفلسطيني هناك إجماع ووحدة موقف عربية تشكل سدًا منيعًا أمام تسيير مصالح أميركية ضرورية، بل وحيوية للولايات المتحدة سواء في مناطق مثل أفغانستان أم العراق، وبالتالي فإنه كي تحصل الولايات المتحدة على الضوء الأخضر في معالجة ملفاتها الملتهبة في هذه البلدان فإنها تجد نفسها مضطرة في بادئ الأمر إلى تسوية النزاع الإسرائيلي - الفلسطيني، وإلا أضطرها ذلك إلى فرض حل على الطرفين.

تنازلات إلزامية وضرورية من الطرفين
ولا يغفل روبنشتاين quot;الاعتباراتquot; والضروراتquot; التي تفرض نفسها على القياديتين الفلسطينية والإسرائيلية على حد سواء، وهو يرى في هذا السياق أن قرار نتنياهو بأن تقتصر المفاوضات في المرحلة الحالية عليه وعلى مساعده المحامي مولخو عن الجانب الإسرائيلي والتشاور مع طاقم الوزراء السبعة عند الضرورة، يشي بأن نتنياهو يسعى للحفاظ على السرية ربما من باب سعيه لتفادي تفجير المفاوضات في حال تسريب تفاصيلها، وبالتالي الوصول الى وضع صيغة ما (قد تكون قريبة من معادلة كلينتون، أو quot;وديعة أولمرتquot;) لعرضها في الوقت المناسب أمام الحكومة والكنيست، مع إحتمال نزوعه إلى توسيع الإئتلاف الحكومي، بل وحتى إقالة الجناح اليميني المتطرف في الحكومة وضم أحزاب اليسار والوسط (وتحديدًا كديما) لضمان التوصل إلى اتفاق ما، لكن ذلك سيكون مشروطًا بتنازلات إسرائيلية في القدس مثلا.

في المقابل فإن الجانب الفلسطيني سيكون هو الآخر مضطرًا إلى تقديم تنازلات في مسألة العودة بشكل رئيسي، علمًا بأن سلطة أبو مازن ستكون مضطرة لتحمل ضغوط هائلة في هذا السياق، فهي ستتعرض مثلاً لضغوط من قبل الهيئة الفلسطينية الجديدة للمحافظة على الحقوق الثابتة للشعب الفلسطيني، وسيكون عليها القبول نوعًا ما بما جاء في التفاهمات مع أولمرت.

وخلص روبنشتاين إلى أن الأميركيين يدركون بصورة كاملة هذه الاعتبارات والضغوط التي يتعرض لها الطرفان، خصوصًا وأن كل طرف بمن فيهم أميركا، يعرف بالضبط ما هو المطروح على الطاولة وما هي خطوط التسوية الممكنة، وبالتالي سيحاول الأميركيون في هذه المرحلة المناورة بين الطرفين إلى أن يبلغوا النقطة الحاسمة التي سيعرض فيها الأميركيين تصورهم وطرحهم للحل، بإعتبار أن هذا هو أقصى ما يمكن لأي من الطرفين تحقيقه، وبالتالي سيكون على الطرفين الإسرائيلي والفلسطيني القبول بالمقترح الأميركي لأن الأمر لم يعد مقتصرًا على الإسرائيليين والفلسطينيين بل إن المصالح الأميركية هي التي على كفة الميزان.