A Palestinian fisherman rides his boat as a Turkish ...

على الرغم من قرار إسرائيل الاخير بفتح المعابر التجارية التي تسيطر عليها في غزة لمدة قصيرة، لإدخال الوقود والمواد الغذائية والمساعدات، حذر مراقبون مما يدور في الكواليس السياسية الدولية بشأن رفع الحصار، والمبادرات الفرنسية والأوروبية المطروحة وخصوصًا الطرح الأميركي.

غزة:حذر محللون ومراقبون للشأن الفلسطيني من quot;حقيقة المبادراتquot; التي يتم الحديث عنها اليوم لرفع الحصار عن قطاع غزة، حيث أكدت أكثر من دولة أوروبية أن هناك مبادرات لإنهاء الحصار وذلك في أعقاب مهاجمة إسرائيل لأسطول الحرية، فهل الحراك الدراماتيكي في العالم اليوم سوف ينصف سكان غزة ويرفع الحصار عن القطاع، وهل غزة بحاجة إلى مساعدات فقط وقوافل تحمل حليب أطفال والكراسي المتحركة؟ أم ان السيناريو القديم الجديد لا يتعدى كونه سحابة صيف ستحملها الرياح إلى أماكن بعيدة حيث لا يشتهي المحاصرون؟

الحصار تسبَّب بكارثة إنسانية

المتحدث الرسمي باسم وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الانروا بغزة عدنان أبو حسنة يسرد لـquot;إيلافquot; بالأرقام معاناة سكان قطاع غزة ويقول :quot; إن قطاع غزة ليس بحاجة إلى مساعدات فقط وإنما بحاجة إلى رفع الحصار بشكل كامل ، مشيرا إلى أن الوضع الإنساني بقطاع غزة سيء للغاية وهو بعكس ما روج له الإعلام الإسرائيليquot;. وأضاف :quot; نقدم مساعدات منتظمة لأكثر من 80 ألف لاجىء فلسطيني من أصل مليون لاجئ في قطاع غزة هذا عدا المساعدات النقدية، ويتابع أن: quot;أكثر من 300 ألف شخص لا يمتلكون قوت يومهم، ونحو 3500 مصنع مدمر تدمير كلي و 5000أسرة باتت بلا مأوى فيما تصل نسبة البطالة الى 45% والفقر يفوق كل التقديرات، عدا الضغوط النفسية التي سببها الحصارquot;.

وتفتح إسرائيل منذ مدة قصيرة المعابر التجارية التي تسيطر عليها في غزة ، لإدخال الوقود والمواد الغذائية والمساعدات وسمحت أخيرًا بإدخال الملابس ومواد البناء والأحذية وهو ما اعتبره أبو حسنه انه لا يفي باحتياجات السكان المتزايدة ويضيف :quot; بان ما يدخل إلى قطاع غزة نحو 120 شاحنة من مجموع 600 كانت تدخل إلى القطاع قبل فرض الحصار عليه وهذا العدد لا يكفي لسد احتياجات المواطنينquot;.

متفائلون بحذر

ويحاول المراقبون الفلسطينيون أن يرسموا آمالاً متواضعة من أن الحراك الدولي الحالي لموضوع الحصار يمكنه أن يحقق شيئا من مطالب الفلسطينيين، إلا أنهم يتفاءلون بحذر شديد إزاء ما يدور في الكواليس السياسية الدولية بشأن رفع الحصار، والمبادرات المطروحة الفرنسية والأوروبية والطرح الأميركي غير الواضح. مشيرين الى أن الحراك هذه المرة بعد مهاجمة سفينة أسطول الحرية الأخير اقوى من سابقيه، كما أن موقف إسرائيل المدعومة من أميركا أصبح محرجًا للغاية جراء سياستها المتخبطة في تعاملها مع المتضامنين على متن السفينة، مؤكدين أن العالم بات اليوم أكثر جدية في موقفه إزاء وضع آليات لرفع الحصار عن غزة باعتباره يشكل إزعاجًا لإسرائيل حليفتهم ، أكثر من حاجة أهل غزة لذلك.

قوافل كسر الحصار لا تكفي

Israel to allow some new items into Gaza

امام معبر رفح

ويلفت أبو حسنه إلى أن ما تقوم به قوافل كسر الحصار لا تكفي لتغطية الاحتياج الحقيقي والمتزايد لشعب غزة مشيرًا إلى أنه إذا كانت هذه المساعدات ستصل عبر المعابر الإسرائيلية فأولى أن تفتح إسرائيل هذه المعابر، منوّهًا إلى أن الحصار تسبّب في إيقاف مشاريع تنموية بقيمة 93مليون دولار للأنروا في قطاع غزة.

ويبدي أبو حسنا تفاؤلاً إزاء الحراك الدولي الحالي ويقول:quot; على إسرائيل أن ترفع الحصار عن غزة وهو الحل الأساسي لوقف معاناة السكان، إذ لا يمكن استمرار الوضع في غزة بهذا الشكلquot; حسب قوله.

حراك بحاجة لقرارات

من جهته، يثني منسق الحملة الدولية لكسر الحصار عن غزة د. إياد السراج على مواقف المتضامنين من العرب والأجانب لكسر الحصار عن غزة مشيرا إلى أهميتها في لفت أنظار العالم لمعاناة سكان غزة، إلا انه يقر من أنها خطوات غير كافية وبحاجة إلى قرارات دولية والضغط على إسرائيل المسيطرة لرفع الحصار.

وأعرب لـquot;إيلافquot; عن رضاه بالحراك الدولي الحالي وقال :quot; هذه أول مرة يقف العالم مرة واحدة شيء عظيمquot;، واضاف :quot; هذا الحراك نتائجه تراكمية وستكون على مدى بعيدquot;.

وهو ما أكده المحلل السياسي وأستاذ العلوم السياسية بجامعة الأقصى د.عماد محسن من أن الوضع الآن يختلف، وهناك حراك جاد في العالم، موضحًا أن أوروبا تدرس جديًا عمل مقاربة جديدة تفضي إلى فتح المعابر مع قطاع غزة بما فيها معبر رفح، ومصر مستعدة للخوض في أي نقاش له علاقة بمسألة رفع الحصار ضمن صيغة توافقية، والولايات المتحدة مستعدة لخلق إطار يسمح بالتنفيس عن قطاع غزة من جهة البضائع والحركة، والجامعة العربية تبدي حراكًا يقوده الأمين العام الذي يعتزم المجيء الى غزة الأحد ، ناهيك عن المحاولات الشعبية والبرلمانية التي لم تنقطع يومًا، ويقول محسن لـquot;إيلافquot; :quot; بتقديرنا هذه الحركة السياسية ستفضي إلى شيء ما حتى لو كان دون مستوى التوقعات الشعبية الفلسطينيةquot;.

مبادرات لحفظ ماء وجه أسرائيل

وعلى عكس سابقيه، لا يبدي أستاذ العلوم السياسية بجامعة النجاح الوطنية بنابلس البروفيسور د.عبد الستار قاسم في حديثه مع quot;إيلافquot; أي تفاؤل إزاء رفع الحصار عن قطاع غزة، بل يشكك في جدوى المبادرات المطروحة والتصريحات حول رفع الحصار، محذرًا الفلسطينيين من الوقوع في شركها. ودلل البروفيسور قاسم على وجهة نظره هذه بقوله إن quot; النشاط الإعلامي والدبلوماسي الذي تشهده المنطقة ليس غريبًا، حيث رآه الشعب الفلسطيني مرارًا وتكرارًا أيام حصار الرئيس الراحل ياسر عرفات في المقاطعة والاجتياح في 2002، وحرب غزة الأخيرة، وغيرها ولكن في النهاية إسرائيل فرضت رؤيتها وسيطرتها على ما تريد وذلك بسبب التخاذل الدولي بحسب رأيه.

وأشار د. قاسم الى أن هذه الضجة الإعلامية فقط لامتصاص ردة الفعل الغاضبة إزاء الاعتداء على أسطول الحرية في 31 ايار- مايو الماضي، التي أحرجت الولايات المتحدة والعالم.

بدوره، يرى المحلل الاقتصادي وعضو الحملة الدولية لرفع الحصار عن غزة محسن أبو رمضان أن الهجوم على أسطول البحرية شكل علامة فارقة ودرجة تحول في موضوع حصار غزة على ضوء التحركات الشعبية القانونية لمحاكمة quot;مجرمي الحرب الإسرائيليينquot;، منوها إلى انه بات لدى المؤسسات الدولية قناعة بضرورة تفكيك الحصار عن غزة الذي يعد شكلاً من أشكال العقاب الجماعي، مشيرا بذات الوقت الى أن هذا الحراك لتخفيف الضغط عن إسرائيل لتدفع اقل ثمن ممكن ولتظهر أنها استجابت لمطالب العالم.

كما حذر أبو رمضان في تصريح لـquot;إيلافquot; من أن هذه المبادرات المطروحة للالتفات على الحصار وتخفيفه بقدر ما يبيض وجه إسرائيل أمام العالم ، داعيا القيادات الفلسطينية إلى ضرورة دراسة المبادرات واستثمار الزخم الشعبي قبل أن تنصرف الشعوب إلى مباريات كأس العالم وتعود غزة إلى حصارها. وأيده القول البروفيسور قاسم الذي اعتبر أن هذه المبادرات المطروحة هي لإعادة النظر في الحصار وتخفيفه لارفعه، متوقعًا أن يصبح تغييرًا في شكل وأساليب الحصار في ظل موازين القوى الحالية أو السماح لطرف ثالث بتفتيش السفن بمراقبة الإسرائيليين.

مطلوب انهاء الانقسام الفلسطيني

Israel eases Gaza embargo, allows snack food ...

نقل المساعدات

ويلقي المحللون اللوم على الفلسطينيين الذين يطالبون العالم بان يتوحد في مواقفه إزاء قضيتهم، ولا سيما رفع الحصار عن غزة وفتح المعابر، في حين هم لا يزالون مختلفين ومنقسمين على أنفسهم ويقول البروفيسور قاسم : quot;الفلسطينيون مشاركون بانقسامهم في الحصار على غزة وهم ليسوا على قدر المسؤولية لينفعوا أنفسهمquot;، قائلاً quot; ما زلنا نلهث ونبحث عمن يقاتل بالنيابة عنا، وهذا لن يجدي نفعاquot;. مستبعدًا ان تتم المصالحة الفلسطينية بسبب تباين برنامجي فصيلي فتح وحماس حسب تعليله.

ويتساءل د.السراج quot;كيف للفلسطينيين إن يريدوا من العالم إن ينصرهم ويقف معهم وهم منقسمون؟ مؤكدًا انه لا يوجد حراك جدي لدى الأطراف الفلسطينية بإنهاء الانقسام وقال:quot; جزء من قرار الانقسام إقليمي ودولي والفلسطينيون ليس لهم قراراquot;.

ويرى د.محسن أن المطلوب وحدة وطنية فلسطينية وإنهاء الانقسام السياسي وتوافق وطني على برنامج سياسي يؤمن احتياجات الواقع الفلسطيني ويحفظ للفلسطيني حقه في مقاومة المحتل واسترداد حقوقه السليبة مع التعامل بشيء من الواقعية التي لا تضيع كل هذا الزخم من التضامن العالمي الذي بدأ يدك أركان الدعاوى الصهيونية ويقود إلى حراك أممي يشكك بحق إسرائيل في الوجود.

ويلفت أبو رمضان إلى أن العمل على إنهاء الحصار لابد إن يتوازى مع إنهاء الانقسام الفلسطيني، للتفرغ لما اسماه مواجهة الانتهاكات الإسرائيلية بحق مقدرات الشعب الفلسطيني، وقال :quot; ان المرحلة المقبلة متوقفة على الأداء الفلسطيني والقدرة على استثمار الحراك الدولي والزخم الشعبي والتواصل من اجل حصار إسرائيل، وعزلها عن العالم وملاحقة مجرمي الحرب الإسرائيليينquot; وراى قاسم ان رفع الحصار لن يحدث إلا إذا استسلمت حماس وقبلت بشروط الرباعيةquot;.

وحول ما سيحدث مستقبلا يقول قاسم :quot; إذ لم يكن هناك إجراءات دولية لردع إسرائيل، فسنجد أن الإتحاد الأوروبي وأميركا سيقولون أننا نريد الذهاب لغزة لرفع الحصار ولكن ذلك لن يكونquot;، وأضاف quot; سيكون هناك التفاف على المعادلة، وسيقومون بإدخال البضائع بطرق وهمية، وبدلاً من أن تقوم إسرائيل بإدخال البضائع لغزة سيسمحون لطرف ثالث بتفتيش السفن القادمة بمراقبة إسرائيلquot;.