تناول المحلل تشارلي سروم من معهد quot;اميركيان انتربرايزquot; الإتجاهات التي تبدت في إستطلاعات للرأي أُجريت مؤخرًا في ستة بلدان عربية بشأن البرنامج النووي الايراني.

يذهب استطلاع جديد نشرت نتائجه في آب/اغسطس الحالي بمشاركة جامعة ماريلاند ومنظمة quot;زوغبي انترناشونالquot; والباحث شبلي تلحمي الى ان العالم العربي اخذ يحتضن فكرة وجود برنامج تسلحي نووي ايراني. وتوصل الاستطلاع الذي أُجري في ستة بلدان عربية الى ان 57 في المئة من المشاركين هذا العام قالوا ان امتلاك ايران قنبلة نووية سيكون تطورا quot;ايجابياquot; في المنطقة بالمقارنة مع 29 في المئة فقط اعطوا هذه الاجابة في عام 2009 حين سئلوا quot;إذا امتلكت ايران اسلحة نووية فما هي الحصيلة المرجحة بالنسبة لمنطقة الشرق الأوسط؟quot; ونُقلت هذه النتيجة على نطاق واسع (بما في ذلك نقلها في منافذ اعلامية ايرانية) ولكنها قد ترسم صورة ناقصة للمواقف العربية من وجود برنامج تسلحي نووي ايراني محتمل.

الاستطلاع الجديد يختلف عن استطلاعات أخيرة أخرى في العالم العربي. ويتعين على صانعي السياسة والاعلام والجمهور ان يأخذوا في الحسبان هذه الاستطلاعات المتضاربة وصعوبة استطلاع الرأي عموما في المنطقة العربية عندما يحاولون فهم الرأي العام العربي.

النسب التي ترى تهديدًا من امتلاك ايران برنامجًا نوويًا



فان مؤسسة بيو للأبحاث، من بين جهات أخرى، توصلت في استطلاع اجرته في حزيران/يونيو الى نتائج مغايرة لنتائج استطلاع جامعة ماريلاند/زوغبي/تلحمي بشأن السؤال نفسه. وفي البلدان الثلاثة التي شملها الاستطلاعان مصر والاردن ولبنان توصلت مؤسسة بيو الى ان بلدا واحدا هو لبنان، اصبح المواطنون فيه أقل قلقا من التهديد الناجم عن امتلاك ايران سلاحا نوويا خلال الفترة الواقعة بين 2009 و2010. ويعود هذا على الأرجح الى وجود طائفة شيعية كبيرة في لبنان والنفوذ الواسع لحزب الله المدعوم من ايران في البلد. وفي مصر والاردن ارتفع عدد القلقين من امتلاك ايران سلاحا نوويا 5 نقاط و19 نقطة على التوالي. كما سجل استطلاع بيو زيادة طفيفة في مصر خلال العام الماضي بين المعارضين لبرنامج ايران التسلحي النووي وهبوط طفيف في الاردن ولبنان.

وعلى افتراض ان ارقام مؤسسة بيو لكل من لبنان ومصر والاردن صحيحة عموما فان تحولا كبيرا يبلغ نحو 30 نفطة مئوية في تأييد العرب لبرنامج ايران النووي ما كان ليحدث إلا بالارتباط مع تحولات واسعة في رأي المواطنين في البلدان الثلاثة الأخرى التي شملها استطلاع تلحمي الامارات العربية والمغرب والعربية السعودية. ففي عام 2007 توصل استطلاع بيو الى ان 42 في المئة من المشاركين المغاربة ينظرون نظرة ايجابية الى ايران بالمقارنة مع 16 في المئة فقط كانت نظرتهم سلبية. ورغم موقف التأييد الظاهر لايران (وربما لبرنامجها النووي) بين المغاربة فمن الواضح ان هذه النظرة تعود الى سنوات سابقة على التحول البالغ 30 نقطة الذي سجله استطلاع تلحمي. وفي العربية السعودية توصل استطلاع اجرته مؤسسة بكتر ميدل ايست بولز الى ان 57 في المئة من المشاركين ايدوا فرض عقوبات أشد ضد ايران إذا لم تقبل الحكومة الايرانية بوضع حدود لبرنامجها النووي. كما وجد الاستطلاع نفسه ان 35 في المئة من السعوديين يؤيدون توجيه ضربة عسكرية اميركية الى منشآت ايران النووية.

النسب التي تعارض إمتلاك إيران برنامجًا نوويًا

سجلت استطلاعات اخرى شملت سعوديين واماراتيين قلقا مستمرا من وجود ايران مسلحة نوويا. وفي استطلاع منفصل اجراه مركز مناظرات الدوحة في تشرين الثاني/نوفمبر 2009 قال 53 في المئة من المشاركين المقيمين في بلدان مجلس التعاون الخليجي البحرين والكويت وعمان وقطر والعربية السعودية والامارات العربية انهم يعتقدون ان ايران ستهاجم بلدا آخر إذا امتلكت اسلحة نووية. بل ذهب 29 في المئة من اجمالي المشاركين في استطلاع مناظرات الدوحة الى ان البلد المستهدف سيكون دولة عضوا في مجلس التعاون الخليجي ويقل هذا بفارق طفيف عن الـ 30 في المئة الذين اعربوا عن اعتقادهم بأن ايران ستهاجم اسرائيل.

ان تكون هذه الاستطلاعات خلصت الى نتائج متباينة فان هذا لا يعني ان في استطلاع تلحمي اخطاء فادحة لا سيما وانه استطلع عينات كبيرة في البلدان الستة المشمولة. ولكنه يشير الى هناك أكثر بكثير وراء القصة مما يوحي به ترويج العنوان الصحفي القائل ان العالم العربي أصبح quot;مرتاحا بصورة متزايدة مع وجود سلاح نووي ايرانيquot;. فان استطلاع تلحمي نفسه يكشف عن اتجاهات تتعارض مع هذه النتيجة الاجمالية: بين الـ 57 في المئة من المشاركين الذين يعتقدون ان ايران تسعى الى امتلاك سلاح نووي قال 68 في المئة في الاردن و50 في المئة في العربية السعودية و67 في المئة في لبنان و73 في المئة في الامارات العربية ان ضغوطا ينبغي ان تمارَس على ايران لوقف برنامجها النووي. ولعل مصر هي البلد الذي يدفع نتيجة الاستطلاع الاجمالية في الاتجاه المعاكس. فان 16 في المئة فقط من المشاركين المصريين الذين على اقتناع بأن ايران تريد امتلاك سلاح نووي، يعتقدون ان الجمهورية الاسلامية يجب ان توقف برنامجها بالضغط عليها. وإذا كانت قلة فقط من المصريين يرون ضرورة وقف البرنامج النووي الايراني فان هذا سيكون ابتعادا مفاجئا عن استطلاع أُجري في ايلول/سبتمبر 2006 عندما اعرب 74 في المئة من المصريين عن قدر من القلق (quot;قلق الى حد ماquot; أو quot;قلق بالغquot;) في استطلاع اجرته الخدمة العالمية لهيئة الاذاعة البريطانية بي بي سي ومؤسسة غلوب سكان.

ومن علامات القلق المتزايد بين بعض النخب العربية إزاء البرنامج النووي الايراني تصريح السفير الاماراتي في الولايات المتحدة الذي ايد فيه توجيه ضربة عسكرية الى منشآت ايران النووية.

لعل الاختلاف بين استطلاع تلحمي والاستطلاعات الأخرى ناجم عن اختلافات في صياغة السؤال والصعوبة العامة في استطلاع المواطنين في انظمة استبدادية في الشرق الأوسط. إذ يُلاحظ ان استطلاع تلحمي طلب من المشاركين ان يختاروا بين القول ان لايران الحق في تنفيذ برنامجها التسلحي النووي والقول بأن ضغوطا يجب ان تمارس لوقف برنامجها. فالضغط يعني عند الكثير من العرب تدخل الغرب وبالتالي فان من الجائز ان تكون صيغة السؤال أثرت في اجابات المشاركين عن السؤال اللاحق حول ما إذا كان ظهور برنامج تسلحي نووي ايران يشكل تطورا ايجابيا أو سلبيا بالنسبة للمنطقة.