حضر نائب الرئيس العراقي عادل عبد المهدي اليوم إلى مجلس النواب لليوم الثالث على التوالي من أجل تحفيز النواب الغائبين عنه إلى استئناف جلساته المعطلة منذ منتصف الشهر الماضي والضغط على القادة لإنهاء خلافاتهم وإخراج البلاد من أزمتها الراهنة.

بغداد: يواظب نائب الرئيس العراقي عادل عبد المهدي القيادي في المجلس الاعلى الاسلامي على الحضور الى مبنى مجلس النواب وسط بغداد ويتخذ له مجلسًا بين مقاعد النواب الفارغة التي تنتظر نوابها المتغيّبين عن جلسات مجلسهم المعطلة والذين يتلقون رواتب شهرية تبلغ عشرة الاف دولار، على الرّغم من أنّهم لم يحضروا سوى لمدة نصف ساعة لدى افتتاح مجلس النواب الجديد في الرابع عشر من الشهر الماضي والمنبثق عن إنتخابات السابع من اذار/ مارس الماضي والذي زاد عدد أعضائه من 275 عضوًا الى 325. وانضم رئيس البرلمان (أكبر الأعضاء سنًّا)لاحقًا إلى عبد المهدي متضامنًا مع مبادرته.

ويجلس عبد المهدي في مبنى البرلمان وحيدًا يحيط به الصحافيون ومصوّروهم الى ان يغادر المبنى مدليًا بتصريحات محذرًا من خطورة تعطل جلسات المجلس ومطالبًا باستئناف النواب لإعمالهم تحت قبة البرلمان والمساهمة الفاعلة في إنهاء الأزمة السياسية التي تعصف بالبلاد منذ أكثر من خمسة أشهر.

ويؤكد عبد المهدي أن تعطيل مجلس النواب وإبقاءه معلقَا من خلال عدم تحقيق النصاب لعقد جلساته هو أكثر خطورة من تأخير تشكيل الحكومة، حاثًّا النواب على الحضور لتحقيق النصاب القانوني لانعقاد جلسات البرلمان واستئناف أعماله والالتزام بمسؤولياتهم الدستورية تجاه الوطن والمواطن.

وعن أهمية انعقاد جلسة مجلس النواب اشار الى انه يحضر إلى المجلس بمبادرة شخصية لم يبلغ بها المجلس الأعلى اوالائتلاف الوطني اللذين ينتمي اليهما ولا أي نائب أو سياسي عراقي.. ويقول quot;حضرت إلى هنا لأداء الواجب وتبيان أهمية انعقاد مجلس النواب بأسرع وقت لانه يجب ألا تكون مفاوضات الكتل السياسية عذرًا للنواب في التغيب عن الحضور في مجلس النواب ولا يجب أن يكون مفهوم الجلسة المفتوحة عذرًا للتغيّبquot;.

وأكد أنّه سيحضر يوميًّا الى المجلس quot;لإعطاء رسالة واضحة عن أهمية هذه المؤسسة الدستورية التي تضفي الشرعية على بقية المؤسسات لأنّ غيابها بهذا الشكل يهدد بالطعن في شرعية النظام السياسي في العراق وهذه هي الرسالة الأساسيةquot;.

واضاف quot;للأسف أجد أن الإعلام مهتم بتشكيل حكومة أو المسائل السياسية أكثر من مسألة انعقاد مجلس النواب وهذا أيضًا لوم بسيط على وسائل الإعلام التي يجب أن تهتم بمجلس النواب الذي هو الركيزة الأساسيّة قبل الحكومةquot;.

وأوضح عبد المهدي أن حضوره للمجلس quot;هو ليس اعتصام هو رسالة واضحة من قبل نائب رئيس الجمهورية باعتباره نائبا في البرلمان يبلغها الى إخوانه وزملائه النواب أن انتخابهم كان انتخابا عينيا أي أن حضور بعضهم لا يغني عن عدم حضور بعضهم الآخر، وخصوصًا في بداية تأسيس عمل مجلس النواب، وجودهم أمر في غاية الأهمية و القسم الذي أدوه هو قسم أمام الله سبحانه وتعالى وأمام الشعب وليس أمام قوائمهم أو كتلهم مع ضرورة احترام القوائم والكتل وبالتالي يجب النظر جديًا إلى ان تغييب مجلس النواب هو تغييب مركز الشرعية في النظام السياسي العراقي، وبالتالي هذا ممكن ان يؤدي إلى نتائج خطرة إذا تواجد مجلس النواب - بمفهوم مؤسساتي وليس فقط ككتل نيابية - يستطيعون هم أن يقدموا الحلول المطلوبة وليس فقط الكتل السياسية حيث ان الناخبين العراقيين وخصوصًا في هذه الانتخابات التي جرت وفق القائمة المفتوحة قد صوّتوا لمرشحين بعينهم بذاتهم وليس قوائم فقط وبالتالي أصبح التكليف تكليفًا عينيًا مباشرًا للنائب مع احترامنا لكل قواعد العمل في الكتل النيابية لذلك أنا عند حضوري لم اطلب من كتلتي التضامن في هذا العمل ولم اخبرهم ولم ابلغهم بل هم سمعوا من الإعلام لأنني لا أريد أن اجعل المسألة مسألة حزبية أو مسألة تخص محورًا واحدًا وإنما أخاطب النائب كفرد ضمن واجباته الدستورية التي انتخب من اجلها وفي إطار اليمين الدستوري الذي أداهquot;.

وفيما يخص الاتفاقية الأمنية بين العراق والولايات المتحدة أكد نائب الرئيس العراقي أن quot;من حق الجانب الأميركي أن يطلب بموجب الاتفاقية تعديلات ومن حق الجانب العراقي أن يناقش وهو بدوره أن يطلب تعديلات والاتفاقية ضمنت إمكانية عرض مثل هذه الأشياء لكن طلب التعديلات لا يعني إجراءها بالضرورة. واشار الى أنه quot;حتى الآن نلحظ حسن تنفيذ الاتفاقية و في إطار خطط إدارة الرئيس أوباما فقد كان هناك تعهد بسحب القوات في إرادة أميركية البرنامج الانتخابي للرئيس أوباما الذي كان يتكلم بصراحة عن سحب القوات وبالتالي اعتقد الإرادات متوافقة لتنفيذ الاتفاقية بالشكل الذي وضع عليهquot;.

وعن التفجيرات التي ضربت البلاد امس دعا المسؤول العراقي الى ان تكون هذه دافعا اضافيا للسياسيين لانعقاد مجلس النواب وحسم تشكيل حكومة شراكة وطنية. واضاف ان يد القتل والإرهاب والإجرام الآثمة امتدت مرة أخرى لتسفك دماء العراقيين ولتثبت من جديد أن الارهاب لا دين له وأنه لا يستهدف شريحة بعينها بل كل العراقيين. وناشد القوات الامنية quot;رفع درجة اليقظة والحذر وسد كل الثغرات أمام عصابات الارهاب التي تحاول استغلال الانشغال السياسي بتشكيل الحكومة وانسحاب القوات الأجنبية من العراق لتعكر الاجواء العامة وتربك الساحة العراقية وتعطي رسائل خبيثة بأن القوات الامنية العراقية غير قادرة بنفسها على ضبط الاوضاع الامنيةquot;.

وجاءت مبادرة عبد المهدي بمثابة احراج للنواب عن تغيبهم عن برلمانهم الجديد بالرغم من الازمة السياسية والانهيارات الامنية التي تعصف بالبلاد موقعة العشرات من الضحايا يوميا والتي شهدت امس تدهورًا غير مسبوق جيث ضرب العنف البلاد بطولها وعرضها موقعًا حوالى 300 قتيل وجريح. ويأتي تغيب النواب في وقت تؤكد فيه المعلومات ان حوالي ثلث عددهم يصطافون خارج بلدهم هربا من حرارة صيف العراق الذي تتجاوز فيه درجاتها الخمسين مئوية وبالرغم من الامتيازات العالية التي يتمتعون بها ماديا اضافة الى تخصيص 30 حارسًا أمنيًا لكل واحد منهم.

وقد دفعت مبادرة عبد المهدي هذه وتحرك منظمات المجتمع المدني مؤخرا ضد تعطل عمل مجلس النواب وتهديدها برفع دعاوى قضائية ضد رئيسه الموقت القيادي الكردي فؤاد معصوم برئاسة مجلس النواب الى توضيح موقفها من تعطل الجلسات بعد ابقائها مفتوحة مؤكدة عدم جدوى عقدها حاليا في غياب القدرة على اتخاذ قرارات ملزمة ملقية باللوم على رؤساء الكتل السياسية بتعطيل الجلسات لحين الوصول إلى توافق بشأن الرئاسات الثلاث للجمهورية والحكومة والبرلمان وهو أمر لم يتم لحد الان.

واشارت الى ان فؤاد معصوم رئيس السن للمجلس قد ادى واجبه الدستوري وفق المادة (54) من الدستور التي تشير الى أن اول جلسات مجلس النواب تعقد برئاسة أكبر الأعضاء سنا لانتخاب رئيس المجلس ونائبيه وذلك بتوجيه الدعوة للسادة النواب لعقد الجلسة الأولى في الرابع عشر من حزيران/ يونيو الماضي وبعد أداء اليمين الدستورية لم يتمكن رئيس السن من فتح باب الترشيح لرئاسة المجلس الدائمة لعدم تقديم أي مرشح من قبل الكتل النيابية لهذا المنصب بسبب عدم توصلهم الى توافق بخصوص المناصب الرئاسية مما اضطره إلى تأجيل الجلسة لحين توافق الكتل بهذا الشأن ولم يعترض على ذلك أحد من السادة أعضاء المجلس.

واشارت الى ان معصوم قد عقد بعد ذلك اجتماعا مع رؤساء وممثلي الكتل النيابية في الثاني عشر من تموز/ يوليو الماضي للتباحث بشأن استئناف جلسة مجلس النواب وبعد الإجتماع تبين أن الكتل لم تتوصل الى اتفاق بشأن انتخاب الرئاسات الثلاث ولذلك فأنه لم يعلن عن اسئناف الجلسة.

وأوضحت انه ترأس بعد ذلك الإجتماع التداولي الثاني لرؤساء وممثلي الكتل النيابية في التاسع عشر من تموز quot;حرصًا منه لاستئناف الجلسة المفتوحة لمجلس النواب وحث الكتل للتوصل الى صيغة بشأن انتخاب رئاسة مجلس النواب والمناصب الرئاسية الأخرى الا انه لم يتم التوصل الى اي اتفاق بهذا الصدد.. ثم ترأس إجتماعاً ثالثاً في 25 من الشهر نفسه وبعد مناقشات مستفيضة مع الكتل النيابية أعلن عن استئناف الجلسة المفتوحة لمجلس النواب يوم الثلاثاء الموافق 27 تموز كما دعا النواب الى الحضور في الموعد المحدد في بناية قصر المؤتمرات حيث حضر رؤساء الكتل وأعضاء المجلس النواب إلا أن رؤساء الكتل قرروا في اجتماع لهم تأجيل استئناف الجلسة المفتوحة لحين الوصول إلى توافق بشأن الرئاسات الثلاث للجمهورية والحكومة والبرلمان وهو امر لم يتمحتّى الآن.

وأكدت الرئاسة المؤقتة لمجلس النواب إن عقد أيّ جلسة للمجلس حاليًّا لا جدوى منها في حال لم يتم انتخاب رئاسة دائمة للمجلس quot;إذ لا يمكن اتخاذ قرارات ملزمة ولا سيّما أن مهمة رئيس السن وفق المادة (54) من الدستور تقتصر بعد أداء اليمين على فتح باب الترشيح لانتخاب رئيس المجلس ونائبيهquot;.