قد تكون أزمة الحكومة العراقية شارفت على نهايتها، واقتربت نحو التشكيل، بعد معلومات عن توافقات جرت أخيرًا ترجّح إعادة انتخاب المالكي لولاية أخرى في منصب رئاسة الوزراء، شرط ألا يدعم مقتدى الصدر، الذي رشّحت كتلته عادل عبد المهدي للمنصب عينه.

عبد الرحمن الماجدي من أمستردام: تقترب أزمة تشكيل الحكومة العراقية من نهايتها وفق ما تسرب من أنباء متسارعة من بغداد عن توافقات جرت خلال اليومين الماضيين بين معظم مكونات التحالف الوطني الذي يضم ائتلاف دولة القانون والائتلاف الوطني، تتجه حتى الآن للموافقة على إعادة ترشيح رئيس الوزراء الحالي نوري المالكي لولاية ثانية، شريطة الحصول على دعم زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، الذي رشحت كتلته (أحد مكونات الائتلاف الوطني) القيادي في المجلس الإسلامي عادل عبد المهدي لرئاسة الوزراء.

وتفيد الأنباء من بغداد أن المالكي أوفد عددًا من أعضاء ائتلاف دولة القانون إلى إيران للقاء الصدر والاستماع إلى شروطه قبل الموافقة على دعم كتلته للمالكي.

وقال مصدر عراقي قريب من مفاوضات التحالف الوطني إن الوفد غادر يوم أمس الجمعة بغداد لقم، والتقى الصدر الذي طلب من قادة دولة القانون الاجتماع بقادة كتلته (الأحرار) للإطلاع على شروطهم لدعم المالكي الذي نجح في استحصال موافقة معظم أعضاء الكتالة الصدرية شفوياً، مفضلين موافقة مقتدى الصدر ليكون دعم ترشح المالكي مباركًا من زعيمهم، وهي تتعلق بإطلاق سراح سجناء من الكتلة الصدرية أو إصدار عفو عام عن السجناء، حسب ما أفاد به المصدر.

وحسب المصدر، فإن المالكي نجح في الحصول على دعم المرجعية الشيعية في النجف (السيستاني)، وفي قم (الحائري، مرجع الصدر الروحي) لدعم المالكي، وإنهاء أزمة تشكيل الحكومة التي باتت تهدد أمن البلاد وما حصل من مكتسبات. ولخص المصدر شروط كتلتي مقتدى الصدر وعمار الحكيم زعيمي الائتلاف الوطني (70 مقعداً) في الحصول على مناصب سيادية ترضي قادتهما خاصة عادل عبد المهدي الذي من المنتظر أن يتقلد منصب نائب رئيس الجمهورية.

من جانب آخر، أكد المصدر ما نشرته quot;إيلافquot; قبل أيام عن عدم دعم القادة السنة في القائمة العراقية تولي زعيمها رئيس الوزراء السابق أياد علاوي لرئاسة الوزراء، خشية حرمان قادة المكون السني العراقي من المناصب السيادية، لأن تقلد علاوي (العلماني ذو الأصول الشيعية) منصب رئاسة الوزراء لرئاسة الجمهورية سيحرم القائمة من بقية المناصب السيادية، حسب ما كشفه قادة في العراقية كنائب رئيس الجمهورية طارق الهاشمي ونائب رئيس الوزراء رافع العيساوي وأسامة النجيفي وآخرون لنائب الرئيس الأميركي جو بادين خلال زيارتيه الأخيرتين للعراق، مفضلين تولّي المالكي تشكيل الحكومة العراقية المقبلة ضمانًا لتقلد قادة سنة لمناصب سيادية عليا في البلاد.

وبرر المصدر خلال حديثه لإيلاف بيان القائمة العراقية ليلة أمس حول عدم اعترافها quot;بالتحالف الوطني وإفرازاتهquot; وعدم المشاركة في حكومة يرأسها نوري المالكي بأنه رد فعل غاضب على موافقة قادة في العراقية يزيدون عن 30 نائباً لدعم ترشيح المالكي الذي وصف بيان العراقية ضده وضد ائتلافه وحكومته بأنه يعبّر عن رأي التيار المتشدد في القائمة العراقية.

وكان الناطق باسم القائمة العراقية حيدر الملا تلا بيانًا خلال مؤتمر صحافي في ساعة متأخرة من ليلة أمس الجمعة قال فيه إن استمرار السلطة التنفيذية الحالية بهذه العقلية البعيدة عن الأسس الدستورية والقيم الديمقراطية أمر خطر للغاية على المصلحة العامة وعلى الشعب العراقي، ولكون القائمة العراقية تعتبر نفسها مفتاحًا للحل ومغلاقًا للأزمات، فإنها تعلن عدم اعترافها بالتحالف الوطني وبإفرازاته، مبيناً أن النموذج الحالي لإدارة الدولة برئاسة المالكي غير صالح للتكرار، لذا تعتذر القائمة عن المساهمة أو المشاركة في أي حكومة يرأسها المالكي.

وأوضح الملا أن العراقية ستواصل مشاوراتها مع مختلف القوائم الانتخابية، لاسيما الائتلاف الوطني لتشكيل حكومة شراكة وطنية قائمة على أساس الاستحقاق الانتخابي والسياسي. يذكر أن العراقية فازت بـ 91 مقعداً في انتخابات مجلس النواب التي جرت في آذار (مارس) الماضي. وتطالب بحقها في تشكيل الحكومة العراقية لكونها صاحبة العدد الأكبر من المقاعد. لكن تحالف ائتلاف المالكي (89 مقعدًا) والحكيم (70 مقعدًا) جعل المحكمة الاتحادية تعتبرهما الكتلة البرلمانية الأكثر عدداً (159 مقعدا)، وهو ما لم توافق عليه القائمة العراقية.

وكشف المصدر العراقي لـquot;إيلافquot; أن المالكي نجح في كسب الاعتماد على عامل الوقت لكسب مؤيدين له وتفكك الكتل المنافسة بسبب حزبية معظم أعضاء ائتلافه وتمسكهم به كمرشح وحيد لتشكيل الحكومة العراقية.

يشار إلى ان انضمام نواب من القائمة العراقية لدعم المالكي لرئاسة الوزراء سبقته اجتماعات في دمشق وعمّان وبيروت مع هؤلاء النواب الذين وعدوا بتقلد مناصب وزارية مع احتمال منحهم منصب رئاسة الجمهورية أو منصبي رئاسة مجلس النواب والمجلس الوطني للسياسات الاستراتيجية المقترح.

وأضاف المصدر أن التحالف الكردستاني كان مؤيدًا على الدوام دعم ترشيح المالكي لولاية ثانية، وكان ينتظر حصول توافق في مكونات التحالف الوطني وجلب أكبر عدد من قادة العراقية لتكون حكومة وحدة وطنية تشارك فيها الكتل الفائزة كافة. ويجري التفاوض الجانبي الآن لموافقة الكرد على التخلي عن منصب رئاسة الجمهورية للسنّة مقابل منصب رئاسة البرلمان.

وكان التحالف الوطني منح مرشحيه لرئاسة الحكومة مهلة خمسة أيام، تنتهي يوم غد للتوافق على مرشح واحد منهما. وقد نجح المالكي في كسب الجولة من خلال دعم خارجي وداخلي له مقابل توزيع عادل للمناصب الحكومية لبقية الكتل. ويحتاج المرشح لرئاسة الوزراء 163 مقعدًا، فيما يبلغ عدد مقاعد التحالف الوطني 159 مقعدًا، من المتوقع أن يزيدها عدد مقاعد التحالف الكردستاني 43 مقعدًا تكفي للفوز بتشكيل الحكومة.

يذكر أن الانتخابات العراقية التي جرت في السابع من شهر آذار (مارس) الماضي تمخضت عن فوز القائمة العراقية بـ 91 مقعدًا، وائتلاف دولة القانون الذي يتزعمه رئيس الوزراء المنتهية ولايته نوري المالكي بـ 89 مقعدًا، والائتلاف الوطني العراقي بـ 70 مقعدًا، والتحالف الكردستاني بـ 43 مقعداً. إضافة إلى كتل صغيرة تشكل مقاعد البرلمان البالغة 325 مقعدًا.

وقد اندمج دولة القانون والوطني ضمن كتلة موسعة تحت اسم التحالف الوطني العراقي، مشكلين أكبر كتلة برلمانية 159 من حيث العدد. لكن القائمة العراقية تطالب بأن تشكل هي الحكومة باعتبارها القائمة الفائزة أصلاً بأكبر عدد من الأصوات. وعقد البرلمان العراقي أولى جلساته يوم الرابع عشر من شهر حزيران (يونيو) الماضي، وبقيت جلسته مفتوحة إلى أن تتفق الكتل الفائزة على تسويات سياسية لتوزيع المناصب السيادية.