سيدي بوزيد: في سيدي بوزيد مهد شرارة الثورة التونسية غابت مشاعر الفخر التي سادت بعيد الثورة، اذ لا يخفي الشبان في شوارع المدينة قلقهم وغضبهم وكد كثيرون منهم انهم لن يصوتوا في انتخابات المجلس التأسيسي الاحد.

ففي 17 كانون الاول/ديسمبر انتحر بائع متجول شاب باحراق نفسه في المدينة الواقعة وسط غرب البلاد.

واطلقت حركته اليائسة تظاهرات عارمة سرعان ما عمت البلاد ووصلت الى العاصمة وادت الى الاطاحة بنظام زين العابدين بن علي في 14 كانون الثاني/يناير.

ويعترضك في المدينة بسام ومحمد وعمر وخليل وجميعهم quot;عاطلون عن العمل بالطبعquot;. وتتراوح اعمار هؤلاء الشبان بين عشرين وثلاثين عاما.

وقد شاركوا في انتفاضة سيدي بوزيد المدينة التي يناهر عدد سكانها 80 الف نسمة واصبحت رمزا للغضب من التهميش في المناطق الداخلية المنسية من quot;المعجزة الاقتصاديةquot; التونسية.

لكن بعد تسعة اشهر يبدو ان جذوة الثورة بدات تخبو.

ويقول يوسف الطرابلسي صاحب قاعة رياضة وهو يهز بكتفيه quot;عانينا دائما من نظرة احتقار وستحفظ كتب التاريخ ثورة 14 كانون الثاني/يناير في تونس وليس ثورة 17 كانون الاول/ديسمبر في سيدي بوزيدquot;.

ويرى عدد من الشبان ان الثورة لم تغير شيئا بالنسبة لهم وهم يتابعون بلا اهتمام الحملة الانتخابية لانتخابات الاحد المقبل المصيرية.

ومثلت سيدي بوزيد محطة اجبارية لكافة الاحزاب السياسية الكبرى المتنافسة في الانتخابات. بل ان حركة النهضة الاسلامية اطلقت حملتها الانتخابية من هذه المدينة.

لكن مرور الاحزاب في المدينة التي تتنافس فيها 65 قائمة انتخابية لا يبدو انه كان مقنعا. ويقول بسام ساخرا quot;في السابق كان شخص واحد يكذب هو بن علي اما اليوم فقد اصبحوا مئةquot;.

ويضيف سمير وهو موظف في الخمسين من العمر quot;لا نزال نشهد الاساليب ذاتها. تاتي الاحزاب وتوزع عشرة دنانير (خمسة يورو) هنا و20 دينارا هناك لنشارك في اجتماعاتها او لنوزع مطوياتهاquot;.

ويقر عمر (20 عاما) ان quot;هذا صحيح لكن على الاقل نحصل على مصروف الجيبquot;.

ويقول انه لقاء خمسة دنانير وسندويتش صعد الى حافلة في نهاية ايلول/سبتمبر للمشاركة في اجتماع في العاصمة للاتحاد الوطني الحر وهو حزب حديث يتزعمه رجل الاعمال الثري سليم الرياحي الذي يشكك خصومه في مصادر امواله.

ويضيف عمر مبتسما quot;كانت الاجواء جيدة على الاقلquot; في الاجتماع، موضحا انه في سيدي بوزيد quot;لا يوجد شيء نفعله. حتى المسبح يكلف دخوله لساعة اربعة دنانير سريعا ما تنتهي ليعود الضجر والملل. ولا يبقى امامك الا احد امرين الخمر او العراكquot; مع الاخرين.

وبحسب المدرس والنقابي سليمان الرويسي quot;فان 40 الى 50 بالمئة من شبان المدينة لا يرغبون في التصويتquot;.

ويضيف مفسرا هذا الموقف، ان quot;هناك ازمة ثقة بين الشعب والسياسيين وكثرة في الاحزاب المتنافسة في الاقتراع والانطباع بانه ما من شيء تغيرquot; في البلاد.

وقال محمد وهو شاب آخر بلا عمل quot;هذه الثورة قمنا بها لاننا عاطلون عن العمل ونريد ان نعمل وليس من اجل دستورquot;.

وعلى جدران مقر الولاية حيث احرق البوعزيزي نفسه تعلق طلبات العمل على قصاصات ورقية.

ويدعو مصطفى ودار المعتمد الاول (المسؤول الثاني) للولاية مساعديه ويفتش في ملفاته للعثور على الارقام. وهو لا يريد ان يقول ان شيئا لم ينجز لسيدي بوزيد.

ووضعت خطة استثمار للولاية (412 الف نسمة) لعام 2011 وصرفت الاعتمادات المالية. وتم تخصيص 47 مليون دينار (23 مليون يورو) لتطوير البنية التحتية وطرقات هذه المنطقة الزراعية اساسا.

كما تم تخصيص 66 مليون دينار لبرامج مساعدات للصناعات التقليدية ولدعم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة و19 مليون دينار لقطاع الصحة.

ويقول المسؤول انه quot;تم تحقيق اشياء لكن الناس لا ترى بعد اثرها وعقليات الناس هنا صعبة في حكمهاquot;.

ويضيف المسؤول القادم من صفاقس (ثاني اكبر مدن البلاد على الساحل) وعين في منصبه في الاول من حزيران/يونيو quot;بصدق العمل هنا صعب، فهذه منطقة اعطت الكثير ولم تحصل على شيءquot;.

ويتابع ان quot;الانطلاقة الحقيقية ستكون بعد 23 تشرين الاول/اكتوبر. وعندها يمكننا الحكمquot;.