ملف: القذافي ميتًا صورة وصوتًا

بيروت: انتهت الحرب في ليبيا بمقتل العقيد معمر القذافي. لكن ما الإرث الذي خلفه وراءه؟

في هذا السياق أشارت صحيفة التلغراف أن ليبيا والدول المجاورة تنفست الصعداء عندما سمعت نبأ مقتل العقيد الليبي معمر القذافي، لأنه لو بقي حياً وتمكن من الفرار إلى النيجر أو إحدى الدول الافريقية، لكان فعل كل ما في وسعه لتخريب جهود الشعوب المتحررة حديثاً في ليبيا وتونس ومصر.

لهذا السبب وحده، يبعث موت القذافي ارتياحاً في نفس العرب وجميع أولئك الذين يؤمنون بالحرية. لكن المقلق هو احتمال أن يكون القذافي قد خلف وراءه دولة مليئة بالاسلحة، التي إذا وقعت في الأيدي الخطأ، ستهدد أمن واستقرار ليبيا والشرق الأوسط بطبيعة الحال.

واشارت الصحيفة إلى أن القذافي لطالما كان مهتماً بأعمال التسلح وحيازة الصواريخ المتطورة، ويحتفظ بمخزونات هائلة من الأسلحة التقليدية لضمان بقاء ليبيا كواحدة من القوى العسكرية المهيمنة في المنطقة.

ونتيجة لسياسة نشر وحيازة السلاح التي اتبعها القذافي، تعج ليبيا المحررة اليوم بأعداد هائلة من الأسلحة، في الوقت الذي تتمترس فيه الميليشيات والجماعات المسلحة على التقاطعات الرئيسية في المدن الليبية الرئيسية.

ونتيجة للفوضى التي سادت ليبيا في الأشهر الأخيرة، بات من السهل الحصول على الأسلحة بأسعار زهيدة، فانخفض سعر بندقية كلاشنيكوف من 2000 دولار قبل الصراع الى نحو 800 دولار.

أولى التحديات التي ستواجهها الحكومة الانتقالية الجديدة، هي إقناع الجماعات المختلفة بإلقاء أسلحتها ودعم الجهود لإقامة حكم ديموقراطي. لكن القلق الحقيقي ليس من الأسلحة الخفيفة كالبنادق الهجومية، بل من المخزونات الهائلة من الأسلحة الأكثر تطوراً، مثل صواريخ طويلة المدى وصواريخ أرض جو، التي اختفت في الصحراء الليبية أثناء الفوضى التي عمت البلاد ولم يعد لها أي أثر.

واعتبرت التلغراف أن التهديد المحتمل الذي تشكله هذه الأسلحة على ليبيا والعالم الخارجي على السواء، جعل من الاستخبارات الغربية تضع في أولوياتها مهمة تعقب هذه الأسلحة واستردادها بطريقة سلمية.

ومنذ سقوط نظام القذافي في أواخر آب/ أغسطس، أرسلت الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا فرق استخباراتية لتجوب ليبيا بحثاً عن صواريخ مفقودة، وتحديداً الآلاف من الصواريخ التي تطلق من على الكتف، وصواريخ أرض - جو اشتراها القذافي من موسكو خلال السنوات العشر الماضية.

ونقلت الصحيفة عن مسؤول غربي في ليبيا قوله: quot; أصبحت ليبيا سوق الأسلحة للإرهابيين في العالم كله، والجميع يحاول عقد الصفقات للحصول على أسلحة القذافي، ونحن في سباق يائس مع الزمن لمنع وقوعها في الأيدي الخطأquot;.

وأفاد ضباط الاستخبارات الاميركية ان أنصار تنظيم القاعدة في تونس والجزائر يسعون بنشاط للحصول على هذه الصواريخ التي يمكن استخدامها في هجمات إرهابية ضد طائرات الركاب المدنية. كما أفادت الأنباء في الأسبوع الماضي أنه تم تهريب بعض من هذه الصواريخ إلى غزة.

ومن ناحية اخرى، تشير التقارير إلى أن إيران أرسلت فريقاً من الحرس الثوري لشراء عشرات من الصواريخ التي يمكن نقلها إلى الجماعات الإرهابية العديدة التي تدعمها الجمهورية الإسلامية في المنطقة، بما في ذلك حركة طالبان في أفغانستان.

ويعوق قدرة بلدان الناتو مثل بريطانيا وفرنسا لمراقبة ما يحدث على أرض الواقع في ليبيا، حقيقة أن الحكومتين البريطانية والفرنسية تعارضان تماماً نشر قوات برية في ليبيا. كما ان نشر القوات الغربية في كل من العراق وأفغانستان، يعني أن الغرب كان قادراً على الضغط على الحكومة المضيفة لاعتماد سياسات موالية للغرب.

لكن من الصعب تحقيق هذا الأمر في ليبيا، إذ ليس هناك ما يضمن أن جماعات الثوار في ليبيا سوف يتعاونون مع الجهود الغربية لجعل ليبيا ما بعد القذافي أكثر أمناً، والحيلولة دون أن تصبح أرضاً لتجنيد المتطرفين الإسلاميين، كما حدث في العراق بعد الاطاحة بصدام حسين.

واشارت الصحيفة إلى أن الخلافات القبلية في ليبيا تشكل تهديداً كبيراً على أمن واستقرار ليبيا، فمقتل القذافي لن يفعل الكثير من أجل رأب الصدع العميق بين القبائل لضمان مستقبل ليبيا المستقر والمزدهر.

كما أن صفية أرملة القذافي، تطالب بإجراء تحقيق دولية للتحقيق في ظروف وفاة زوجها وابنها معتصم، الأمر الذي يشير إلى أن الأحداث المأساوية التي وقعت في الأسبوع الماضي في سرت لم تنتهي حتى الآن.

ومع انتهاء الحرب في ليبيا، من المحتمل أن حرباً جديدة على وشك أن تبدأ.