الخبراء يحذرون من عمليات النصب والاحتيال عبر الانترنت. في الإطار: صفية فركاش الزوجة الثانية لمعمّر القذافي |
في أسلوب نصب إلكترونيّ قديم ومتجدّد، انتحل مجهول صفة أرملة معمّر القذافي، ووجّه رسائل بريديّة لاستمالة مستخدمين حول العالم بينهم مراسل quot;إيلافquot;، تطلب المساعدة في تهريب 12.5 مليون دولار، مقابل عمولة بقيمة 4%. ويحذر خبراء تحدثت معهم إيلاف من التجاوب مع تلك الرسائل أو الكشف عن البيانات المصرفية الخاصة.
تلقى مراسل quot;إيلافquot; في القاهرة رسالة إلكترونية من مجهول يدّعي أنه صفية فركاش أرملة الزعيم الليبي الراحل معمّر القذافي، وكانت تحمل عنوان quot;Letter from Safia Farkash Gaddafiquot;، مرسل من البريد الآتي [email protected]، في حين أن الاسم المدوّن أمام البريد هو Safia [email protected].
لم يتضمن البريد الوارد بياناً صحافياً صادراً منها، لكنه كان يحوي رسالة تقول فيها إنها كانت تعيش في جحيم مع القذافي، وإنه نال النهاية التي يستحقها. وأعلنت أنها تطلب المساعدة في تهريب 12.5 مليون دولار مقابل 40% من المبلغ. وطلبت أرملة القذافي quot;المزيفةquot; عدم الكشف عن خططها في حال عدم الموافقة على مساعدتها.
quot;إيلافquot; استصرحت خبراء في مجال تكنولوجيا المعلومات والمصارف حول هذا النوع من الرسائل، حيث أكدوا أن هذه الطريقة هي أحدث وسائل النصب والإحتيال عبر الإنترنت.
نصب وإحتيال
وفقاً لما قاله هاني سعد الله الخبير المصرفي، لـ quot;إيلافquot; فإن هذا النوع من الرسائل يعرف بـquot;الرسائل التطفليةquot;، وهناك شركات متخصصة في عمل مرشحات دقيقة لها، وترصد مئات الملايين من الرسائل يومياً، تصل إلى مستخدمي الإنترنت بطريقة عشوائية، في محاولة لإصطياد الطامعين في الثراء السريع.
وأضاف سعد الله: هناك طرق مختلفة للإيقاع بالضحايا، منها الإدعاء بأن المرسل رجل أعمال وعالق في دولة أجنبية، ويحتاج تحويل ملايين الدولارات، ويطلب المساعدة مقابل نسبة لا تقلّ عن 20% من قيمة المبلغ الأصلي، أو يدّعي أنه مسؤول حكومي بارز في دولة أفريقية، ويحتاج تهريب أموال إلى دولة أخرى.
عائلات الرؤساء المخلوعين
ونبه سعد الله إلى أنه بعد إندلاع الربيع العربي، بدأ الكثير في إستغلال الحدث للإيقاع بالضحايا، من خلال إرسال رسائل إلكترونية بطريقة عشوائية، يدّعي مرسلها أنه أحد أفراد عائلة الرئيس التونسي السابق زين العابدين بن على أو أحد أفراد أسرة زوجته، أو أفراد حاشيته أوالمقرّبين منه، أو أحد أفراد أسرة أو حاشية الرئيس المصري السابق حسني مبارك، أو أحد أفراد عائلة القذافي أو أحد الموالين له، ويطلب المساعدة في تحويل ملايين الدولارات إلى دولة أجنبية في أوروبا أو أفريقيا، نظير عمولة قد تصل إلى 50% من المبلغ الذي يريد تهريبه.
يحذر صفي الدين من الرد على تلك الرسائل، مشيراً إلى أن الرد معناه إبتلاع الطعم، ويوضح: في حالة الرد على الرسالة بالموافقة، سوف تتلقى الضحية بعد ذلك رسائل تحتوي على مستندات مزيفة بطريقة يصعب كشفها، تؤكد حقيقة إمتلاك الأموال، وسوف يتلقى إتصالات هاتفية من ذلك الشخص أو أحد أعوانه، وبعد أن يثق الضحية في جدية الصفقة، يطلب النصاب منه بيانات حساباته المصرفية، وتحويل أموال إليه مثل رسوم الضرائب أو تكلفة أتعاب المحاماة، ثم يختفي النصاب تماماً، بعد الحصول على أموال الضحية.
285 مليون دولار سنوياً
يؤكد أحمد عماد الدين أستاذ تكنولوجيا المعلومات في جامعة القاهرة أن ظاهرة النصب عبر الإنترنت واحدة من أخطر الجرائم المرتبطة بالشبكة العنكبوتية، ومن الصعب الكشف عن الجناة، نظراً إلى أنهم أشخاص وهميين، كما إنهم يتلقون الأموال من الضحايا بطرق تبدو مشروعة.
وقال عماد الدين لـ quot;إيلافquot; إن حجم تلك الجرائم بلغ نحو 285 مليون دولار في العام 2009، وهذه المبالغ المعلن عنها، لكن القيمة الحقيقية قد تكون أضعافًا مضاعفة، لاسيما أن بعض الضحايا لا يقدمون شكاوى إلى الجهات القضائية، مشيراً إلى أن تلك الأموال تم الإستيلاء عليها من الحسابات المصرفية لعملاء تجاوبوا من عروض مغرية بصفقات تجارية مع رجال أعمال وهميين، أو عبر الإشتراك في مسابقات اليانصيب الوهمية، أو من خلال مساعدة أشخاص يزعمون أنهم من أقارب مسؤولين في دول فيها إضطرابات، ويحاولون تهريب أموال إلى الخارج.
التجاهل أفضل حل
ونبّه عماد الدين إلى أنه بالرغم من أن شركات الإنترنت تقدم خدمات مجانية لترشيح الرسائل، ورغم تحذيرات جهاز حماية المستهلك، وشرطة مكافحة جرائم الإنترنت، إلا أن الباحثين عن الربح والثراء السريع يتجاهلون كل ذلك، ويقعون في الأفخاخ.
وينصح عماد الدين في حالة التعرّض لتلك النوعية من الرسائل بتجاهلها تماماً، أو إبلاغ الجهات أو المؤسسات التي تصدر باسمها. و ضرب مثلاً برسائل كانت شائعة منذ نحو عام، تزعم أن شركة مايكروسوفت تنظم مسابقة عالمية قيمتها 100 مليون دولار. وفي هذه الحالة ترسل إلى الشركة، وسوف تتعامل معها. أو التقدم بشكوى إلى الموقع الآتي www.econsumer.gov، وهو عبارة عن مشروع تتشارك فيه 20 دولة من الدول الأعضاء في الشبكة المعنية بحماية المستهلك والتنفيذ.
حياة الجحيم والعبودية
بالعودة إلى الرسالة المزيفة، قالت صفية quot;المزعومةquot; في رسالتها: quot;أنا صفية فركاش، الزوجة الثانية لمعمّر القذافي، كنت أعيش في جحيم مع القذافي، كنت أعيش حياة العبودية، وعانيت سوء المعاملة منه، منذ أن تزوجت به، بل وعانيت قسوة أسرته أيضاً، وكنت أبحث طوال تلك السنوات عن طريقة للخروج من ذلك الزواجquot;.
وأضافت: quot;أحمد الله أنني الآن أعيش في الجزائر مع ابنتي عائشة، وابنه محمدquot;، مشيرة إلى أنها رغم ذلك شعرت بالحزن للطريقة التي قتل بها، لكنها كانت فرصة لها للخلاص منه.
وقالت: quot;شعرت بالصدمة بعدما علمت بنبأ وفاته في 20 أكتوبر الماضي، هو و ابنه المعتصم، لكنها كانت الطريقة الأفضل للخلاص من هذا الزواج، الذي كان بمثابة الجحيم بالنسبة إليّ، إنني الآن أعيش حياة أفضل مع أولادي، حياة نتمتع فيها بالحريةquot;.
واستطردت لتؤكد أن quot;مقتل معمّر القذافي وابنه المعتصم هي النهاية التي يستحقها، بسبب الجرائم ضد الإنسانية التي ارتكبها بحق الليبيينquot;. وأضافت quot;أنا أعلم أن شعب ليبيا سوف ينتقل إلى مرحلة جديدة تحت قيادة المجلس الوطني الإنتقالي، وسوف تجري الانتخابات للمرة الأولى منذ 42 عاماًquot;.
تهريب 12.5 مليون دولار
وزعمت فركاش quot;المزيفةquot; بالطبع أنها هرّبت ملايين الدولارات، وقالت: quot;نجحت في تهريب 12.5 مليون دولار من خزينة لزوجي كانت تحت الأرض، وهو جزء يسير من أموال ضخمة متراكمة من تجارة النفط الخام، وتم نقل الأموال إلى شركة أمن موثوق بها في جنوب أفريقياquot;.
وتابعت: نظراً إلى العقوبات المفروضة على أسرة القذافي من قبل منظمة الأمم المتحدة والولايات المتحدة الأميركية، لا أستطيع الحصول على تلك الأموال، وأخشى من التعرّض للمساءلة القانونية في حال إستخدام اسمي أو بياناتي الشخصية في التعامل المصرفي لإستردادها، لذلك قررت البحث عن شخص آخر، ليس له علاقة بالقذافي، وليس له علاقة بأي من الموالين له، من أجل المساعدة في إتمام الصفقة مع الشركة، وقد وقع الإختيار عليك.
5 ملايين دولار عمولة
ووعدت أرملة القذافي بنسبة 40% من قيمة المبلغ، في حال الموافقة على إتمام الصفقة، أي ما يعادل خمسة ملايين دولار. وقالت quot;وأنا على استعداد لإعطائك 40% من المبلغ لتأمين تمويل إجراءات التحويل، وسنجتمع وجهًا لوجه إذا كان ذلك ممكناً، وسوف أمنحك المشورة بشأن كيفية استثمار الأموال، عندما تهدأ التوترات، ويستقر الوضع في ليبيا. وسأرسل لك المزيد من المعلومات بشأن الصفقة في أقرب وقت.. عندما أسمع ردك بالموافقةquot;.
وأشارت إلى أن هذه الصفقة آمنة ومضمونة بنسبة 100%، وأعلنت عن نيتها الرحيل عن الجزائر بعد إتمامها. وطلبت الإسراع في المساعدة، لأن عامل الوقت مهم جداً. وفي حالة الرغبة بالمزيد من المعلومات بشأن الصفقة، طلبت مراسلتها على بريدها الإلكتروني الخاص بموقع quot;الهوت مايلquot;. وطلبت التزود بالبيانات الخاصة جداً، ومنها الاسم بالكامل، وأرقام الهاتف.
وطلبت أرملة القذافي quot;المزيفةquot; الثانية عدم الكشف عن خططها في حال عدم الموافقة، لأنها تخشى، ليس عدم القدرة على الحصول على الأموال فقط، ولكنها تخشى أيضاً من أن يتم إحراقها هي وأفراد أسرتها أحياء، حسب تعبيرها.
التعليقات