تحتفل بغداد بعيدها اليوم، رغم اختلافات الآراء حول هذا اليوم الذي يقول البعض إن التاريخ الحقيقي هو العشرون من نيسان/ابريل، مرجعاً رأيه إلى دلائل تاريخية. في حين ذهبت المجالس الادبية إلى القول انه في عام 1996 غيّرت المحكمة العراقية يوم بغداد إلى الخامس عشر من تشرين الثاني. وذلكلقربه من اليوم الذي يحتفل فيه رئيس النظام السابق صدام حسين بيوم ميلاده.
الاحتفال بيوم بغداد |
بغداد: على الرغم من تباين الآراء حول يوم بغداد، إلا أن أمانة العاصمة العراقية جعلت من يوم الخامس عشر من تشرين الثاني / نوفمبر، عيداً لهذه المدينة التاريخية تحتفل به سنويا، وفيه تحاول بغداد أن ترتدي أجمل حلة وتعيد ترتيب مجدها وتتلمس بأيديها الفضاءات وتنثر الورد على أهلها فيه تتمنى ان تستجمع قواها لتنهض من جديد عابقة بأعطر ما في الارض وتنظر ما حولها لتجد انفاسها تترامى، مثلما يتمنى اهلها ان تزهر المدينة ويلفها الهدوء ويستتب بها الامن وتعيش بسلام كما احد اسمائها (دار السلام).
ومع حلول عيدها او يومها اليوم الثلاثاء.. يختلف البغداديون في ما تنتابهم من مشاعر على الرغم من اتفاقهم في محبتهم الخالصة لها، وفي تمنياتهم لها بالسلامة والازدهار، هناك من يردد قول الشاعر الراحل مصطفى جمال الدين: (بغداد ما أشتبكت عليكِ الأعصرُ / الا ذوت ووريق عودك أخضرَ) وهناك من يترنم بكلام الرحابنة في قصيدتهم التي غنتها المطربة الكبيرة فيروز (بغداد والشعراء والصور / ذهب الزمان وضوعه العطر)، وهناك من يردد ما قاله الشيخ احمد الوائلي في قصيدته الشهيرة (بغدادُ يومكِ لا يزالُ كأمسهِ / صورٌ على طرفي نقيض تجمعُ / في القصر أغنيةٌ على شفةِ الهوى / والكوخ دمعٌ في المحاجر يلدعُ).
كما أن هناك من تجده يذكر المؤرخ الشهير الخطيب البغدادي في كتابه (تاريخ بغداد) قائلاً: (لم يكن لبغداد في الدنيا نظير، في جلالة قدرها وسعة اطرافها وازقتها وحماماتها وخاناتها، وطيب هوائها، وعذوبة مائها، وبرد ظلالها، وأفيائها، واعتدال صيفها وشتائها، وصحة ربيعها وخريفها)، وهناك من يذكر قول العلامة الراحل الدكتور حسين علي محفوظ قال مستذكراً ما استوحاه من معانٍ ودلالات عميقة استنبطها من أحرفها الخمسة حيث يقول: (كلما ذكرت بغداد أوحت إلي حروفها الخمسة من الأعماق والآفاق ما لا اعدده، فتشير الباء إلى البراعة، والغين إلى الغنى، والدال إلى الدعة والألف إلى الإباء، والدال الاخيرة إلى الدراية).
وفي إشارة إلى التغيرات التي طرأت على بغداد في الفترة الأخيرة، تكلّمت عنها مجموعة من المثقفين، كالممثل مرتضى السعدي الذي وصفها بـ quot;الأم الحنون التي لانستطيع مفارقتها، أمنا التي نحزن لما أصابها لكننا نحبها كثيراً ونأمل أن نتكاتف جميعا لنزيح عنها الهمومquot;.
أما الأديب أحمد الثائر فقال: لن أقول أكثر مما قاله نزار قباني (عيناكِ يابغـــداد منذ طفولتي/ شمســــان نائمتان في أهدابي).
ومن جهته يقول الصحافي مؤيد عبد الوهاب: هل تعلم ان نفوس بغداد اصبحت اكثر من ستة ملايين؟ وهل تعلم أن ما يطرحه هذا العدد من نفايات يوميا يبقى في شوارعها وساحاتها العامة؟
أما البائعون والموظفون المتعايشون مع يوميات هذه المدينة، فيتذمرون من الضجيج وعدم الأمان والاستقرار الذي خيّم على بغداد بعد الحروب التي أصابتها.
الآراء المختلفة حول يوم بغداد
والاختلاف في يوم بغداد له عدة اوجه، فهناك من يشير مؤكدا ان التاريخ الحقيقي هو العشرون من نيسان/ابريل وليس الخامس عشر من تشرين الثاني/نوفمبر، وحجته في ذلك ان المؤرخين اجمعوا على أن الخليفة ابو جعفر المنصور قد أسس مدينته المدورة التي اسماها مدينة السلام، يوم الثلاثاء، الفاتح من ربيع الثاني للعام 145 هـ الموافق للتاسع والعشرين من حزيران/ يونيو سنة 762م، وفي يوم الاثنين الأول من محرم عام 146 هـ الموافق للحادي والعشرين من آذار/ مارس سنة 763 م، وبدأ الخليفة الانتقال إليها حيث تم نقل الدواوين وبيت المال من الكوفة، وفي يوم الأربعاء الأول من شهر صفر عام 146 هـ الموافق العشرين من نيسان/ ابريل سنة 763 م، تم الانتهاء من نقل شؤون الخلافة إلى بغداد وبهذا يكون يوم بغداد هو العشرين من نيسان/ ابريل، اما ما ذهبت اليه المجالس الادبية ، فهناك من يقول انه في عام 1996 اتخذت المحكمة العراقية قرارا ارتجاليا بتغيير يوم بغداد من الحادي والعشرين من نيسان إلى الخامس عشر من تشرين الثاني، وذلك لأنه قريب من اليوم الذي يحتفل فيه رئيس النظام السابق صدام حسين بيوم ميلاده.
أي أن بغداد أسست في سنة 145 هـ (762 م) وتمت في سنة 149 هـ (766 م)، وعمرها في هذا العام 1263 سنة قمرية.
بغداد وهي تعانق اثني عشر قرنا ونصف قرن تقريبا، فيما يقول المحامي طارق حرب رئيس جمعية الثقافة القانونية أن يوم 1 / 12 هو يوم لبغداد وليس 15 / 10)، وأضاف: quot;إن تعيين يوم 15 / 11 يوما لبغداد، هو من الخطأ البيّن والغلط الظاهر لعدم وجود أساس قانوني او تاريخي له، ذلك أن الأساس القانوني لتحديد يوم بغداد هو أحد الأيام الثلاثة الاوائل من شهر كانون الاول / ديسمبر من كل سنة وليس منتصف تشرين الثاني/ نوفمبر كما حدد ذلك بعض الفضلاء من أحباء بغداد عندما صدر تشريع من مجلس الوزراء يوم 17 / 11 / 1962 زمن المرحوم عبد الكريم قاسمquot;.
ويوضح: quot;عندما كان مجلس الوزراء هو السلطة التشريعية في البلاد بتحديد الأيام الاول والثاني والثالث من شهر كانون الأول عطلة رسمية بمناسبة الذكرى الالفية لتأسيس مدينة بغداد واحياء ذكرى الفيلسوف الكندي، وحيث إن هذا التشريع (القانون) لم يتم الغاؤه او تعديله فإنه من اللازم العمل بموجبه ولاسيما أن تحديد هذه الأيام جاء بعد تشكيل لجنة من أصحاب الشأن والاخصائيين ولم يحدّد اعتباطاquot;.
التعليقات