اسرائيل تأمل ان يتجنب طنطاوي quot;الفوضىquot; في مصر

لندن: تواجه إسرائيل في شبه جزيرة سيناء وضعا شبهه مراقبون بحشر منطقة القبائل في باكستان على عتبة بلجيكا بدلا من أفغانستان سوى أن موقف إسرائيل اسوأ من وضع أفغانستان بوصفها هدفاً للاسلاميين المتطرفين.

وكانت جماعة التكفير والهجرة التي تنشط على حدود إسرائيل الغربية في سيناء تُعرف في المنطقة بهذا الاسم قبل ان تجتاح مركز شرطة في مدينة العريش في اواخر تموز/يوليو الماضي. إذ وزعت الجماعة منشورات في المدينة تعلن عن نفسها باسم تنظيم quot;القاعدة في شبه جزيرة سيناءquot;.

وقال الخبير الإسرائيلي في معهد دراسات الأمن القومي في تل ابيب يورام شفايتزر ان المنطقة لم تشهد توافد مقاتلين من انحاء العالم على غرار منطقة القبائل في باكستان التي تحولت الى ملاذ لقيادة تنظيم القاعدة بعد هجمات 11 ايلول/سبتمبر.

ونقلت مجلة تايمز عن شفايتزر ان المسلحين الذين ينشطون في المنطقة كلهم من البدو حتى الآن وليسوا اوزبك أو صينيين أو شيشان، كما في منطقة القبائل الباكستانية. واضاف انه quot;رغم كل اوجه الشبه فان هناك اختلافات ولكن الوضع مبعث قلق بالغquot; رغم ذلك.

وكانت جملة عوامل تضافرت هذا العام لإحياء وتشجيع جماعة التكفير التي انزوت في الظل طيلة سنوات. وأول هذه العوامل انهيار قوات وزارة الداخلية المصرية في المنطقة مع سقوط حسني مبارك. وتُركت سيناء مفتوحة حتى ان المهربين اصبحوا يتحركون كما يحلو لهم، لا يتاجرون بالسيارات وغيرها من الغنائم المهربة من ليبيا فحسب بل وبأسلحة ترسانة القذافي المسروقة ايضا.

وبحسب وكالة quot;رويترزquot; فان نيتسان نوريل مستشار رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لشؤون مكافحة الارهاب اعلن في مؤتمر حول الأمن في ايلول/سبتمبر ان من يريد شراء مدفع هاون أو مدفع رشاش أو حتى صاروخ مضاد للطائرات يطلق من الكتف فان كل ما يحتاجه هو حفنة دولارات للحصول عليه. واضاف ان مستوى التهديد أعلى بكثير منه قبل عام.

كما ان اسلاميين القاهم نظام مبارك وراء القضبان هربوا من السجن في غمرة الفوضى التي اقترنت بسقوطه. وتوجه العديد منهم الى سيناء التي بتضاريسها الوعرة وبعدها الجغرافي توفر مخبئا صالحا في أي وقت ولكنها مضيافة بصفة خاصة لأن قبائلها البدوية الناقمة على حكومة القاهرة لإهمالها سكان سيناء أقبلت على الأصولية الاسلامية ايضا.

وقال الخبير الإسرائيلي شفايتزر لمجلة تايم ان ما يثير القلق ان المتطرفين المحليين والهاربين قد ينضم اليهم جهاديون حتى أشد تمرسا وعتوا، يوجههم صوب سيناء ايمن الظواهري الذي ورث قيادة القاعدة من اسامة بن لادن. ويلفت شفايتزر الى ان الظواهري ربما وظف موارد أكبر في سيناء منذ توليه القيادة.

وحققت الجماعة عدة نجاحات في هذه الأثناء. ومما له مغزاه العميق ان جماعة التكفير، كما افادت تقارير، هي التي نفذت عملية ايلات في 18 آب/أغسطس ومقتل 8 إسرائيليين في تلك العملية المعقدة عسكريا. ومن شأن ضلوع الجماعة في العملية ان يفسر العديد من الأشياء.

ففي يوم الهجوم جاء الرد الإسرائيلي سريعا بقصف قطاع غزة بعد اتهام لجان المقاومة الشعبية بالمسؤولية عن الهجوم. ولكن عندما لم تشيع عائلات القطاع أي قتلى وتردد ان جثث المهاجمين الذين قُتلوا تعود الى مصريين أصبح السؤال عن الجهة التي نفذت الهجوم قضية حساسة حتى ان المسؤولين الإسرائيليين امتنعوا عن تناولها في العلن.

وكان الحادث تسبب وقتذاك في تأزيم العلاقات بين مصر وإسرائيل، وهي علاقات تتسم بأهمية بالغة لإسرائيل منذ نزع سلاح سيناء بموجب معاهدة السلام التي أُبرمت بين الدولتين عام 1979. إذ اتهمت مصر إسرائيل بقتل 8 من العسكريين أو افراد الشرطة المصريين في المعركة التي نشبت بعد عملية ايلات وهددت لفترة قصيرة بقطع العلاقات الدبلوماسية. وتمكنت الحكومتان من نزع فتيل الأزمة بينهما ولكن حشدا غاضبا من سكان القاهرة اقتحم السفارة الإسرائيلية حتى ان معاهدة السلام أصبحت الآن على كف عفريت.

وقال الخبير الأمني الإسرائيلي شفايتزر ان هذا على وجه التحديد هو ما كان منفذو العملية يراهنون عليه معتبرا ان quot;السلام المصري الباردquot; مع إسرائيل سلام هش. وهذا بدوره يرفع الرهانات في القاهرة نفسها حيث عاد المصريون الى ميدان التحرير مطالبين بانهاء حكم العسكر.

وتنظر إسرائيل بقلق بالغ الى الوضع. فان عدم ثقتها بجماعة الاخوان المسلمين لا يضاهيه إلا تطلعها الى استمرار سيطرة العسكر متذكرة ان القادة العسكريين المصريين دفعوا بعد عملية ايلات بأكثر من 1000 جندي الى سيناء. ومؤخرا أُلقي القبض على زعيم جماعة التكفير محمد عيد مصلح المعروف باسم محمد التيهي. ويُعتقد ان التيهي مسؤول عن تدبير عدد على الأقل من الهجمات السبعة التي استهدفت انبوب نقل الغاز المصري الى إسرائيل فضلا عن مسؤوليته في تخطيط عمليتي ايلات والعريش.

ولكن قادة جددا سيتقدمون لتسلم الدفة وكلما طال اضطراب الوضع في مصر زادت فرص جماعة التفكير للتحرك بحرية أكبر في سيناء. وقال شفايترز انه سيكون لدى الجماعة مجال اوسع للمناورة بهدف احداث الاحتكاك الذي تحاول اثارته مع إسرائيل quot;ولا شيء يمكن ان يشعل المنطقة كلها مثلما يمكن ان يشعلها هجوم ارهابي من سيناء أو حتى من غزةquot;، على حد قول الخبير الأمني الإسرائيلي.