التظاهرات المطالبة بإسقاط النظام متواصلة في سوريا

تشير تقديرات إلى أن الانفجار السكاني في سوريا كان سببا في اندلاع الثورة ضد نظام الرئيس بشار الأسد، حيث ترك هذا الأثر مساحات شاسعة من سوريا تعيش في حالة من الفقر والحرمان ما جعل سكان مثل هذه المناطق يستشيطون غضباً بالتزامن مع موجة التغيير التي بدأت تحدث من حولهم في العديد من البلدان كتونس ومصر وليبيا.


المتابع للمقاطع المصورة التي يتم بثها على شبكة الإنترنت خلال الأشهر القليلة الماضية بالنسبة للتطورات التي تشهدها الانتفاضة السورية، المستمرة منذ حوالى 268 يوماً، سوف يكتشف أن السوريين قد استفاقوا من سباتهم وبدأوا يملأون الأزقة الموجودة في الأحياء التي كانت تتسم بهدوئها في السابق، في إشارة تدل على أنهم تحولوا إلى خبراء في فن التظاهر والاحتجاج، فضلاً عن استعانتهم باللافتات المزخرفة والشموع للمطالبة بإنهاء فترة حكم الرئيس بشار الأسد والأكثر من ذلك للمطالبة بإنهاء أحكام الإعدام التي يصدرها نظامه بحق بعض المتظاهرين.

وأكدت اليوم مجلة فورين بوليسي الأميركية أن السوريين باتوا يُقتَلون بأعداد متزايدة، حيث وصل عدد القتلى هناك حتى الآن، وفقاً لإحصاءات الأمم المتحدة، إلى أكثر من 4000 قتيل. ومضت المجلة تقول إن هناك إشكالية بشأن الأشخاص الذين يمثلون هؤلاء المتظاهرين، ونوهت بالواقعة التي ألقي فيها بالبيض على وفد من المعارضة السورية خلال تواجده في القاهرة الشهر الماضي من جانب مجموعة ناشطين مناهضين للنظام معترضين على رغبة هذا الوفد الواضحة في التفاوض مع نظام الأسد.

وعن المتظاهرين أنفسهم، قالت المجلة الأميركية إنهم نتاج طفرة سكانية استثنائية شهدتها سوريا، وتركت مساحات شاسعة من البلاد تعيش في حالة من الفقر والحرمان، وهو ما جعل سكان مثل هذه المناطق يستشيطون غضباً بالتزامن مع موجة التغيير التي بدأت تحدث من حولهم في العديد من البلدان كتونس ومصر وليبيا.

ثم أوضحت المجلة أن سوريا بدأت تشهد واحداً من أسرع معدلات النمو السكاني في العالم منذ ستينات حتى مطلع تسعينات القرن الماضي، مشيرةً إلى أن تضاعف عدد سكان البلاد من 5,3 ملايين نسمة عام 1963 إلى 10,6 ملايين عام 1986، ثم تزايده بنسبة تفوق الضعف خلال الـ 25 عاماً الماضية، ليصل لحوالى 23 مليون نسمة.

ووقت الذروة السكانية في البلاد، كان يولد 44 طفلاً سورياً لكل ألف شخص، وهو معدل كان يفوق بكثير معدل النمو السكاني في دولة الجوار، لبنان ( الذي كان يشهد 30 ولادة لكل ألف شخص ) وكذلك أميركا ( التي كانت تشهد 16 حالة ولادة لكل ألف شخص )، وفقاً لبيانات البنك الدولي. كما تركز النمو السكاني في سوريا بشكل غير متناسب في الريف، وهو ما أدى إلى تكون طبقة كبيرة من المحرومين في سوريا الجديدة.

لكن المجلة أشارت إلى بدء تراجع معدلات الإنجاب في سوريا خلال السنوات الأخيرة، وإن ظلت مكافئة لمعدلات الإنجاب في غيرها من الدول الثورية في العالم العربي. وتابعت المجلة بقولها إن المناطق التي تتزايد بها أعداد السكان هي نفسها الأماكن التي تعيش حالة كبيرة من الفوضى الآن. وشددت بعدها فورين بوليسي على أن الحكومة السورية تتحمل جزءًا على الأقل من تزايد معدلات الإنجاب التي تشهدها البلاد. ففي العام 1956، قال يوسف الهلباوي، رئيس قسم التحاليل الاقتصادية في وزارة التخطيط السورية، إنه لا يوجد سبب لتطبيق سياسة تحديد النسل في البلاد، وهو الفكر نفسه الذي عمل من خلاله الرئيس حافظ الأسد بعد توليه سدة الحكم.

وفي الفترة من منتصف الستينات حتى تسعينات القرن الماضي، ثبتت نسبة المواطنين السوريين الذين تقل أعمارهم عن 15 عاماً عند النصف تقريباً، بينما تراجعت نسبة المسنين الذين تزيد أعمارهم عن 70 عاماً إلى 3 %. وحتى اليوم، مع تراجع معدلات الخصوبة، يعتقد أن حوالى 60% من السوريين ما زالوا دون العشرين من أعمارهم.

وختمت المجلة بتأكيدها أن تلك الطفرة السكانية التي تزايدت على المدى البعيد قد حولت البلاد التي تحكمها عائلة الأسد منذ أكثر من 60 عاماً. وحين وطّد بشار علاقاته مع الأغنياء الجدد في دمشق وحلب، بات يتزايد شعور الأطفال القرويون بالحرمان، خاصة وأنهم يجدون الأبواب موصدة أمامهم سواء ظلوا في الريف أو انتقلوا للمدينة. ونوهت المجلة كذلك إلى الدور الذي لعبه النظام التعليمي المطبق في البلاد في زيادة تفاقم تلك المشكلة، بفشله التام في تمهيد الطريق لتوفير فرص عمل مجدية.