فيما يواصل النظام السوري محاولاته لإخماد الانتفاضة المتصاعدة ضده تعمل حركة حماس بهدوء على سحب دعمها للنظام وخفض وجودها الملموس في دمشق أعمال انتقامية تطالها.


خالد مشعل وبشار الاسد في لقاء سابق- ارشيف

يقول مراقبون إن سفك الدماء في سوريا يطرح على حركة إسلامية مثل حماس تحدياً مقلقًا في وقت ترتفع أسهمها السياسية في دول المنطقة الأخرى.ففي قطاع غزة الذي تسيطر عليه حماس منذ عام 2007 تبدو الحركة أقوى وأرسخ من أي وقت مضى. وفي منطقة الشرق الأوسط عموما عززت الانتفاضات الشعبية مواقع الحركات الإسلامية في عموم المنطقة، وأتاحت لقادة حماس أن يحلموا بقوس من الحكومات الصديقة يمتد من المغرب على طول الخط إلى معقل الحركة نفسها في غزة.

ولكن حماس في دمشق تشعر بوطأة الضغط الواقع عليها. إذ كانت العاصمة السورية مقر المكتب السياسي للحركة والمركز العصبي لعملياتها منذ ما يربو على عشر سنوات. ولكنها تشعر الآن أن موقعها ليس آمناً. ويستشيط الرئيس الأسد غضبا إزاء رفض الحركة التي رعاها واحتضنها طيلة سنوات أن تدعم نظامه ضد الانتفاضة. وأفادت تقارير أن العلاقات بين حماس ودمشق بلغت نقطة الانكسار.

وبادرت حماس إلى إجلاء العديد من كوادر المستوى الأدنى عن دمشق خشية تعرضهم إلى أعمال انتقامية وتحسبًا لانهيار النظام. ونقلت صحيفة فايننشيال تايمز عن مسؤول في حماس في قطاع غزة اعترافه بأن الحركة تشعر quot;أن الوضع خطير جدًا على حماس في سورياquot;. وأضاف أن نظام الأسد quot;غاضب علينا غضبا شديداً، وهم يريدون منا أن نقدم الدعم كما قدمه حزب الله. ولكن هذا محال على حماس. فالنظام السوري يقتل شعبهquot;.

وتدرك قيادة حماس مخاطر الوقوف إلى جانب الطرف الخطأ. ونقلت صحيفة فايننشيال تايمز عن مصطفى الصواف رئيس تحرير صحيفة quot;الرسالةquot; المؤيدة لحركة حماس في غزة، قوله: quot;أن لا أحد يريد أن يرتكب الخطأ الذي ارتكبه عرفات في الكويتquot; في إشارة إلى دعم الزعيم الفلسطيني الراحل غزو صدام حسين للكويت عام 1990 ثم هزيمة قواته التي كان من نتائجها طرد زهاء 450 ألف فلسطيني من الكويتquot;. وتستضيف سوريا زهاء 500 ألف لاجئ فلسطيني يشكلون هدفًا ضخمًا لأي أعمال انتقامية محتملة.

ويقول دبلوماسيون إن مبعوثي حماس يقومون بعمليات استطلاع في عموم المنطقة تحوطاً لليوم الذي قد يتعين فيه الرحيل عن سوريا على جناح السرعة. ولكن غالبية المسؤولين والمحللين يعتقدون أن الأنباء التي تتحدث عن انتقال حماس الوشيك إلى قطر أو مصر سابقة الأوان. وقال دبلوماسي غربي إن حماس لم تتمكن حتى الآن من تأمين قاعدة بديلة. وأضاف أن من المتوقع ان يرحل مسؤولو الحركة عن سوريا بعيدا عن الأنظار وان يحاولوا تأمين مراكز احتياطية في عدد من البلدان. ونقلت صحيفة فايننشيال تايمز عن الدبلوماسي الغربي قوله quot;لا أعتقد أن سوريا قضية خاسرة بالنسبة لهمquot;.

كما لا يُعرف حتى الآن ما إذا كان المكتب السياسي لحركة حماس سيكون موضع ترحيب في دول أخرى. فان قطر تقيم علاقات ودية مع حماس منذ سنوات، ولكنها قد تمتنع عن استضافة مقر حركة أدرجتها الولايات المتحدة وأوروبا على لائحة المنظمات الإرهابية. وقال المسؤول في حماس الذي تحدث لصحيفة فايننشيال تايمز في غزة quot;إن قطر يمكن أن تستقبل حماس كأفراد، ولكن ليس كتنظيمquot;.

وفي مصر يكاد يكون من المؤكد أن تخضع الحركة لمراقبة أجهزة الاستخبارات، وقد تجد نفسها مقيدة أكثر منه في الوقت الحاضر.

ومن القضايا التي يتعين أن تأخذها حماس في الاعتبار، وهي التي تعتمد تمويلا وتسليحاً على إيران، تأثر علاقاتها مع طهران في حال انتقالها إلى القاهرة. وقال مسؤول إسرائيلي quot;إن لدينا معلومات كثيرة عن محاولة حماس غرس جذور لها في مصر. ولكن ذلك لا يحدث بالسهولة التي قد يتصورها المرءquot;.

وقال المسؤول القيادي في حماس غازي إن التغيرات التي تجتاح المنطقة تعطي دعمًا هائلاً للحركة رغم التحدي الماثل في سوريا. وأضاف quot;إننا نشعر أن المنطقة كلها تتغير، وبدأنا نرى الشمس بعد سنوات من الظلامquot;.

وقال حمد إن بلدانا مثل مصر تحتاج إلى وقت quot;لترتيب أوضاعها الداخليةquot; ولكنه أعرب عن ثقته بأن مصر تزداد ودا تجاه حماس.

ومن الجوائز الكبيرة الأخرى التي تأمل حماس بالفوز بها تحسين علاقاتها تدريجيا مع الغرب. فالآن إذ أخذت الولايات المتحدة وأوروبا تسلِّمان بصعود الأحزاب الإسلامية في بلدان مثل مصر وتونس، يراهن قادة حماس على حدوث تغيير ماثل في موقف الغرب من حركتهم أيضا. وكما قال حمد، quot;نحن عائلة واحدة وإيديولوجيا واحدةquot;.