يخاطر المسعفون العاملون في صفوف المعارضة بحياتهم من أجل إنقاذ الجرحى، وذكر بعضهم أنهم يعبرون الحدود السورية متسللين لإيصال المساعدات الطبية.


لندن: يكافح المسعفون العاملون في صفوف المعارضة السورية لإيصال الامدادات الطبية عبر الحدود التركية الى رفاقهم في الداخل لمعالجة الجرحى في مواجهة مخاطر كبيرة. واحد هؤلاء المسعفين محمد مرعي الذي انطلق مؤخرا من الأراضي التركية حاملا حقيبة مليئة بقناني الدم والمضادات الحيوية والخيوط الجراحية وامدادات طبية أخرى. وبعد ساعات عاد الى تركيا دون ان ينجز المهمة بسبب وفاة صديقه قبل الوصول اليه.

وقال الصيدلي مرعي (33 عاما) في حديث لصحيفة وول ستريت جورنال انه تسلل عبر الحدود الى سوريا اكثر من 20 مرة خلال الأشهر الستة الماضية لإيصال امدادات الى المستشفيات الميدانية التي يديرها مناوئو نظام الرئيس بشار الأسد. ولكن الرحلات أصبحت أخطر وتستغرق وقتا أطول بعدما شددت قوى الأمن السورية قبضتها على الحدود. فالعملية تستغرق الآن 3 ساعات من السير على الأقدام والزحف على البطن تليها رحلات بالدراجة النارية والسيارة.

وبعد تسعة اشهر على حملة النظام ضد الاحتجاجات السلمية يتحاشى المصابون من المحتجين والمتظاهرين المستشفيات الحكومية. وقال معتقلون وأطباء ان المحتجين الذين يُنقلون اليها للعلاج يتعرضون للتعذيب على أيدي رجال الأمن. ونقل مجلس الأمم المتحدة لحقوق الانسان في تقرير اصدره الشهر الماضي عن شهود عيان وضحايا تعرض الجرحى للضرب والقتل في المستشفيات العسكرية.

واصبح معارضو النظام يعتمدون على مستشفيات ميدانية تزودها بالامدادات شبكات فضفاضة من المهربين مثل الصيدلي مرعي. ولكن ما يصل الى هذه المستشفيات ليس كافيا لعدة أسباب منها محاولات النظام منع تدفق الامدادات والسلاح والمقاتلين.

وكان من المقرر ان يلتقي الصيدلي مرعي رفيقه ابراهيم عثمان مؤسس تنسيقية الأطباء في دمشق الذي نال لقب quot;طبيب الثورةquot; تقديرا لجهود هذا الطبيب الشاب من اجل انقاذ المحتجين وحمايتهم. وقال مرعي في حديث هاتفي مع صحيفة وول ستريت جورنال انه كان من المقرر ان يبحث مع عثمان تفاصيل اقامة مركز طبي قرب الحدود يوم السبت الماضي. ولكن شبكة ناشطين يعملون في منطقة الحدود حذرتهما من وجود حشود استثنائية لقوات النظام. وبعدما عبر مرعي الحدود الى سوريا بدأ يتلقى رسائل من شبكة الناشطين بأن قوات النظام أغلقت احدى الطرق التي يستخدمونها عادة.

وبعد فترة قصيرة علم مرعي من الناشطين ان قناصا قتل الدكتور عثمان لدى وصوله الى الحدود. وقال مرعي ان هناك مخبرين في مناطق كان الناشطون يعتقدون انها آمنة.

وبث ناشطون شريط فيديو يظهر فيه الطبيب الشاب ممددا على الأرض بسروال جينز وقميص مكمم بعد اطلاق النار عليه وقتله. ورفع مصور الشريط جواز سفر عثمان لتصويره عن قرب.

وقال اللاجئ السوري جميل صائب المسؤول عن تنظيم ارسال الامدادات الطبية والهواتف الفضائية والكاميرات وغيرها من التجهيزات الى داخل سوريا من مدينة انطاكيا التركية ان تركيا اصبحت بوابة المعارضة الرئيسية لعمل شبكات التهريب التابعة لها. واشار الى حرص النظام على إحكام غلق الحدود مع لبنان والاردن.

وقال شهود ان مستشفيات المعارضة التي تُقام في خيم أو في غرف بيوت خاصة أو أبنية بعيدة تعمل ساعات أو اياما ولكنها لا تبقى أكثر من اسبوع.

وأوضح ناشط في الداخل ان المدنيين يتصلون بالمعارضة في منطقتهم حين يُصاب أحد. ويتصل ناشطو المعارضة بأطباء وممرضين متعاطفين وسرعان ما تكون الوحدة العلاجية جاهزة. ويتعذر في احيان كثيرة العثور على طبيب مستعد للمخاطرة بعلاج مصابين من المعارضة.

وقال مرعي انه كثيرا ما يقوم بتنظيف الجروح وخياطتها معتمدا على ما تلقاه من تدريب خلال دراسته الصيدلة. واضاف ان هناك نقصا في الدم وكذلك في الأدوات الطبية المعقمة. وقال quot;ان الشروط الصحية صعبة حقاquot;. واكد ان غالبية شبكات الناشطين لم تكن تعرف ان الدكتور عثمان في طريقه الى الحدود لبحث اقامة مركز علاجي جديد.

وتبدو شبكات المعارضة على الجانب التركي من الحدود شبكات مفككة.

وفتحت احدى الشبكات التي رفض قائدها كشف اسمه، مكتبا لجمع تبرعات المغتربين السوريين واستخدامها في شراء امدادات وتجهيزات.

ولكن الناشط جميل صائب قال لصحيفة وول ستريت جورنال انه لم ينضم اليها فيما اكدت الشبكتان انهما لم تتلقيا تمويلا من المجلس الوطني السوري.

وكان المجلس الوطني السوري اعلن انه لا يقدم مساعدات لإيصالها الى الداخل رغم ان بمقدور الأعضاء ان يتبرعوا بصورة فردية لجهود المساعدة.

وقالت الناطقة باسم المجلس بسمة كودماني انه quot;ليس لدينا اية قنوات رسمية ولكننا نساعد حيثما أمكننا ذلك ومتى ما أمكننا ذلك وكيفما امكننا ذلكquot;.