رئيسا الجمهورية جلال طالباني ومجلس النواب اسامة النجيفي

وسط تصاعد الدعوات إلى حلّ مجلس النواب وإجراء انتخابات مبكرة، يستعد العراق لعقد مؤتمر وطني عام لكل القوى السياسية، بغية معالجة القضايا المتعلقة بإدارة الحكم والدولة، ولكن من دون الإتفاق على مسألة إن كانت بغداد ستحتضنه أم إربيل.


مع تواصل الأزمة السياسية في العراق من دون حلول منظورة، فإن أمام قادة البلاد حاليًا طريقان سيسلكونهما من أجل الوصول إلى نهاية نفق هذه الأزمة. وفيما تتصاعد الدعوات إلى حل مجلس النواب وإجراء انتخابات مبكرة، تجري حالياً استعدادات لعقد مؤتمر وطني شامل للقوى السياسية الممثلة في البرلمان، والأخرى من خارجه، برغم الخلاف حول مكانه في بغداد أم أربيل.

انتخابات مبكرة وحكومة تصريف أعمال

حظي مشروع التيار الصدري بزعامة الزعيم الشيعي مقتدى الصدر بحل مجلس النواب وإجراء انتخابات عامة مبكرة خلال ستة أشهر بموافقة عدد من الشخصيات والقوى العراقية، حيثأكد رئيس إقليم كردستان العراق مسعود بارزاني على ضرورة إجراء هذه الانتخابات في حال فشل عقد الاجتماع المنتظر بين القيادات السياسية.

وأضاف في تصريح صحافي أن الأزمة السياسية الراهنة هي الأخطر منذ حرب العراق الأخيرة، التي أسقطت نظامه عام 2003، معربًا عن تخوفه من اندلاع حرب طائفية في البلاد.

وشدد بارزاني على ضرورة عقد مؤتمر وطني عاجل لتجنب انهيارالعملية السياسية وتعرّض العراق إلى ما لا يحمد عقباه، معتبرًا أن ما حدث في مطار بغداد مع نائب رئيس الجمهورية طارق الهاشمي أمر غير مقبول، في إشارة إلى محاولات منعه من السفر إلى كردستان قبل أيام.

وقال بارزاني إنه في حال تفجّر قتال طائفي بين شيعة وسنة البلاد، فإن الأكراد لن يقفوا مع أي من الطرفين.

من جانبها، أكدت ميسون الدملوجي، الناطق الرسمي باسم القائمة العراقية بزعامة رئيس الوزراء السابق إياد علاوي، أن العراقية مستمرة في محاولاتها لتفكيك الأزمة وتعديل مسارات العملية السياسية، لتصبح شاملة ومتوازنة، ولمنع التفرد في اتخاذ القرار من أي جهة كانت.

وقالت الدملوجي في تصريح لـquot;إيلافquot; اليوم الأربعاء إن العراقية تعتبر مبادرة كتلة الأحرار النيابية الممثلة للتيار الصدري لإجراء انتخابات مبكرة للخروج من الأزمة السياسية واحدة من الحلول الناجحة في معالجة هذه الأزمة، خاصة وأنها جاءت بعد ميثاق الشرف، الذي تبناه مقتدى الصدر، مما يدل على وضوح الرؤية، وتحمّل المسؤولية والحرص على وحدة البلاد وسلامة شعبها.

وأضافت الدملوجي أن السير في مسألة الانتخابات المبكرة يقتضي تشكيل حكومة تصريف أعمال، مهمتها الإشراف على انتخابات نزيهة وشفافة بقانون انتخابات واضح وقانون أحزاب متوزان وشفاف. وأوضحت أنه سبق للعراقية أن تبنت مشروع إجراء انتخابات مبكرة منذ أشهر عدة لتجاوز الأزمة السياسية في العراق.

يذكر أن الانتخابات التشريعية العامة المقبلة مقرر لها أن تجري عام 2014 بعدما كانت البلاد قد خاضت هذه الانتخابات في آذار (مارس) من العام الماضي 2010، حيث شهد تشكيل الحكومة المنبثقة منها خلافات واسعة بين ائتلافي دولة القانون بزعامة رئيس الوزراء نوري المالكي والعراقية بزعامة إياد علاوي، انتهت بالاتفاق على شراكة رعاها رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني. لكن القوى السياسية تشكو حاليًا من أن هذه الاتفاقات لم تنفذ حتى الآن، حيث تتبادل الكتل السياسية اتهامات بالمسؤولية عن ذلك.

مؤتمر وطني عام وخلاف حول مكانه

في مقابل ذلك، وفي محاولة تهدف إلى تجنيب البلاد خيار الذهاب إلى انتخابات مبكرة فقد اتفق رئيسا الجمهورية جلال طالباني ومجلس النواب أسامة النجيفي، إثر اجتماعهما في مدينة السليمانية الشمالية على عقد مؤتمر وطني لحل الأزمة الحالية التي تعانيها البلاد.

وقال مصدر في مكتب إعلام مجلس النواب في تصريح صحافي تلقته quot;إيلافquot; الليلة الماضيةإن الرئيسين اتفقا على عقد مؤتمر وطني عام لجميع القوى السياسية بغية معالجة القضايا المتعلقة بإدارة الحكم والدولة، وعلى حل قضية نائب رئيس الجمهورية طارق الهاشمي عبر الإجراءات القضائية، إضافة إلى إيقاف الحملات الإعلامية والإجراءات، التي من شأنها تعقيد الأوضاع الحالية، ومساعي تنقية الأجواء السياسية.

وعقب اجتماعه مع النجيفي، أجرى طالباني مباحثات هاتفية مع رئيس الوزراء نوري المالكي، حيث أطلعه على تفاصيل اجتماعه مع النجيفي، ووصفه بالمثمر والمشجّع باتجاه حل القضايا الشائكة وتمهيد الأرضية المناسبة لانعقاد المؤتمر الوطني العام لجمع القوى السياسية والاتفاق على مشروع وطني لتوحيد الجهود وتقارب الرؤى، مؤكدًا على ضرورة وأهمية أن يأخذ القضاء والعدالة مجراهما.

من جانبه، أبدى المالكي استعداده للتعاون بغية الوصول إلى حلول مناسبة لكل الصعوبات الناجمة من الأزمة الحالية وتذليل العقبات التي تقف في وجه ذلك.

هذا وأكّد التحالف الوطني الشيعي الحاكم عقب اجتماع لقيادته الليلة الماضية برئاسة زعيمه إبراهيم الجعفري على ضرورة الاستمرار بالحوار مع القائمة العراقية وعقد مؤتمر وطني في بغداد، وليس في أي مكان آخر، وكذلك الحال لباقي المبادرات الرامية إلى حلّ الأزمة السياسية، في إشارة إلى مقترحات أخرى طرحت لعقد المؤتمر في مدينة أربيل عاصمة إقليم كردستان الشمالي.

وكان رئيس الوزراء نوري المالكي أكد الأربعاء الماضي أن أي مؤتمر للقوى السياسية يجب أن يرعاه مجلس الوزراء، ويعقد في العاصمة العراقية بغداد. مقابل ذلك، قال فيصل دباغ السكرتير الإعلامي لرئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني إن هذا الأخير يبذل جهوده لحل الأزمة السياسية في العراق، لكنه لن يتوجّه إلى بغداد.

بالتزامن مع ذلك، قررت رئاسة مجلس النواب عقد اجتماع في بغداد الأربعاء المقبل لرؤساء الكتل النيابية، من أجل بحث عدد من القضايا على الساحة السياسية في البلاد لمناقشة التطورات الحاصلة على الساحة السياسية.

وكان التيار الصدري دعا الاثنين الماضي إلى حلّ مجلس النواب وإجراء انتخابات مبكرة، في محاولة لحلّ الخلافات السياسية والتصدي لتقسيم البلاد.

وقال رئيس كتلة الأحرار الممثلة للتيار الصدري في مجلس النواب (40 نائبًا من مجموع 325) بهاء الأعرجي إن العراق يمر حاليًا بمرحلة جديدة، وهناك الكثير من المشاكل، التي لا تحقق للعراق استقراره، ولا تستكمل سيادته، ومنها الارتباك الحاصل في العملية السياسية، ولذلك سيطرح التيار موضوع إجراء انتخابات مبكرة على التحالف الوطني، باعتباره جزءًا منه.

وأشار الأعرجي في تصريح صحافي تسلمته quot;إيلافquot; إلى أسباب هذه الدعوة، موضحًا أن الشركاء السياسيين لن يستطيعوا الوصول إلى حلول للمعضلات التي تواجه البلاد فضلاً عن التهديد بتقسيم العراق، ولذلك فإن حلّ مجلس النواب والتوجّه نحو انتخابات مبكرة سيمكن من الوقوف في وجه هذه المشاريع، إضافة إلى أن هناك كتلاً لديها أجندات خارجية، وأخرى تعمل مع الإرهاب، ومع البعث الصدامي، إضافة إلى كتل وشخصيات سياسية جاء بها quot;المحتل الأميركيquot;.

يذكر أن مجلس النواب معطل منذ أيام، كما علقت الكتلة العراقية (80 نائبًا من مجموع 325) المشاركة في جلساته، إضافة إلى تعليق مشاركة وزرائها التسعة في الحكومة باجتماعاتها احتجاجًا على صدور مذكرة اعتقال رسمية بحق نائب رئيس الجمهورية طارق الهاشمي، وطلب رئيس الوزراء نوري المالكي سحب الثقة من نائبه صالح المطلك، إضافة إلى تردي الوضع الأمني.

وفي وقت يجري مسؤولون أميركيون ودبلوماسيون وسياسيون محادثات مضنية لنزع فتيل الأزمة، التي تهدد بإعادة العراق إلى صراع طائفي يضعه على شفا حرب أهلية، فقد حاول نواب عراقيون الأحد الماضي التفاوض لإنهاء أسوأ أزمة سياسية تشهدها البلاد خلال عام.

وسعى المالكي في الأسبوع الماضي إلى اعتقال الهاشمي نائب الرئيس العراقي والعضو البارز في القائمة العراقية، بتهمة توجيه حراسه الشخصيين لتنفيذ عمليات اغتيال وتفجيرات، كما طالب أيضًا مجلس النواب بسحب الثقة من نائبه صالح المطلك، وهو قيادي آخر في العراقية، بعدما وصف المالكي بأنه quot;دكتاتورquot;.