يرى المتظاهرون أن رحيل مبارك هو الحل لمشاكل المصر، لكن هل سيرحل نظام حكمه معه؟


قالت صحيفة الغارديان في افتتاحيتها اليوم ان القضية الأهم في الوقت الحاضر هي ليست متى يرحل الرئيس مبارك بل إن كان نظام حكمه ايضا سيرحل معه.

وجاء في الافتتاحية quot;ينبئ اعلان الرئيس مبارك، تحت ضغط الولايات المتحدة، انه لن يرشح لولاية أخرى في ايلول/ سبتمبر بنهاية مرحلة في الأزمة المصرية، ولكنه لا يحلها. فاولا، ليس واضحا بالمرة ما إذا كان المصريون سيقبلون ببقائه في موقعه حتى اسميا. وثانيا، ان الصراع الحقيقي في مصر ليس بين السيد مبارك وغالبية الشعب المصري بل بين النخب السياسية والعسكرية والاقتصادية المعشعشة التي سيطرت على المجتمع المصري منذ الاستقلال والطبقات التي مارست بحقها الاقصاء والاكراه والاستغلالquot;.

وتابعت الافتتاحية quot;عملت هذه النخب لحساب السيد مبارك وقاتلت لصالحه وخضعت لسيطرته وقامت في الوقت نفسه باستخدامه للدفاع عن مصالحها الجماعية. فالدكتاتور لا يقف وحده ابدا. ويهتف المحتجون quot;ارحل!quot; ولكن القضية الأهم اليوم هي ليست متى يرحل الرئيس مبارك بل إن كان نظام حكمه ايضا سيرحل معهquot;.

ان الطريقة التي يتنحى بها قضية مهمة لأنها ستكون مؤشرا الى مقدار ما قد يبقى من النظام القديم في الحقبة الجديدة. وقال محمد البرادعي ممثلا وجهات نظر قطاعات واسعة من المعارضة، انه لا يمكن التفاوض مع ما يبقى من السلطات حتى يتنحى السيد مبارك. وانقسم جناح آخر من المعارضة حول اجراء اتصالات قبل ان يحدث ذلك.

وحتى مع تدفق الحشود على ميدان التحرير بحثا عن الراحة التي سيجلبها رحيل مبارك المبكر فان الذين كانوا على جانبي الخط الفاصل بين الحكم والمعارضة يتفحصون المقايضات التي قد تكون موضع درس أو ينبغي ان تكون موضع درس. وهم لا يفعلون ذلك واضعين نصب اعينهم تصاعد الغضب الشعبي فحسب بل ضيق الوقت ايضا بسبب تردي الاقتصاد المصري ترديا متواصلا. فالمتاجر الفارغة والمصارف المقفلة والفنادق السياحية المهجورة ومحطات التعبئة المعطلة لا يمكن ان يتحملها المجتمع فترة طويلة بموارد مصر واحتياطاتها المحدود.

لعل هم السيد مبارك الشخصي هو الانسحاب من المشهد بطريقة مشرفة. ولكن الذين يشكلون اركان حكمه يهمهم البقاء لا الانسحاب. فان كبار ضباط الجيش يريدون الحفاظ على سطوتهم... وزعماء الحزب الوطني الديمقراطي الحاكم ايضا يريدون موقعا لهم في اي نظام جديد، وقد تكون لديهم قاعدة في جهاز مصر البيروقراطي الضخم. وان قطاع الأعمال المصري، وخاصة شريحته القريبة من جمال مبارك، نجل الرئيس، سيحتج بأن رأسماله وخبرته واتصالاته ذات اهمية حيوية إذا أُريد ترميم الاصلاح المصري، وسيهدد بالويل والثبور إذا نُبشت صفقات الماضي وضواريه. ولكن هذه الطبقة تعتبر جزء من المشكلة وليس جزء من الحل. وان قوات الشرطة التي تأتي في قعر هرم النظام ستكون لها حساباتها القائلة ان مهاراتها في القسوة ستكون مطلوبة من جديد عاجلا أو آجلا. ولكن يتعين ان تُقلم مخالبها إذا أُريد لمصر ان تنطلق في بداية جديدة.

وتتبدى الانقسامات واضحة على الجانب الآخر، لا سيما بين جماعة الأخوان المسلمين والقوى العلمانية، ومن الجائز ان تنشأ بين جميع فصائل المعارضة التقليدية والمعارضة الجديدة التي بادرت الى اطلاق عملية التغيير في مصر. ولعلها نشرت زخم التغيير ابعد من مصر، كما تبين اقالة الوزارة في الاردن.

يقول المتظاهرون في ميدان التحرير ان لديهم مطلبا واحدا هو رحيل مبارك. وفي نشوة اللحظة يرى بعضهم ان رحيله هو الحل لمشاكل مصر. ولكنه وحده لن يكون الحل سواء جاء رحيله عاجلا أو آجلا.