تولي الحكومة المقالة في قطاع غزة والتي تسيطر عليها حركة حماس أهمية لملف العملاء الذي تتفاخر بأن ظاهرة انتشار العملاء لصالح إسرائيل باتت تتلاشى بعد الخطة التي وضعتها وزارة الداخلية المقالة.


صرّح فتحي حماد، وزير الداخلية في حكومة حماس، مؤخرا أنّ ظاهرة العملاء في غزة في طريقها للتقلص والتلاشي، مشيراً إلى أن وزارته بذلت كافة جهودها لإنهاء هذه الظاهرة.

في هذا السياق أوضح ايهاب الغصين الناطق الإعلامي باسم وزارة الداخلية أنه quot;بعد عملية ملاحقة عدد كبير من العملاء وتقديمهم للعدالة وإصدار الأحكام المتعلقة بهم إضافة للحملة الوطنية لمنع التخابر، التي من ضمنها فتح باب التوبة أصبح بقدورنا القول أننا قاربنا على الانتهاء من ظاهرة العملاء بالمعنى المجازي وليس بالمعنى الفعليquot; .

نشر أعداد العملاء لا يهم سوى quot;العدوquot;
وأفادالغصين لـquot;إيلافquot;: أردنا بهذا التصريح طمأنة الشعب الفلسطيني بأن الجبهة الداخلية محميّة وهناك نسبة جيدة من التوعية بالثقافة الأمنية في قطاع غزة.
وتابع: فالملاحقة بكل أشكالها ما زالت مستمرة لأن الاحتلال مازال قائم ومستعد لإسقاط عدد جديد من العملاء، وهذا يجعل دورنا مستمراً في الملاحقة والتوعية حتى لا يتم سقوط عملاء جدد ..
فيما رفض الغضين نشر أعداد العملاء الذين تم حصرهم خلال الثلاث الأعوام السابقة مرجعاً السبب أن نشر تلك الأعداد لا يهم سوى العدو .

وأفاد الغصين : أصبحت هناك دوافع جديدة للإسقاط أهمها العامل الاقتصادي أو الرغبة في السفر على غرار الدوافع القديمة مثل الابتزاز الأخلاقي ، مشيراً لمحاولات الإسرائيلي ابتزاز الصيادين أثناء احتكاكهم مع الاحتلال في البحر وأساليب أخرى .

فيما تبين أن أكثر أساليب الاتصال المتبّعة للتخابر هي الهاتف النقّال ، وأوضح الغصين : الهاتف النقال كان وسيلة التواصل الأبرز بين المتخابرين ومشغلّيهم .

فيما تطرّق الغصين إلى خطر التكنلوجيا والشبكات الاجتماعية في فتح مجال التخابر مع العدو ، مشيراً إلى سقوط بعض العملاء عبر تلك الوسائل ، مشيراً لخطر التكنلوجيا المرعب الذي يصعب واجهته ..

الحرب اليوم معلوماتية
من جانبه أكدّ الخبير في تقنية المعلومات أشرف مشتهىعلى صعوبة السيطرة على مراقبة المعلومات الواردة عبر الوسائل التكنولوجية قائلاً لـquot;إيلافquot;: إن الحرب الدائرة اليوم هي عبارة عن حرب معلوماتية أكثر من غيرها ،فكان هذا دافعاً لأجهزة المخابرات والاستخبارات المختلفة للاستفادة منه بأقصى فرصة ممكنة من خلال الاتصال العشوائي أو حتى الاتصال المنظم.

وتابع مشتهى : في حرب غزة 2008 كان الجيش الصهيوني يقوم بإجراء اتصالات دورية على الهواتف الأرضية سواء لتهديد المواطنين أو حتى إغرائهم بالمال المزيف من أجل الإرشاد عن أماكن معينة، علاوة على ذلك إمكانية التواصل والاتصال من خلال الأجهزة الإلكترونية الحديثة والتي تعتمد على الاتصالات الآمنة حيث يصعُب اختراق تلك الاتصالات في معظم الأحيان والكشف عن محتواها، والتي تعتمد في تقنيتها على الإشارات الرقمية (Digital Signals)، والأجهزة التي تعتمد على هذه الآلية عديدة وكثيرة وهي تختلف في حجمها حسب طبيعة عملها، مما يُصَعِبْ عملية مراقبتها.

وقال مشتهى لو أردنا الحديث عن المواقع الاجتماعية مثل موقع Face Book، Twitter، MySpace وغيرها من المواقع الأخرى، سنجد أنه من الصعوبة بمكان أن يتم مراقبة الاتصالات التي تحدث خلال هذه المواقع وذلك بسبب العدد الهائل جداً من كمية المعلومات التي يتم تبادلها يومياً، فخلال عشرة دقائق يمكن تبادل ما يقارب من عشرات الآلاف معلومة.

خطر الشبكات الإجتماعية

وتابع مشتهى : هذا يعني أنه من المستحيل مراقبة ومتابعة تلك المعلومات، مما يُسَهِلْ على أجهزة المخابرات استخدامها كوسيلة للاتصال بعملائه في أنحاء العالم، وهذا يُعتبر تحدٍ للطرف في الجهة المقابلة، إذا أنه من المستحيل تتبع تلك الاتصالات بغض النظر عن كميتها، ولكن لسرية الطريقة أيضاً التي يتم فيها تبادل المعلومات.

وأفاد: ولكن في حال عُرِفَ الشخص المراد مراقبته فإن العملية تصبح أسهل بكثير وذلك لأن هناك عنواناً يرتبط بذلك الشخص مما يمكن تتبع آثاره وتتبع المعلومات التي يقوم بمشاركة الآخرين بها.

وأوضح : لاشك أنه من الصعب مواجهة خطر التخابر من خلال الشبكات الاجتماعية، أما بالنسبة للطرق الأخرى للاتصالات فهي تعتمد على كيفيتها وتختلف القدرة في مواجهتها بناءً على طبيعتها وآلية عملها.

قسوة المرحلة القادمة

من جهته أفاد المحلل السياسي عامر أبو تامر لـquot;إيلافquot;أنّ موضوع العمالة ليس موضوعاً جديداً بل هو موضوع بدأ منذ احتلت اسرائيل فلسطين منذ أكثر من 60 عام .
وفيما يتعلق بصعوبة ملاحقة العملاء عبر الوسائل التكنلوجية قال عامر :ليس ضرورياً أن يكون هناك نجاحاً باهراً في المعرفة بأسرار التكنولوجيا بقدر ما هو مهم أنهم متقيظين لثورة التكنلوجيا ومدركين لأبعادها الخطيرة .
وقال : إن كانت إسرائيل تحتاج في السنوات الماضية كماً غفيراً من العملاء ، فهي تحتاج الآن لعملاء نوعيين الالكتروني ، وهذا فعلاً شيء خطير !!
وقال: في ضوء ما خرجت من معطيات إسرائيلية وفلسطينية هناك حالة تراجع فعلية في ظاهرة العملاء ، وتابع: ليس هذا زهداً من المخابرات الإسرائيلية في تجنيد العملاء .

وقال هناك عدة عوامل لانكماش الحالة وهي وجود حدود أمنية مشددة والرقابة المستمرة التي تحول دون عملية احتكاك بين العميل والمحتل ، والعامل الثاني هو أننا في حالة تهدئة ولا توجد مناوشات وهناك توافق نسبي بين الفصائل وسلطة غزة في العمل الميداني .

وعن سؤاله عن المرحلة القادمة فلسطينياً في ظل وجود تهديدات باغتيالات تتطلب عملاء نوعيين لنقل معلومات حول مكان المطلوبين أوضح أبو تامر : المرحلة القادمة ليست أقل شدة وقسوة من الفترة السابقة، ومن المرجح أن إسرائيل ستلجأ لحرب أقل ضراوة من السابقة من الناحية البشرية والميدانية .

وتابع : فعلاً ..ستكون هناك اغتيالات للصفوف الدخلية التي تتطلب عملاء يزودونها بمعلومات ميدانية على مدار الساعة للتمكن من الوصول لمواقع الوحدات الخاصة بتخزين السلاح أو مواقع قيادات مهمة.
وأوضح: أساليب الاغتيالات هي أساليب لا تحدث ضجيج كبير أمام الرأى العام العالمي ، وبذلك تحمي إسرائيل نفسها من تبرير جرائمها للرأي العام .

الإعدام هو عقاب بحجم الكارثة
أمّا الاخصائي فضل أبو هين فقد أرجع في حديث لـquot;إيلافquot; فكرة أن ظاهرة العملاء لن تتلاشي إلى طبيعة الشعوب، وقال : هناك في المجتمع الرجل السياسي والعميل وتاجر المخدرات والرجل الفاضل والمثقف وهذه الاختلافات مبنية على الطبيعة التي خلقها الله.

وقال العمالة تحتاج حركة نشاط، بينما المجتمع الحالي هو مجتمع مترهل يعيش حالة الشيخوخة من السكون وحالة الحصار القاتلة وسط سكون و ركود في الحالة الاقتصادية والحياة المجتمعية أدّت إلى سكون حالة العمالة ، واصفاً ايّاها بحالة القوقعة .

وأضاف:هناك وعي داخل المجتمع الفلسطيني يرفض العمالة، لان المشكلة ليست في العميل وفقط،بل تتجاوزه إلى عائلته وأفرادها بالذل والخيبة .

فيما أشار إلى أنّ إعدام العميل هو عقاب بحجم الكارثة التي أوقعها بمجتمعه، وهو عقاب مستمد من الشريعة الإسلامية التي تحكم قوانين القانون الوضعي للمجتمع الفلسطيني.

تنفيذ حكم الإعدام مرفوض
من جانبه تحفّظ حمدي شقورة نائب مدير المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان على الطريقة التي تعاملت فيها سلطة غزة مع ملف العملاء.
وقال : نحن مع إجراءات قانونية ضمن حدود القانون على أن يتوفر حتى للمشتبه في تورطهم بجرائم تتعلق بالتخابر ضمانات قانونية تحمي حقوقهم .

فيما أكدّ شقورة لـquot;إيلافquot;على ضرورة سيادة القانون وملاحقة العمالة، ملفتاً الانتباه إلى أن المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان يرفض تنفيذ حكم الإعدام بشكل عام باعتبارها انتهاكاً للحق في الحياة وامتهان الكرامة وشكل من أشكال التعذيب المحظور بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان.

فيما أسف شقورة لاستمرارية سريان تنفيذ حكم الإعدام ، كما أشار إلى تنفيذ حكم الإعدام بحق 5 أشخاص ثبت تورطهم في التخابر مع الاحتلال ، ملفتاً الانتباه أن تنفيذ الإعدام للخمسة تم في قطاع غزة ، في حين يتم إيقاف غير معلن لتنفيذ حكم الإعدام في الضفة الغربية ، مؤكداً على ضرورة وقف تنفيذ حكم الإعدام .

فيما جاء في التقرير السنوي للمركز الفلسطيني لحقوق الإنسان أنه خلال عام 2010 تم اصدار 12 حكم إعدام ، 9 من الأحكام عسكرية و3 مدنية ، نفذت 5 أحكام في قطاع غزة ، ولم ينفذ أي حكم في الضفة الغربية .