أجمع مسؤولون فلسطينيون على أن إسرائيل تستغل حالة الانقسىام الفلسطيني الداخلي لتهويد ما تبقى من مدينة القدس، وبحسب المسؤولين فأن تل أبيب تشن حربا مفتوحة على المدينة المقدسة.


تسعى السلطات الإسرائيلية إلى تهويد مدينة القدس باستهداف كل ما هو فلسطيني حيث صعدت خلال الأشهر القليلة الماضية من هجماتها على المدينة المقدسة مستهدفة المواطنين وممتلكاتهم ومقدساتهم.
ووفقا لعدد من المسؤولين والمؤسسات الحقوقية فإن السلطات الإسرائيلية تحاول جاهدة تغيير الواقع الديموغرافي والسكاني والحضاري سعيا لتهويد القدس وفرض سياسة الأمر الواقع.
بدوره قال الشيخ محمد حسين مفتي القدس والديار الفلسطينية في لقاء خاص مع quot;إيلافquot;: quot;إن إسرائيل صعدت من وتيرة الاعتداءات التي تشنها ضد القدس والمقدسيين مستغلة بذلك استمرار الانقسام الفلسطيني والانشغال العربي بالأحداث الجارية في عدد من الدول العربية لتطلق يدها في القيام بإجراءات التهويد في المدينة المقدسةquot;.

وأكد مفتي القدس أن ذلك تمثل بشن السلطات الإسرائيلية هجمة على المقدسات وعلى رأسها المسجد الأقصى حيث أقدمت على شق وحفر وتجهيز عدة أنفاق أسفله وفي جواره ما بات يشكل تهديدا جديا لأساساته بالتزامن مع تصاعد دعوات الحاخامات العنصرية بوجوب العمل على إزالة المسجد الأقصى وهدمه لبناء الهيكل المزعوم مكانهquot;.
وحذر حسين من جدية وخطورة مثل هذه الدعوات في ظل الوضع الراهن، مشيرا إلى أن السلطات الإسرائيلية ترعى جماعات تعيث فسادا في المسجد الأقصى وباحاته وتسعى جاهدة لتحقيق وتنفيذ مخططاتها الرامية إلى تهويد القدس وعزلها عن محيطها.

وتطرق المفتي إلى محاولات الشرطة الإسرائيلية لمنع رفع صوت الآذان داخل القدس، مؤكدا رفض الفلسطينيين والمسلمين لمثل هذا التوجه الذي يعد تدخلا صارخا وواضحا في عبادة المسلمين، وهو أمر ترفضه كل الشرائع السماوية وكل الأعراف والمواثيق الدولية التي تنظم علاقة سلطة الاحتلال القائمة بالقوة مع المدنيين وأرضهم.

وأشار مفتي القدس والديار الفلسطينية إلى تصاعد الانتهاكات الإسرائيلية بشكل غير مسبوق ضد المواطنين وممتلكاتهم والمتمثلة بسياسة هدم البيوت وطرد السكان وعمل مخططات جديدة تصب في صالح توسيع الاستيطان وتغيير الواقع القائم والعمل على تهويد معالم المدينة من خلال طمس المعالم الإسلامية والعربية والحضارية.
وحمل حسين السلطات الإسرائيلية المسؤولية عن عواقب المس بالمسجد الأقصى، داعيا دول العالم وكافة المنظمات والمؤسسات الحقوقية إلى العمل لثني إسرائيل عن تنفيذ مخططاتها الرامية لهدم للمسجد الأقصى المبارك وطمس هوية مدينة القدس وتشريد أبنائها.
وطالب مفتي القدس العرب والمسلمين بضرورة التحرك الفوري لوقف هذه الاعتداءات، داعيا في الوقت ذاته الفلسطينيين إلى إنهاء الانقسام وتوحيد الصف الفلسطيني.

استهداف لكل مكونات المدينة المقدسة
من جهته، قال حاتم عبد القادر، مسؤول ملف القدس في حركة فتح في اتصال هاتفي مع quot;إيلافquot;: quot;إن حربا مفتوحة تشنها إسرائيل على كل مكونات مدينة القدس المحتلة مستغلة بذلك الأوضاع التي تشهدها الساحة العربية لفرض وقائع جديدة على الأرض من خلال إقامة مشاريع الاستيطانquot;.
وأضاف quot;هناك مئات إخطارات الهدم لمنازل عربية في القدس المحتلة أبرزها منازل حي البستان بحجة عدم الحصول على تراخيص وذلك لإقامة بؤر استيطانية جديدة في عدة مواقع، لافتا في الوقت ذاته إلى الاعتداءات المتكررة ضد المسجد الأقصى المباركquot;.

ونوه إلى أن الاعتداءات تصاعدت بشكل غير مسبوق على صعيد عمليات الطرد والهدم والاستيلاء على المنازل حيث تهدف هذه الهجمة كما قال عبد القادر إلى quot;خلق واقع جديد داخل مدينة القدس باستبعادها عن مائدة المفاوضات وإحداث خلل في الميزان الديموغرافي والتركيبة السكانية وخلق بيئة طاردة للمقدسيين لصالح المستوطنين والمشاريع الاستيطانيةquot;.
وأكد أن إسرائيل تخوض سباقا مع الزمن لتكريس الاحتلال وتسريع عملية التهويد، موضحا أن كل هذه الإجراءات quot;لا تنشئ حقا لإسرائيل في مدينة القدسquot;.

وقال مسؤول ملف القدس في حركة فتح: quot;إن هذه الهجمة تستلزم موقفا عربيا وإسلاميا واضحا وداعما لصمود المقدسيين لمجابهة هذه التحدياتquot;.
وعن الإجراءات الواجب القيام بها لتعزيز صمود المواطنين أكد عبد القادر أن المطلوب يتمثل في أن تكون القدس على رأس الأجندة الفلسطينية من النواحي السياسية والاقتصادية وأن تكون مركز التنمية للسلطة الفلسطينية باعتبارها عاصمة الدولة.

وقال: quot;أنا غير راض، وغير مرتاح عن منسوب الاهتمام الفلسطيني بالقدس سواء من ناحية الدعم المادي أو مشاريع التنمية وكذلك على الصعيد العربي والإسلامي هناك تقصير واضح تجاه المدينة المقدسةquot;.
ولفت إلى أن إسرائيل قالت كلمتها وأعدت خطتها الإستراتيجية في القدس وتؤكد دوما على ذلك في خطابها، موجها سؤالا لكل الأنظمة العربية والإسلامية تجاه خطابها نحو القدس ومتسائلا ما هو هذا الخطاب؟
وشدد عبد القادر على ضرورة أن يتحول الخطاب العربي والإسلامي من صمت مريب ومن شعارات رنانة إلى خطاب عملي يتمثل بدعم حقيقي وفعلي كي يتمكن المقدسيون من مواجهة المشاريع الاستيطانية.

إسرائيل تعطل تنفيذ المشاريع في القدس
وقال وزير الدولة لشؤون الجدار والاستيطان في الحكومة الفلسطينية ماهر غنيم، في لقاء خاص مع quot;إيلافquot;: إن ما يجري من اعتداءات إسرائيلية على القدس والأغوار وبقية المحافظات الفلسطينية يعد محط اهتمام ومتابعة وفي سلم أولويات السلطة الفلسطينية والحكومةquot;.

وأضاف quot;المتابعة تتم بصورة يومية ومما لا شك فيه أن الاعتداءات الإسرائيلية تصاعدت في الآونة الأخيرة بهدف خلق الوقائع على الأرضquot;.
وأكد غنيم، أن السلطة والحكومة تدعمان صمود الأهالي وتمسكهم بأرضهم من خلال برنامج دعم الصمود بحيث يتم توفير المقومات والمواد الأساسية التي تعزز تمسكهم بأرضهم وبقائهم في أماكنهم رغم تصاعد الاعتداءات الإسرائيلية.
وأوضح وزير الدولة لشؤون الجدار والاستيطان، أن السلطة والحكومة تعملان أيضا على تسليط الضوء إعلاميا وسياسيا على ما يجري من اعتداءات بغية إفشال المخططات الإسرائيلية الساعية إلى تهويد وأسرلة القدس وتفريغ الأغوار وتقطيع أوصال الوطن ومنع إقامة الدولة الفلسطينية.

وعن المعيقات التي تواجه عمل السلطة في القدس المحتلة قال غنيم:quot;إن الاحتلال هو العائق الأكبر والأساسي أمام تنفيذ مشاريع دعم الصمود إضافة إلى عائق آخر يتمثل بالإمكانيات المادية خاصة وأن ما أعلن عنه عربيا لدعم القدس في قمة سرت الليبية لم يصل منه إلا شيء بسيط جدا الأمر الذي يؤثر على سرعة تنفيذ البرامج والمشاريع الخاصة بالقدسquot;.
وأضاف quot;ولكن ورغم ذلك نقوم بتنفيذ ما يمكن تنفيذه بطرق مختلفة في ظل إعاقات الاحتلال المستمرة الذي يعمل في كثير من الأحيان على تغيير مسار هذه المشاريع أو يمنع تنفيذها بالكاملquot;.

وعن إجراءات الوزارة لفضح الممارسات الإسرائيلية المتصاعدة أكد وزير الدولة لشؤون الاستيطان والجدار أن السلطة والحكومة تعملان على فضح الممارسات الإسرائيلية وتوثيق الاعتداءات ودعم المواطنين وتسليط الضوء سياسيا وإعلاميا على ما يجري من اعتداءات وتنظيم جولات ميدانية للوفود الدولية والبعثات الدبلوماسية.
وأكد أن هناك حملة دبلوماسية منظمة تقودها القيادة الفلسطينية على الساحة الدولية بهدف تحشيد موقف دولي رافض لهذه السياسيات والممارسات الإسرائيلية وداعم للموقف الفلسطيني.

إسرائيل تستغل الاضطرابات لتنفيذ مخططاتها
وقال مسؤول ملف القدس في الرئاسة الفلسطينية المحامي أحمد الرويضي في تصريح صحافي: quot;إن سلطات الاحتلال صعدت في الآونة الأخيرة وبشكل غير مسبوق من مخططاتها الاستيطانية في مدينة القدس، بغرض تهويدها، مستغلة ما تشهده المنطقة من اضطرابات وانشغال وسائل الإعلام بهاquot;.
وأشار إلى مصادقة بلدية الاحتلال في القدس على مخطط حديث لإقامة مشاريع استيطانية جديدة في أحياء مختلفة في المدينة منها جبل الزيتون والمنطقة الواقعة ما بين جبل المكبر وصور باهر والشيخ جراح، إضافة إلى استمرار التهديد بهدم المنازل وخاصة في أحياء الشيخ جراح والبستان في سلوان.

ولفت إلى وجود دعاوى في المحاكم الإسرائيلية للسيطرة على عقارات فلسطينية في القدس، بما يضاف إلى استمرار قرارات الإبعاد بحق شخصيات مقدسية، واستهداف قيادات فتحاوية بالاعتقال والاعتداء المستمر على حي بطن الهوى في سلوان.
واعتبر الرويضي أن إسرائيل تستغل انشغال وسائل الإعلام بما تشهده المنطقة من اضطرابات إلى جانب الصمت الدولي والموقف الأميركي المتردد في اتخاذ موقف واضح بشأن الاستيطان للقيام بتنفيذ هذه المخططات.

130 اعتداء منذ بداية العام
ووفق إحصائية أعدها مركز أبحاث الأراضي التابع لجمعية الدراسات العربية في بيت الشرق بالقدس المحتلة فقد أكد أن السلطات الإسرائيلية واصلت منذ بداية العام الجديد انتهاكاتها واعتداءاتها ضد كل ما هو فلسطيني في مدينة القدس المحتلة.
وأوضح المركز في تقرير له، حصلت quot;إيلافquot; على نسخة منه، أن هذه الانتهاكات شملت هدم البيوت والمنشآت الفلسطينية، وتجريف العديد من الأراضي والاستيلاء عليها، وحفر الأنفاق وإغلاق الطرق والمعابر.

وأشار المركز في تقريره إلى أن من بين أبرز الاعتداءات كان هدم فندق شيبردndash; قصر مفتي فلسطين- لإقامة متحف وكنيس وبناء عشرات الوحدات الاستيطانية مكانه، وذلك لطمس هوية المدينة وجعل حاضرها مزيفا.

وقال المركز: quot;إنه وثق أكثر من 130 اعتداء ضد أهالي المدينة المقدسة، أبرزها الاعتداء على الحق في السكن الملائم حيث اقترفت تلك السلطات أكثر من 104 انتهاكات من بينها هدم ثلاثة مساكن، مسكنان منها في حي بيت حنينا وآخر في حي الشيخ جراح، كان يسكنها أكثر من ثلاثة عشر فردا، أربعة منهم أطفال باتوا الآن مشردين لا مأوى لهمquot;.
وأضاف التقرير quot;أن الهدم يتهدد أكثر من 98 مسكنا، حيث ما زال القضاء الإسرائيلي والمحكمة المركزية يصران على هدم وتشريد أهالي حي البستان ببلدة سلوان والمكون من ثمانية وثمانين مسكنا في جلسة المحكمة التي عقدت في 25 كانون ثاني من العام الجاري.

وبحسب التقرير فإن الهدم يتهدد أيضا أربعة مساكن في بيت حنينا وثلاثة في البلدة القديمة أصبحت مهددة بالانهيار بعد إزالة الدعامات الحديدية التي كانت مثبتة منذ 35 عاما، وتهديد ثلاثة مساكن في شعفاط، كما يتهدد الهدم أيضا أربع منشآت منها حظيرة أغنام وغرفة صغيرة لحراسة موقف باصات في حي الطور، وخيمة تعليمية في قرية النبي صموئيل، إضافة إلى تهديد مقبرة مأمن الله التي تحوي 220 قبرا فيه رفات أموات المسلمين بالتجريف.

وأضاف التقرير أن الاحتلال نفذ خمسة عشر عملية هدم وتجريف لعدد من المنشآت ومساحات من الأراضي: ففي العيسوية تم هدم منشأتين وتجريف 35 دونما، وفي حزما تم تجريف أربع منشآت، وفي الطور ثلاث منشآت، كما تم هدم وتجريف قصر مفتي فلسطين في الشيخ جراح لبناء وحدات استيطانية لليهود، وفي سلوان أنهت سلطة الآثار حفر نفق يربط عين سلوان بساحة البراق وعلى بعد أمتار من الحائط الغربي للمسجد الأقصى بطول 600 متر.

وعلى صعيد المصادرة والاستيطان، ذكر التقرير أنه تمت مصادرة 560 دونما في أربعة مواقع من أراضي القدس خلال كانون ثاني من العام الجاري حيث تم الإعلان عن مصادرة أربعة دونمات ونصف بحجة أنها أراض مطلوبة للمصلحة العامة.
وبحسب تقرير مركز أبحاث الأراضي، فقد تمت مصادرة 455 دونما لبناء مخطط استيطاني في قرية لفتا المهجرة، وثمانية وخمسين دونما من أراضي بيت حنينا لربط شارع quot;بيجن 4quot; بشارع رقم quot;20quot; لتسهيل عملية السير وربط مستوطنة بسجات زئيف بمستوطنة النبي يعقوب.

وأوضح التقرير أنه تمت مصادرة أراض على طريق نابلس موقع سعد وسعيد وقف اليملي، حيث تم التهديد بإخلاء الأرض البالغة مساحتها 11.5 دونما بادعاء ملكيتها لـquot;دائرة أراضي إسرائيلquot;.

وعلى صعيد الحواجز والحصار أوضح التقرير أنه تم إغلاق معبر شعفاط مرات عديدة والتنكيل بالمواطنين المارين منه، كما تم إغلاق طريق عناتا ndash; شعفاط والاعتداء بالضرب على عدة مواطنين ورشهم بالغاز.