تشهد العلاقات الأميركية - السعودية اليوم تباعداً بشكل أسرع من أي وقت مضى، وهي التي لم تؤثّر فيها قبلاً الصدمات النفطية وأحداث الحادي عشر من سبتمبر (أيلول) والهجمات الإرهابية والغزو الأميركي للعراق.


قال محللون ودبلوماسيون ومسؤولون أميركيون سابقون إن الولايات المتحدة الأميركية والمملكة العربية السعودية، اللذين لم تتأثر علاقتهما المتضاربة بالصدمات النفطية وأحداث الحادي عشر من سبتمبر والهجمات الإرهابية والحرب الأميركية على العراق، يتباعدان الآن عن بعضهما بعضًا بشكل أسرع من أي وقت مضى.

وذكرت اليوم صحيفة ميامي هيرالد الأميركية أن هذا الانقطاع الذي طرأ على العلاقات الودية بين الجانبين - وتخلله سلسلة من الحوادث الدبلوماسية المتوترة خلال الأسبوعين الماضيين ndash; قد يحظى بآثار عميقة على دور الولايات المتحدة في الشرق الأوسط، حتى في الوقت الذي يتلاعب فيه الرئيس أوباما بما تشهده البلدان العربية من اضطرابات.

وأوردت الصحيفة في هذا السياق عن مسؤولين أميركيين وعرب قولهم إن نظام الحكم في السعودية، الرافض إدخال إصلاحات ديمقراطية، كان ينظر بانتباه شديد في الوقت الذي كان يدعم فيه البيت الأبيض حركات المعارضة العربية، ويساعد في الإطاحة بالرئيس المصري السابق حسني مبارك، الذي لطالما كان واحداً من أبرز حلفاء واشنطن.

لكن الصحيفة لفتت في هذا الجانب إلى أن إدارة أوباما تطلبتأن يقوم نظام الحكم في البحرين بالتفاوض مع المتظاهرين الذين يمثلون الغالبية الشيعية في المملكة. وأوضحت الصحيفة هنا أن الحكام السنّة في السعودية ينظرون إلى شيعة البحرين على أنهم وكلاء لشيعة إيران.

ونقلت الصحيفة عن دبلوماسي عربي، تحدث بصراحة بعدما طلب عدم الكشف عن هويته، قوله quot;لن نتزحزح من مكاننا. فلن نقبل بحكومة شيعية في البحرينquot;. وفي مقابل الموقف الداعم الذي أعلنته الولايات المتحدة أخيراً تجاه quot;الربيع العربيquot; الذي هبّ بنسمات الديمقراطية على دول عربية عدة، أعربت السعودية عن استيائها بشكل صريح، بعدما رفضت مساعي كانت تبذلها وزيرة الخارجية، هيلاري كلينتون، ووزير الدفاع، روبرت غيتس، لزيارة المملكة خلال الشهر الجاري، وأُعلِن بشكل رسمي أن السبب هو أن الملك عبد الله غير مؤهّل صحياً لاستقبالهما.

في ما يتعلق بحالة الشد والجذب التي تولدت أخيراً بين واشنطن والرياض بشأن ما يحدث في البحرين، سيما بعدما أرسلت السعودية قوات في 14 من الشهر الجاري للمساعدة في استتباب الأمن هناك، حتى الآن على أقل تقدير، لم تغفل الصحيفة بأن تنوه إلى الخطاب الذي أدلى به الأمير سعود الفيصل، سفير السعودية السابق لدى واشنطن، في دولة الإمارات العربية المتحدة في الـ 20 من الشهر الجاري، والذي أكد من خلاله على أن دول الخليج مطالبة الآن بأن تعتني بشؤونها الأمنية ndash; وهو الدور الذي كان مقصوراً على واشنطن منذ سقوط شاه إيران في عام 1979.

من جهته، قال غريغوري غوس، الخبير في شؤون المنطقة وأستاذ العلوم السياسية في جامعة فرمونت quot;إن علاقات الولايات المتحدة الآن بأنظمة الحكم في السعودية وغيرها من البلدان الخليجية لا تزال سيئة مثلما كانت عقب سقوط الشاهquot;. هنا، عاود الدبلوماسي العربي، الذي سبق له التحدث مع الصحيفة، ليقول quot;الفكرة كلها هي أن المملكة العربية السعودية لا تزال بحاجة إلى حماية الولايات المتحدة من أجل أي شيء .. لقد تحركنا بالفعل لما هو أبعد من ذلك. ولا يجب أن يكون ذلك بالضرورة طلاقاً (ولكن) إعادة تقويمquot;. ولفتت الصحيفة الأميركية إلى أن السفارة السعودية في واشنطن لم ترد على طلبات للتعليق من جانبها على الأمر.

وعلى الرغم من هذا الاختلاف، نقلت الصحيفة عن خبراء تأكيدهم على أن هناك حدوداً للسخط بين الولايات المتحدة والسعودية، وإن كان ذلك يعود فقط إلى كونهما يتقاسمان مصلحة مشتركة في تدفق النفط ومواجهة إيران ومكافحة تنظيم القاعدة وغيرها من الجماعات الإسلامية المتطرفة العنيفة.

وفي الختام، أوردت الصحيفة عن غوس، قوله quot;في النهاية، أعتقد أن العوامل الجغرافية والسياسية ستلعب دوراً في إعادة المياه إلى مجاريها مرة أخرى بين الولايات المتحدة والسعودية. فإيران لا تزال موجودةquot;.