ليبيا واحدة عاصمتها طرابلس... شعار تراه في بنغازي مخطوطًا على الجدران ويتردد على اللسان، سواء كان لسان الليبي في الشارع أو القيادي في المعارضة. وكانوا كلهم يتوقعون سقوط الزعيم الليبي معمّر القذافي في أسبوع أو أسبوعين لا أكثر، ثم يبنون وطنًا جديدًا.


يرى مراقبون أن المناطق التي يسيطر عليها الثوار في شرق ليبيا تتجه نحو التسليم بواقع تحولها الى كيان منفصل.

ومنذ اندلاع انتفاضة شباط ـ فبراير التي أنهت سلطة العقيد ما زالت المدارس والكثير من المصالح معطلة في بنغازي. ولكن الشرطة عادت الى الشوارع والمستشفيات تعمل، والمتاجر تفتح أبوابها تدريجًا.وبعيدا من الانظار يسعى قادة المعارضة الى كسب شركاء دوليين يتعاملون مع نظام سياسي واقتصادي يعكفون على إقامته لفترة من الانقسام يعترف البعض بأنها قد تمتد حتى إشعار آخر، كما أفادت صحيفة واشنطن بوست في تقرير من بنغازي.

وتشير الصحيفة الى وصول أول ناقلة يوم الثلاثاء لتحميلها بنفط مصدّر من مناطق الثوار واصفة وصول الناقلة بأنه خطوة رمزية في رحلة المعارضين من ثوار الى حكام ورجال دولة.كما التقى الثوار يوم الثلاثاء للمرة الأولىمبعوثا اميركيا رسميا وصل الى بنغازي للاجتماع مع قادة المعارضة وتقديم معونة للمجلس الانتقالي الذي يدير المناطق الشرقية.

وتعكس جهود الثوار لإرساء أسس حكومة عاملة في شرق ليبيا واقع غياب الحسم العسكري الذي يمكن ان يبقي حلف شمالي الأطلسي متورطًا طيلة أشهر أو اكثر، كما تخشى الولايات المتحدة وقوى غربية اخرى.ونقلت صحيفة واشنطن بوست عن مسؤول العلاقات الخارجية للثوار فتحي باجا اعترافه بأن quot;هذا السيناريو يمكن ان يحدثquot;، مؤكدا ان الثوار لا يريدونه.

وقال باجا ان الليبيين عندما اندلعت الانتفاضة لم تكن لديهم فكرة عما يريدون سوى رحيل القذافي.ولكن quot;الآن إذ نبدأ بإقامة بعض الكيانات السياسية هنا وهناك، ونحاول إطلاق بعض الحياة الاقتصادية وبناء جيش، نجد أنفسنا في مرحلة أخرى، ندرك انها قد تستمر بعض الوقتquot;.

انها ليست مهمة سهلة بعد نحو 42 عامًا من تمركز السلطة السياسية والاقتصادية في طرابلس، وغياب المجتمع المدني بالكامل عمليًا.وفي هذا الشأن، قالت الناطقة باسم الثوار ايمان بوقيقس quot;ان ليبيا كلها تعيش في القرون الوسطى، وخاصة الشرقquot;.

الآن يتولى المجلس الوطني الانتقالي الذي يضم 31 عضوا يمثلون مدن الشرق الليبي انشاء بنية تحتية سياسية واقتصادية وعسكرية من الصفر.وهي مهمة تزيدها تعقيدا حقيقة ان الحرب مستعرة على بعد ساعتين عنهم بالسيارة.

لدى المجلس فريق أزمات يقوم بدور مجلس الوزراء.وكان العديد من اعضائه يقيمون في الخارج بمن فيهم وزير الشؤون الاقتصادية الذي استقال فجأة من وظيفته استاذا في جامعة واشنطن.

ويتعلم الفريق في خضم الممارسة، ويقوم بإطفاء حرائق كل يوم تقريبا.إذ تعين عليه قبل ايام ان يحل خلافًا بين قادة الانتفاضة العسكريين، وان يتعامل مع هجوم استهدف حقلا نفطيا، يعتمد عليه الثوار في توفير عائدات مالية.كما استضاف دبلوماسيين من ايطاليا وبريطانيا.

ويستعين قادة المعارضة بخبراء من الولايات المتحدة واوروبا في مشاريعهم لكتابة دستور واعداد قوانين انتخابية.وهم يقولون انهم يريدون نظاما ديمقراطيا يضمن حرية التعبير والتعددية السياسية واستقلال القضاء.

وقدم وزير الاقتصاد علي الترهوني يوم الاثنين ميزانية من 1.5 مليار دولار لأربعة اشهر بضمنها رواتب الجنود والموظفين.وللاستمرار في توفير مثل هذه الاعتمادات تحتاج المناطق الشرقية الشروع في تصدير النفط من حقولها الغنية.

ويعتمد الاقتصاد الليبي على النفط منذ زمن طويل، ويعمل قادة الثوار على استئناف صادراته بسرعة.وابدت قطر موافقتها على تسويق النفط، ولكن البنك المركزي الليبي وشركة النفط الوطنية مشمولان بالعقوبات الدولية لعلاقتهما بأفراد عائلة القذافي.وطلب الثوار إعفاءهما من هذه العقوبات لانفصالهما عن طرابلس رغم احتفاظ المؤسستين باسميهما السابقين.

والى ان يحدث ذلك تذهب العائدات الى حساب خاص يمكن ان تسحب منه المعارضة على شكل اغذية وادوية ومساعدات انسانية أخرى.
ويرى محللون انه حتى إذا رُفعت هذه العقوبات فليس معروفا ما إذا نفط الثوار كافٍ لإدامة المنطقة الشرقية التي يسكنها نحو مليوني شخص.وكانت ليبيا قبل الانتفاضة تنتج 1.6 مليون برميل يوميا. ويقول الثوار انهم ينتجون الآن 100 الف الى 130 الفا.ويؤكد فتحي باجا ان هذا ليس كافيا.

تشمل خطط الثوار، سواء أكانت لدولة أو دولتين، بناء اقتصاد متنوع القطاعات لا يعتمد على النفط وحده الذي كان حتى الآن يوفر 96 % من ايرادات الخزينة.ويؤكد قادة الانتفاضة انهم يطمحون إلى اضافة السياحة والزراعة والطاقة الشمسية.وقال الترهوني لصحيفة واشنطن بوست quot;ان ليبيا لن تكون قوة عظمى اقتصاديًا، بل ستكون دولة مستقلة ديمقراطية صغيرة، ومتنوعةquot;.