تظهر العديد من الصور التي عثر عليها داخل أحد السجون في مدينة الزاوية الليبية أن المحققين كانوا يتبعون سياسة تعذيب وحشية بحق المعتقلين.


في مكتب بالطابق الثاني لأحد مراكز الشرطة المحترقة في مدينة الزاوية الليبية، تحكي مجموعة من الصور المبعثرة على الأرض كثير وكثير من التفاصيل المأساوية للمساجين غير المحظوظين الذين سقطوا في عهدة حكومة العقيد معمر القذافي الوحشية.

وتَظهر جثث في بعض من تلك الصور لأشخاص تبدو عليهم آثار التعذيب. وتوضح صورة أخرى وجود ندبات أسفل ظهر أحد الأشخاص وهو لا يرتدي سوى ملابسه الداخلية، وتظهر صورة أخرى رجل عار ورأسه موجهة لأسفل ومغطى بورقة ويداه مكبلتان. وتبدو على أوجه الجثث ndash; المبينة في الصور ndash; تعبيرات تعكس مشاعر الذعر التي كانت مهيمنة عليهم. في حين أظهرت صور أخرى برك من الدماء، ومائدة موضوع عليها زجاجات ومساحيق، وكانت هناك صورة أيضاً لمنشار طويل.

وأشارت في هذا الصدد اليوم صحيفة quot;النيويورك تايمزquot; الأميركية إلى أن العمال كانوا يتخلصون من الملفات والكتب المحترقة في طابق سفلي أشبه بالمتاهة. وقالت إن إحدى الغرف كانت تحتوي على زجاجة بها لترين من أحد أنواع النبيذ المسكر. وإلى الجوار، كانت هناك غرفة أخرى مظلمة قيل إنها كانت تستخدم كغرفة للإعدام.

وقد اكتشف صحافيون تلك الصور وغيرها من الملفات خلال قيامهم بزيارة رسمية لتلك المدينة التي تم تدميرها، وتخوض فيها قوات القذافي أعمالاً قتالية ضد المتمردين على مدار ما يقرب من أسبوع بغية إعادة السيطرة على المدينة. وتعتبر تلك الوثائق أحدث تذكير للسجل الطويل الخاص بالعنف العشوائي ضد المدنيين، والذي يلقي بظلاله الآن على ما تبذله الحكومة من جهود للتوسط من أجل إنهاء الضربات الجوية الدولية والتمرد الداخلي الذي يهدد حكم القذافي المستمر منذ أربعة عقود.

ومع خروج سيف الإسلام القذافي في مقابلة تلفزيونية ليتعهد بالانتقال بالبلاد إلى حقبة جديدة من الديمقراطية الدستورية، سيكون فيها والده مجرد زعيم صوري مثل quot;ملكة إنكلتراquot;، قام المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية بتصعيد الضغوط الدولية على الحكومة الليبية، بإعلانه أنها (أي الحكومة) أصدرت تعليمات عن عمد لقتل المدنيين، في محاولة منها لكبح جماح الثورة الديمقراطية التي تجتاح المنطقة.

ونقلت الصحيفة عن المدعي العام، لويس مورينو اوكامبو، قوله quot;لدينا أدلة تفيد بأن المسؤولين في النظام الليبي كانوا يخططون للطريقة التي تتيح لهم إمكانية فرض السيطرة على التظاهرات المحتمل نشوبها في الجماهيرية، عقب الأحداث التي شهدتها الجارتين تونس ومصر. وكان إطلاق النار على المدنيين خطة محددة سلفاًquot;.

وميدانياً، في مدينة مصراتة الواقعة غرب ليبيا وتخضع لسيطرة المتمردين وعلى الجبهة الشرقية حيث يتواجد الثوار حول مدينة البريقة النفطية، لفتت الصحيفة إلى أن قوات القذافي واصلت قصف المتمردين بالمدفعية والصواريخ وقذائف الهاون، في الوقت الذي بدأ يعرب فيه قادة المتمردين عن سخطهم من مستوى الدعم الذي يقدمه الناتو.

وفي بروكسل، قال العميد مارك فان أوم، من قيادة حلف شمال الأطلسي، إن الضربات الجوية الغربية نجحت في تدمير ما يقرب من 30% من القوة العسكرية للعقيد القذافي. لكن الجنرال عبد الفتاح يونس، قائد جيش المتمردين، انتقد أداء حلفائه الغربيين خلال مؤتمر صحافي في بنغازي، واتهم الناتو بالتأخر والتردد. وتابع بقوله quot;ماذا يفعل الناتو ؟ المدنيون يموتون كل يوم. وهم يستخدمون ذريعة الأضرار الجانبيةquot;.

كما اتهم الجنرال يونس قوات القذافي بأنها هاجمت منشآت نفطية في جنوب شرق ليبيا، لحرمان الشعب الليبي من حقهم في بيع النفط. وإن أشار إلى أن الأضرار لم تكن جسيمة. ومع تواصل عمليات الفر والكر بين المتمردين وقوات القذافي في مناطق متفرقة، قال ناطق عسكري في مدينة بنغازي، التي تعتبر عاصمةً للمتمردين، إنه لا يخجل من الاعتراف بأن قوات المتمردين بحاجة ماسة إلى المساعدة.