انعكست quot;الحرب الباردةquot; الدائرة حاليًا بين الرياض وطهران سجالاً بين سعد الحريري وحزب الله اللبناني ما يثير قلقًا من تبعات هذه المبارزة السياسية على لبنان.
بيروت: انعكست quot;الحرب الباردةquot; الدائرة حاليًا بين الرياض وطهران، سجالاً بين رئيس حكومة تصريف الأعمال في لبنان سعد الحريري المدعوم من السعودية وحزب الله اللبناني المدعوم من إيران، ما يثير قلقًا من تبعات هذه المبارزة السياسية على لبنان.
وتقول عميدة كلية العلوم السياسية في جامعة القديس يوسف في بيروت فاديا كيوان إن السجال quot;دليل اضافي على ان الازمة الداخلية اصبحت اكثر ارتباطا بشكل عضوي في المواجهة الاقليمية، والتي راينا مؤشرات لها بصورة خاصة في البحرينquot;.
وشهدت البحرين التي تسكنها غالبية شيعية بين شباط/فبراير وآذار/مارس حركة احتجاجية للمطالبة بالاصلاح السياسي، تدخلت على اثرها السعودية ودول خليجية اخرى عسكريًا، ما اثار ردود فعل منتقدة من قبل ايران وحزب الله. وبعد اقل من اسبوع على اتهام دول مجلس التعاون الخليجي طهران quot;بالتآمرquot; على امنها وquot;ببثّ الفتنةquot; على خلفية احداث البحرين، قال الحريري الخميس ان الدول العربية quot;تعاني سياسيًا واقتصاديًا وامنيًا تدخلاً إيرانيًا سافرًاquot;.
وحذر خلال ملتقى لبناني سعودي من سعي طهران إلى quot;خطفquot; المجتمعات العربية، وجعل لبنان quot;محمية ايرانيةquot;، قبل ان يطلب من عاهل البحرين الملك حمد بن عيسى آل خليفة عدم اعتبار quot;اي موقف من اي تشكيل سياسي في لبنانquot; موقفًا للدولة اللبنانية.
ويقول مستشار الحريري والنائب السابق غطاس خوري إن خطاب الحريري quot;مرتبط بالأحداث الاقليمية، وخصوصا ما جرى في مصر والبحرينquot;.
ويضيف quot;انها المرة الاولى التي يتبنى فيها الرئيس الحريري موقفا متشددًا بهذا الشكل (من ايران)، وقد جاء هذا التشدد لضرورته، حيث إن التهديد المفروض حاليًا لم يكن موجودًا في السابقquot;.
وسارعت طهران، في خطوة نادرة، الى الرد على الحريري، الذي سبق ان زارها في تشرين الثاني/نوفمبر، معتبرة أن quot;اتخاذ موقف من هذا النوع لا يمكن الا ان يخدم المحور الاميركي الصهيونيquot;، وقد يؤدي الى quot;زعزعة الاستقرارquot; في المنطقة.
من جهته، وبعد فترة تجنب فيها الرد المباشر على هجمات خصومه، خرج حزب الله عن صمته وراى ان مواقف الحريري quot;التحريضيةquot; ضد طهران quot;تأتي في سياق محاولة مكشوفة للتعمية على التدخلات الاميركية في شؤون المنطقةquot;.
واعتبر ايضا في بيان اصدره ان تصريحات الحريري quot;تنسجم مع اهداف المخطط الاميركي لبثّ التفرقة والفتن بين دول وشعوب المنطقةquot;، متهمة اياه بانه حاول جعل لبنان quot;محمية اميركية اسرائيليةquot;.
وتقول امل سعد غريب من المركز العربي للابحاث ودراسة السياسات - معهد الدوحة ان quot;اللاعبين الاقليميين كشفوا كل اوراقهمquot;، لتصبح بذلك مواقف رئيس حكومة تصريف الاعمال quot;جزءا من الخطاب العربي المعادي لايرانquot; مضيفة ان quot;خطاب الحريري بات يشبه ايضا الخطاب الاميركي الرسميquot; تجاه ايران.
في المقابل كثف نواب ينتمون الى تيار المستقبل الذي يتزعمه رئيس حكومة تصريف الاعمال الجمعة والسبت من هجماتهم على حزب الله وعلاقته بايران.
وقال النائب احمد فتفت ان quot;حزب الله يعتبر شيعة لبنان جالية ايرانيةquot;، بينما راى النائب نبيل دو فريج ان quot;تدخل نصر الله في شؤون البحرين يؤذي الاقتصاد الاغترابيquot;، في اشارة الى 400 الف لبناني ينتشرون في الخليج، بحسب تقديرات غير رسمية.
وشدد النائب أنطوان اندراوس من جهته على ان حزب الله quot;جزء من ميليشيات الرئيس الايراني في لبنان، واصبح كالمرتزقة التي تسعى الى خربطة الاوضاعquot;.
ويقول استاذ العلوم السياسية في الجامعة اللبنانية الاميركية عماد سلامة ان خطاب فريق الحريري quot;ليس الذروة ابدا، بل انه بداية لتصعيد كبيرquot;. ويوضح quot;هناك امور كثيرة لم يتحدث فيها الحريري بعد ترتبط باشكالية سلاح حزب الله واشكالية وجود حزب الله وعلاقته بالدولة وبالطوائف الاخرى وبينها الطائفة الشيعيةquot;.
ويرجح خبراء ان ينعكس هذا التصعيد الذي من المحتمل ان يتطرق اليه الامين العام لحزب الله حسن نصر الله في كلمة مرتقبة مساء السبت، على الازمة الداخلية المتمثلة في محاولة تشكيل حكومة جديدة منذ سقوط حكومة الحريري في 12 كانون الثاني/يناير نتيحة انسحاب وزراء حزب الله وحلفائه منها.
وكتبت صحيفة quot;النهارquot; في عددها الصادر السبت ان السجال quot;الذي يتعدى الساحة الداخلية مؤشرا لكون لبنان لن يسلم من التوتر الاقليميquot;، بينما اعتبرت quot;الديارquot; ان quot;اللبنانيين لن يخرجوا سالمين من الحرب الباردة السعودية الايرانيةquot;.
ودعا رئيس الجمهورية ميشال سليمان اليوم quot;الى تحاشي السجالات والمواقف التي تزيد الامور تعقيداquot;، مشددا على ان quot;سياسة لبنان الخارجية ترتكز الى مبدأ الابتعاد عن المحاور وتلافي جعله ساحة للصراعات الاقليمية والدوليةquot;.
وتقول كيوان ان التصعيد بين الحريري وحزب الله quot;اذا استمر، والارجح انه سيستمر، سيمعن في اغراق البلاد في الازمة وفي ارتباط الدينامية الداخلية بديناميات المواجهات الاقليميةquot;.
وتوضح quot;نتجه نحو مراوحة داخلية او الى هدنة بين المتخاصمين وليس الى حل مستقر، قد لا نصل اليها الا بعد ان تكون ارتفعت التوترات وبلغت سقوفا امنيةquot;.
التعليقات