تفاقمت الأحداث في قنا في صعيد مصر بصورة غير مسبوقة، حسبما أكد عدد من الناشطين في المدينة لـquot;إيلافquot; مع استمرار آلاف المحتجين بقطع كل طرق التواصل مع العاصمة القاهرة بأجسادهم، حيث منعوا حركات القطارات والسيارات احتجاجًا على المحافظ الجديد اللواء عماد شحاتة ميخائيل.

احتجاجات متفاقمة في مدينة قنا

القاهرة: في تطور غير مسبوق على الصعيد الداخلي المصري بعد ثورة 25 يناير، قام الآلاف من المحتجين اليوم بقطع الطريق الواصل بين القاهرة وقنا - صعيد مصر، وتبعد عن محافظة الأقصر 90 كم - بأجسادهم، حيث افترش أهالي محافظة قنا الطريق، ومنعوا حركة القطارات، كما تم منع حركة السيارات المتجهة إلى القاهرة ذهابًا وإيابًا، فضلاً عن الاعتصام حول مقر المحافظة ومديرية الأمن وعدد من المناطق الحيوية في المحافظة، حسبما أكد عدد من شهود العيان في إفادات هاتفية لـquot;إيلافquot;.

يأتي هذا التصعيد في اليوم الثاني من الاعتصام، الذي بدأه الآلاف من أهالي قنا، للمطالبة برحيل المحافظ الجديد للمحافظة اللواء عماد شحاتة ميخائيل، والذي أدى اليمين الدستورية أمس أمام المشير طنطاوي رئيس المجلس العسكري، كمحافظ لقنا خلفًا للواء مجدي أيوب المحافظ السابق.

وفي الوقت الذي اتهم فيه عشرات الناشطين الأقباط الأخوان والسلفيين بقيادة هذه التظاهرات، التي أكدوا أنها بلغت ذروتها مساء أمس، أكد عدد من المسلمين أنها مظاهرات شعبية، وليست طائفية، وهدفها محاربة الفتنة الطائفية، لكن ما اتفق عليه الطرفان هو التزام الشرطة والجيش الحياد وعدم الاعتداء على المتظاهرين او محاولة التدخل لتفريقهم.

وقال عدد من النشطاء وشهود العيان في اتصالات هاتفية مع quot;إيلافquot; إن رغبتهم في إقالة المحافظ الجديد ترجع إلى رفضهم محافظآتٍ من جهاز الشرطة، إضافة إلى كونه قبطيًا، مؤكدين أن المحافظة ليست بحاجة الى محافظ قبطي آخر، لاسيما أن المحافظ القبطي السابق مجدي أيوب تسبب في العديد من الفتن الطائفية، فضلاً عن حاجة المحافظة إلى محافظ متخصص في التنمية، ينهض بالمحافظة التي تقبع في جنوب الصعيد، وليس للواء شرطةآت له تاريخ في تعذيب المواطنين.

وأكدوا أنهم مصرّون على الاستمرار في الاعتصام وقطع كل طرق التواصل مع القاهرة، حتى يتم رحيل المحافظ الجديد، مشددين على أنه لن يدخل الى المحافظة لممارسة مهام عمله التي كلّف بها أخيرًا، وأن أي محاولة للتدخل من أجل فضّ الاعتصام بالقوة ستسفر عن مصادمات لن تنتهي بسهولة، لاسيما في ظل امتلاك أهالي المحافظة الأسلحة بحكم العادات والتقاليد الصعيدية التي تحتم وجود السلاح في كل منزل، فضلاً عن الطبيعة القبلية للمحافظة.

وكان المعتصمون قد شرعوا في حملة لجمع التوقيعات لإقالة المحافظ الجديد، قبل أن يتسلم مهام عمله، منذ الإعلان عن اختياره مساء الخميس الماضي، ونظموا اعتصامًا مفتوحًا يوم الجمعة، معلنين نيتهم اتخاذ خطوات تصعيدية حتى تتم الاستجابة الى مطالبهم.

واتهمت الناشطة القبطية في المدينة هالة المصري في إفادة لـquot;إيلافquot; الاخوان والسلفيين بالتجمهر بصورة مخيفة، مؤكدة أن سبب رغبتهم في تغيير المحافظ الجديد، قبل أن يصل، طائفي، وموضحة أنها تخاف من الخروج من منزلها في الوقت الحالي بسبب تجمعهم بصورة كبيرة.

واكدتالمصري أنها تخشى على حياتها مما يحدث، مشيرة إلى توافد العشرات من السلفيين والجهاديين من محافظات عدةمجاورة للمشاركة في الاعتصامقاطعين الطريق، مطالبة بضرورة تخلى الجيش عن التزام سياسة الحياد والتدخل بحسم لإنهاء الأزمة الحالية التي تهدد سكان المحافظة.

وقالت المصري إن مجموعة من المواطنين قاموا بقطع الطريق الواصل بين مطار الأقصر الدولي ومحافظة قنا، بعدما علموا بقيام المحافظ بالقدوم في الصباح الباكر عبر المطار، ثم يستقل سيارته متوجهًا إلى المحافظة لاستلام مهام عمله، وهو ما جعلهم يقفون على الطريق لمنع دخوله الي المحافظة.

وأكد الأنيا كيرلس أسقف مدينة نجع حمادي التابعة لقنا في إفادة لـquot;إيلافquot; أن المظاهرات التي تشهدها قنا لا يوجد فيها أي قبطي مطلقًا، مشيرًا إلى أن قائدي التظاهرات هم من الأخوان والسلفيين وأعضاء جماعة الجهاد الإسلامية التي تدعو الى استخدام العنف.

وأشار الى أن أبناء قنا الأقباط لا يشغلهم تعيين محافظ قبطي أو مسلم، مؤكدًا رفضه التظاهرات الطائفية التي تشهدها المحافظة، ومحذرًا من أنها قد تؤدي الى مشكلات كثيرة، لا يعرف أحد مداها.

من جهته، قال الصحافي محمود الدسوقي ابن محافظة قنا والمتابع للاعتصام في إفادة لـquot;إيلافquot; إن رئيس الوزراء الدكتور عصام شرف يتحمل مسؤولية ما حدث، بسبب اختياره الخاطئ، وعدم درايته بطبيعة المواطن القناوي وعقليته، مؤكدًا أن استممرار العناد مع رغبة المواطنين سيؤدي الى فتنة، يتحمل عواقبها شرف، نظرًا إلى أن المواطنين لن يتراجعوا عن موقفهم.

وشدد على ضرورة استجابة شرف لمطالب المواطنين، لافتاً الى أن زمن خضوع المواطنين واستجابتهم الى القرارات المركزية قد انتهى بعد الثورة، وأن المواطنين بعدما اشادوا به وتوقعوا ان يستجيب لمطالبهم مع بداية الاعتصام بدأوا في انتقاده بصورة كبيرة.

ورفض الدسوقي اعتبار هذه المظاهرات طائفية، مؤكدًا أنها ترفع شعارات تحارب الفتنة الطائفية، ويشارك فيها عدد كبير من الأقباط.

ونقلت وكالة أنباء الشرق الأوسط شبه الرسمية خبر أفادت فيه بإبلاغ الحاكم العسكري للمدينة قائد المنطقة العسكرية الجنوبية وإبلاغه بخطورة الموقف وعدم إمكانية استقبال المحافظ الجديد لأداء مهام عمله وسط تلك المظاهرات والاحتجاجات العارمة في المحافظة.

يشار الى أن محافظة قنا قد شهدت حوادث فتن طائفية عدة بين أقباط ومجموعة من السلفيين خلال الفترة التي أعقبت حلّ جهاز أمن الدولة، كان أشهرها حادثة قطع أذن مواطن قبطي بسبب قيامه بإدارة منزل يضمّ فتيات مسلمات في أعمال منافية للأداب، وهي الحادثة التي هزّت أرجاء المحافظة.

كما تشهد المحافظة انتشار واسع للتيار السلفي، حيث يعقد دائمًا أصحاب المذاهب السلفية خلال الفترة الأخيرة العديد من المؤتمرات والندوات في الأماكن العامة. ويقول الأقباط إنهم يطالبون بتطبيق الشريعة الإسلامية عليهم، فيما ينفي السلفيون ذلك.

الجدير بالذكر أن مدينة نجع حمادي التابعة للمحافظة شهدت في بداية العام الماضي مقتل 6 أقباط وجندي مسلم، بعدما قام مسلحون بإطلاق النار عليهم، عقب خروجهم من قداس عيد الميلاد، بسبب خلافات ذات مرجعية طائفية.