ربيع دمشق: نار في عرين الأسد!

على خلاف تدخلها السريع في الأزمة الليبية، ترددت الأسرة الدولية بشأن سوريا، في وقت ترتفع فيه حصيلة قتلى القمع الدموي الى 390 قتيلاً، فيما قال أحد قادة الاحتجاجات في سوريا إن قوات الامن تمركزت اليوم الثلاثاء على التلال المحيطة ببانياس استعداداً لشن هجوم محتمل على المدينة الساحلية.


بروكسل: ترددت الاسرة الدولية التي تصدّت بسرعة لقمع الحركة الشعبية في ليبيا طويلا ، وبدأت تناقش فرض عقوبات في مواجهة النظام السوري الذي يلجأ الى العنف لسحق حركة الاحتجاج.

وقال أنس الشغري لوكالة رويترز من بانياس التي شهدت تكثيفا للاحتجاجات المناهضة quot;انتشرت قوات ترتدي زيا أسود وتحمل بنادق ايه كيه- 47 اليوم على التلال. مرت حاملات جند مدرعة على الطريق المتاخم لبانياس ليلاquot;. وقال quot;نتوقع هجوما في اي لحظة.

وأفاد الشيخ أنس عيروط احد قادة حركة الاحتجاج في مدينة بانياس وكالة الأنباء الفرنسية أن آلاف الاشخاص تظاهروا الثلاثاء في هذه المدينة الساحلية الواقعة شمال غرب سوريا للمطالبة بالحريات، مشيرا الى ان السكان يخشون اقتحام المدينة من قبل قوات النظام السوري.

وقال الشيخ أنس عيروط إن quot;آلاف الاشخاص تظاهروا اليوم (الثلاثاء) مرددين الحرية، الحريةquot;. واشار الى ان سكان المدينة يخشون ان تقوم القوات السورية باقتحام مدينتهم على نحو مشابه لما حصل في مدينة درعا جنوب سوريا امس الاثنين ما ادى الى سقوط 25 قتيلا بحسب ناشطين حقوقيين سوريين.

واوضح الشيخ عيروط انه ألقى كلمة خلال التظاهرة حذر فيها القوات السورية من مغبة اقتحام المدينة. وقال عيروط في كلمته quot;نحذر الاجهزة الامنية الفاسدة من التفكير بغدر واقتحام مدينة بانياس، واذا فكرت واقتحمت المدينة فسوف نقاومها بصدورنا العارية واذا قتلونا واستشهدنا ستخرج ارواحنا من القبور وتطالب بالحريةquot;.

وقال ناشط حقوقي سوري لوكالةالأنباء الفرنسيةفضل عدم الكشف عن اسمه ان هناك معلومات تتحدث عن هجوم quot;وشيكquot; على بانياس التي تم تطويقها بعدد كبير من قوات حفظ النظام. وبحسب الشيخ عيروط فان المتظاهرين عبروا عن تضامنهم مع مدينتي درعا وجبلة (شمال غرب) حيث قتل 13 شخصا الاحد.

إلى ذلك، اجتمع عشرات المنشقين السوريين في المنفى الثلاثاء في اسطنبول لمطالبة الحكومة السورية بوقف القمع فورا في بلادهم وتطبيق اصلاحات عميقة بدءا باقامة التعددية الحزبية.

وشارك حوالى 40 شخصا وفدوا من بريطانيا وفرنسا ومصر في منتدى اسطنبول الذي يفترض ان يختتم الاربعاء بإصدار اعلان مشترك على ما اعلن رجل الاعمال غازي مصرلي وهو تركي سوري الاصل وعضو في اللجنة التنظيمية.

وقال مصرلي quot;ان المجتمعين هنا متفقون على النقاط التالية: وقف اطلاق النار فورا، الانتقال الى التعددية الحزبية وضمان حرية الصحافةquot;. وقال رئيس لجنة حقوق الانسان في سوريا التي تتخذ مقرا في لندن وليد صفور ان quot;المشاركين يمثلون جميع التيارات الدينية والطائفية والسياسية، وحتى علويين، طائفة النظام الحاكم نفسهquot;.

من جانبه، عبر نديم شحادة مدير المجموعة الفكرية البريطانية شاتام هاوس ان التردد الدوليبشأن سوريا quot;يوجه رسالة سيئة الى النظامquot;، معتبرا ان حصيلة ضحايا القمع الدموي -- 390 قتيلا منذ 15 آذار/مارس -- سترتفع بقدر ما تواصل الاسرة الدولية ترددها.

وأدانت وزيرة خارجية الاتحاد الاوروبي كاثرين اشتون السبت اعمال العنف في سوريا واعتبرتها quot;غير مقبولةquot;، مؤكدة استعداد الاتحاد quot;لدعم اجراءات اصلاحية حقيقية في سورياquot; اذا قررت دمشق القيام بها. وانتظرت الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا الى ان ارسل النظام دباباته الى درعا (جنوب) الاثنين لتبدأ بتهديد دمشق بعقوبات.

وقالت الولايات المتحدة الاثنين انها تدرس امكانية فرض عقوبات على مسؤولين سوريين ردا على استخدام السلطات السورية quot;العنف غير المقبولquot; ضد المتظاهرين. من جهتها، اعلنت فرنسا الثلاثاء انها تريد ان تتخذ الامم المتحدة والاتحاد الاوروبي quot;اجراءات قويةquot; لوقف quot;استخدام العنف ضد السكانquot; في سوريا، كما قالت وزارة الخارجية الفرنسية.

اما وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ، فقال إنه يعمل مع شركائه الاوروبيين على quot;امكانية فرض اجراءات اضافيةquot;. وقال دبلوماسيون اوروبيون انه ستتم الدعوة الى اجتماع عاجل لسفراء الدول ال27 الاعضاء في الاتحاد بسرعة لمناقشة الامر.

من جهته، قال الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي في ختام لقاء مع رئيس الوزراء الايطالي الثلاثاء في روما انه quot;لا يمكن الكيل بمكيالينquot;، في مقارنة بين سوريا وليبيا. الا انه استبعد تدخلا عسكريا في سوريا quot;من دون قرار مسبق من مجلس الامن الدوليquot;، مشيرا الى انه quot;ليس من السهل الحصولquot; على هذا النص.

وقال quot;لا يمكن القيام بأي شيء من دون قرار من مجلس الامنquot; الدولي. واضاف ان quot;الوضع غير مقبول (...) لا ترسل دبابات والجيش لمواجهة متظاهرين. الوحشية غير مقبولةquot;. وفي نيويورك، وزعت بريطانيا وفرنسا والمانيا والبرتغال في مجلس الامن الدولي مشروع اعلان يدين القمع الدامي للتظاهرات في سوريا قد يعلن الثلاثاء اذا ما توصلت الدول الاعضاء ال15 الى اتفاق بالاجماع، وفق ما افاد دبلوماسي.

وقال هذا الدبلوماسي ان حالة سورية مختلفة عن ليبيا التي طلب ممثلوها الذين انشقوا عن النظام، بانفسهم من مجلس الامن الدولي فرض عقوبات. واضاف ان quot;فرص ان تتحمس روسيا لرد فعل عنيف في مجلس الامن الدولي ضد بلد يتمتع بالسيادة ضئيلة جداquot;.

وفي جنيف، دعت المفوضة العليا للامم المتحدة لحقوق الانسان نافي بيلاي الاثنين في بيان quot;قوات الامنquot; الى ان quot;توقف فورا اطلاق الرصاص الحي على المتظاهرينquot;. واضافت ان quot;واجب الحكومة القانوني الدولي هو حماية المتظاهرين السلميين وحق التظاهر سلمياquot;.

وقال شحادة ان الغربيين quot;مصدومون بحالتي العراق وليبياquot; ما يفسر ترددهم حيال سوريا. واكد دبلوماسي غربي ان quot;الدور الاساسي لدمشق في الشرق الاوسطquot; في مواجهة اسرائيل وفي لبنان لعب دورا ايضا. ويبدو ان واشنطن ارادت جعل سوريا رأس جسر لتحركٍ دبلوماسيٍّ في المنطقة.

ورأى الفارو دي فاسكونسيلوس مدير معهد الدراسات الامنية في الاتحاد الاوروبي ان الاميركيين حرصوا في الاسابيع الاخيرة على عدم اضفاء quot;شرعية وطنيةquot; على النظام السوري من خلال اعطاء الانطباع بتدخل اجنبي. واضاف quot;لكن هذا الحذر لا معنى له اليومquot; نظرا لحجم القمع.

وتفكر واشنطن في تجميد اموال والعلاقات التجارية مع مسؤولين سوريين. وقال فاسكونسيلوس ان الاوروبيين الذين يقيمون علاقات اوسع مع دمشق، سيذهبون ابعد من ذلك عبر quot;تعليق كل تعاون مع سورياquot; وquot;ابلاغها بانها لا يمكنها ان تقتل شعبها من دون عقابquot;.