يبرز خبراء مخاوفهم منتصعيد ما بسمّىبـquot;تنظيم قاعدة الجهاد في بلاد المغرب الإسلاميquot; إثر سقوط quot;أسامة بن لادنquot;،كما فعل فيمناسبات سابقة فقد فيها رؤوسه. ويشدد متخصصو الشأن الأمني على أنّ التداعيات ستكون خطرة في منطقة الساحل بما يهدد أمن الجزائر وجيرانها، لا سيما مع الإضطراب الحاصل في ليبياوأدوار القاعدة هناك.

قاعدة بلاد المغرب قد تجنح إلى اضطراب أكبر

الجزائر: يرى د. إسماعيل معراف الخبير الاستراتيجي الجزائري البارز انّ مقتل بن لادن يطرح مشكلة كبرى في منطقة الساحل الأفريقي، حيث ستصير الأمور بنظره صعبة جدًا، بحكم توقعه تجمع كل بقايا القاعدة في شمال أفريقيا وهروب أتباع بن لادن إلى ليبيا.

ويذهب معراف إلى أنّ المرحلة المقبلة قد تشهد تصعيدًا أخطر مما شهدته الجزائر ومنطقة الساحل منذ إعلان المتشدد ''أبو مصعب عبد الودود'' انضمام تنظيمه quot;الجماعة السلفية للدعوة والقتالquot; إلى القاعدة في أواخر سنة 2006.

ويبدي معراف خشيته من تعاظم انتشار القاعدة، وما يمثله ذلك من مخاطر كبيرة تأثير سلبي، إلى جانب إمعانها في استقطاب مجندين متعددي الجنسيات، وهو ما سيشكل تهديدًا جسيمًا لأمن دول الساحل، بينها الجزائر، خصوصًا في ظل استمرار تدهور الوضع الليبي.

الخبير الاستراتيجي الجزائري د. إسماعيل معراف

بيد أنّ معراف يثق في نجاح الاستيراتجية الأمنية المعتمدة من الجزائر وجاراتها، ويستدل الأكاديمي الجزائري بنجاح الأمن الجزائري في الدفع بالقاعدة إلى مغادرة معاقلها التقليدية في منطقة القبائل، والتحوّل رأسًا إلى الصحراء الكبرى.

يذهب متخصصو الشأن الأمني إلى أنّ quot;قاعدة بلاد المغربquot; ستعمد إلى تمرير رسائل بالجملة، في هذا الشأن، فيرجح د.quot;إلياس بوكراعquot; أن يضاعف هذا التنظيم عمليات الخطف وابتزاز الدول الغربية عن طريق المطالبة بفديات، بالتزامن مع جنوحه إلى الاستعراض والهجمات الخاطفة المتكررة، التي لا تكتفي بالضرب في محيط منطقة الساحل فحسب، بل تعتمد على تنفيذ عمليات متفرقة خارجها، بغرض تحقيق دوي أكبر، يهدف إلى اصطناع quot;صدى إعلاميquot; لعملياتها.

من جهته، يقدّر خالد بن عمر أنّ قاعدة بلاد المغرب، وبعد الذي حدث مع بن لادن، ستدشّن حربًا ''على الطريقة الإيرلندية''، تعتمد على طول المدى واللامتناهيات، رغم علمها أنّ ذلك لن يعينها لا على إنتاج دولة (إسلامية)، ولا على احتواء الجماهير التي يتضاعف كرهها لهذه القاعدة التي جعلت من الترويع عنوانًا له.

في المقابل، يرفض الخبير الأمني هيثم رباني اعتبار مقتل بن لادن بالمؤثر على تحركات قاعدة بلاد المغرب في مقبل الأيام، حيث يقول إنّه لو كان بن لادن هو حلقة الوصل بين التنظيم في الجزائر وإدارته في جبال وزيرستان، لكان موته ضربة موجعة، لكن الأمر يتعلق بزعيم روحي، لا أكثر ولا أقل.

الخبير الأمني هيثم رباني

من جانبه، يعتقد الإعلامي الجزائري المعروف حميد يس أنّ رمزية من يسمى بـ''شيخ الشهداء'' قد تكون مصدر إلهام لعمليات إرهابية مرتقبة، ويشير إلى تجارب سابقة لقاعدة بلاد المغرب، حيث وسّعت اعتداءاتها وبأشكال أكثر ضراوة، رغم تحييد الأمن الجزائري كبار قياداتها على منوال نبيل صحراوي، ويحيى أبو الهيثم وعبد المجيد ديشو وغيرهم، ما يجعل حميد يس يعلق بأنّ قاعدة المغرب الإسلامي ستجدد ولاءها لبن لادن حتى وهو ميت.

وكثفت الجزائر خلال الشهر الأخير من تنسيقها الأمني مع مالي وموريتانيا والنيجر، وجرى إطلاق لجنة عملياتية مشتركة، في مسعى عبّر عنه الفريق أحمد قايد صالح رئيس أركان الجيش الجزائري، بكون الظرف الراهن يستدعي التعاون والمساعدة المتبادلة لمكافحة الإرهاب.

ويؤكّد د. إلياس بوكراع المدير العام بالنيابة للمركز الأفريقي للدراسات والبحوث حول الإرهاب، على قدرة الجزائر لتحصين منطقة الساحل الأفريقي ضدّ أي قلاقل.

إلى جانب تشديده على أنّ quot;ما يحدث في منطقة الساحل يستهدف الجزائرquot;،لافتًا إلى كون الخطر الأكبر يكمن في تخطيط الغرب لتنفيذ تقسيمات كولونيالية متجددة تطال منطقة الساحل ومن ورائها القارة السمراء، وهو ما يفسر سعي دول غربية إلى إيجاد مسوغ لتدخلها عسكريًا على سبيل التموقع.

وأحال بوكراع على بحث الغرب لجعل منطقة الساحل معسكرًا واسعًا للجهاديين على منوال النموذج الباكستاني/ الأفغاني، مع العمل على تحويل المنطقة إلى مرتع للجريمة المنظمة، وتركها مسرحًا دائمًا لمواجهات وحروب بالوكالة بين قوى إقليمية ودولية.

ويصرّ بوكراع على أنّ قوة ما يسمى بـ(تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي) تكمن في ضعف الدول الأخرى، ما مكّن القاعدة ndash; بحسبه - من توسيع وجود عناصرها إلى حدود بوركينا فاسو، بعدما بقيت الجزائر هي الدولة الوحيدة التي تشنّ حرباً على الجماعات الإرهابية المسلحة.

المدير العام بالنيابة للمركز الإفريقي للدراسات والبحوث الياس بوكراع

وفي مقابل إقراره بعدم إمكانية تجاهل تهديد القاعدة، جزم بوكراع أنّ القضاء على القاعدة ممكن جدًا في غضون أشهر قليلة، خلافًا لما يحاول الغرب تصويره، ذاهبًا إلى أنّ شساعة منطقة الساحل (تربو عن 660 ألف كيلومتر مربع) تفرض تنسيقًا شاملاً، يكفل تحييد القاعدة، وعدم ترك الفضاء متاحًا لمن يريدون الاستثمار في الإسلاموية، وجر الساحل نحو مناخ راديكالي.

واعتبر الباحث في الشأن الأمني أنّ تحلي دول الساحل بالإرادة السياسية، سيسرّع نهاية القاعدة في بضع أشهر، ملاحظًا أنّ هناك قطيعة بين (القاعدة) وما كان يسمى بـ(الجماعة السلفية للدعوة والقتال)، وليس quot;امتدادًا تاريخيًاquot; على حدّ زعم خبراء غربيين، مضيفاً: إن quot;القاعدة هي سجل لعنف جديد مغاير لما كانت الجماعة السلفية تمارسه في الجزائرquot;، كما نبّه إلى أنّ هذه (القاعدة) تتمتع بإشهار ودعاية يصبّ لمصلحتها، على حد قوله.