تظاهرات احتجاج عراقية ضد الفساد والإرهاب

انتقد المرجع الشيعي الأعلى في العراق علي السيستاني العجز عن الوقوف بوجه تزايد عمليات العنف في البلاد رغم تجاوز عدد أفراد القوات الأمنية النصف مليون عنصر وأكد أن الفساد المالي والإداري المستشري في دوائر الدولة أصبح مصدر أغلب المشاكل والأزمات ومعالجته هي الأساس الأول والأخير للإنطلاق نحو الإصلاح ومعالجة الأزمات... في وقت يواصل فيه القادة السياسيون اجتماعات لحل الازمة السياسية في البلاد.


لندن:عن تصاعد العنف واستمرار الازمة السياسية في البلاد أشار معتمد المرجعية الشيعية العليا الشيخ عبد المهدي الكربلائي في خطبة الجمعة في مدينة كربلاء (110 كم جنوب بغداد) اليوم إلى أن العمليات الإرهابية لا تزال مستمرة وفي عدة مدن حيث حصلت تفجيرات في مدن الديوانية والبصرة وبغداد والرمادي وصلاح الدين وغيرها.

وقال quot;على الرغم من العدد الكبير للقوات الأمنية والذي قد يصل إلى نصف مليون عنصر امني إلا أن هذه الجماعات الإرهابية لا تزال قادرة على التحرك وتوجيه الضربات والقيام بالأعمال الإجرامية التي يسقط بسببها عدد كبير من المواطنين والمسؤولينquot;.

وطالب قيادات الاجهزة الامنية بايلاء اكبر الاهتمام الى التطوير النوعي لأفراد هذه الأجهزة الأمنية وليس فقط الاهتمام بتكثير عديدها وقال quot;لابد من البحث عن الأسباب الدقيقة لاستمرار هذه العمليات على الرغم من أن الأجهزة الأمنية اكتسبت الكثير من الخبرة في كيفية مواجهة هذه الأعمال الإرهابية وما هي خطط هذه الجماعات الإرهابيةquot;.

وشدد على ضرورة البحث في الأسباب التي يكررها المسؤولون كالاختراق الأمني من قبل العناصر المعادية والخلل في الأداء المهني وفي حالات الفساد وتشخيص ما هي نسبة تأثير كل واحد من هذه الأسباب ومعالجتها.. وقال quot;لاشك إن الجانب الاستخباري له تأثير كبير في التصدي ومواجهة هذه الأعمال الإرهابيةولذلك يحتاج إلى الدعم الكبير والتطوير لأداء عناصر الأجهزة الاستخباريةquot;.

وفي سياق آخر من خطبته قال الكربلائي إن العراق قد أصبح سوقاً رائجة للبضاعة الفاسدة والمزورة سواء أكان من المأكولات أو المشروبات أو الأدوية أو البضائع الصناعية والتجارية وحذر من أن لهذا الرواج تأثيرا صحيا وماليا فهو يسبب الأضرار الكبيرة بصحة الناس إضافة إلى إتلاف أموالهم وتضييعها. ولمعالجة هذه الظاهرة دعا الى إحكام إجراءات السيطرة النوعية وتفعيلها والمحاسبة عليها وعدم السماح بالتهاون بضوابطها وتطوير أساليب هذه السيطرة وتوفير العدد الكافي من مراكز السيطرة النوعية بحيث لا يؤدي إلى التأخير في إيصال المواد وعدم تكدسها في أماكن شحنها وخزنها.

وشدد على ضرورة معالجة قضية الفساد وقال quot;لقد أصبح الفساد المالي والإداري المستشري في دوائر الدولة مصدر اغلب المشاكل والأزمات ومعالجته هي الأساس الأول والأخير للانطلاق نحو الإصلاح ومعالجة الأزمات والمشاكلquot;... وشدد بالقول quot;لا تنمية ولا تطور ولا صحة ولا ازدهار ولا أمن ولا خدمات يمكن أن تقدّم وكما يأمل أبناء الشعب العراقي من غير معالجة الفسادquot; كما نقل عنه موقع نون المقرب من المرجعية الشيعية من كربلاء.

ثم دعا ممثل المرجعية مع اقتراب موعد زيارة الإمام الكاظم في بغداد الثلاثاء المقبل الاجهزة الامنية لتكون أكثر يقظة وحذراً وان تكون عيوناً ساهرة ليل نهار لحماية الزائرين سواء أكان في الذهاب أم الإياب... كما طالب بتكثيف الجهد الاستخباري خصوصا ً هذه الأيام التي تسبق الزيارة واوصى المواطنين بضرورة التعاون مع الأجهزة الأمنية وعدم التجاوز لخططها وإجراءاتها وتفهّم هذه الإجراءات التي تتخذ لحمايتهم وكذلك أداء الزيارة وفق الآداب المسنونة التي تعكس الالتزام الديني والحضاري وتجاوز أي أمر يضر بالوحدة الإسلامية بل العمل سواء أكان من جهة الشعارات أو الهتافات على الدعوة لهذه الوحدة والعمل على ترسيخها والابتعاد عما يؤدي إلى الاستفزاز الطائفي.

وقال quot;ندعو إخواننا بل أنفسنا من الطائفة السنية الكريمة من أبناء ومواطني المناطق التي تمرّ بها مواكب العزاء إلى تكثيف وتفعيل الخدمات التي اعتادوا في كل عام تقديمها للزوار ليبينوا للعالم مدى تلاحم أبناء الشعب العراقي في ما بينهم وإنهم جميعاً أبناء بلد واحد وشعب واحد لا يفرقهم الانتماء للمذاهب المتعددة، وإنهم يستشعرون المسؤولية الواحدة وهم جميعاً يحبون أهل البيتquot;.

وفي الختام نقل الكربلائي شكوى الكثير من المواطنين المهاجرين من العراق إلى بعض البلدان الغربية كالسويد وغيرها والذين أعيدوا إلى العراق من عدم وفاء الجهات المعنية بالحكومة العراقية بالتزاماتها وتعهداتها التي قدمتها لهم قبل إعادتهم إلى العراق وقال انهم يشكون من عدم توفر أي فرصة عمل لهم بل حتى لا تتوفر لهم المقومات الأساسية من السكن والمنحة المالية لاستقرارهم من جديد في بلدهم.

القادة السياسيون يبحثون عن حلول للأزمة السياسية

وتأتي دعوة ممثل السيستاني لحل الازمات الامنية والسياسية في وقت يجري فيه القادة السياسيون مباحثات تستهدف التوصل الى حلول للازمة السياسية التي تشهدها نتيجة عدم الثقة بين القوى والزعامات السياسية وعدم تنفيذ اتفاقات اربيل السابقة حول الشراكة الوطنية في القرارات الرسمية اضافة الى عدم تعيين الوزراء الامنيين وتولي رئيس الوزراء نوري المالكي لمهامها وكالة على الرغم من مرور حوالى ستة اشهر على اعلان حكومته اواخر العام الماضي.

وعقب اجتماع عقده في بغداد رئيس التحالف الوطني الشيعي ابراهيم الجعفري ورئيس المجلس الاعلى الاسلامي عمار الحكيم قال الجعفري معقبا حول الأحداث الأمنية الأخيرة والعمليات التي تستهدف المواطنين وتأخر اختيار الوزراء الأمنيين quot;إن تعطيل الملف الأمني هذا العنصر الحيوي والأساسي يخل باستراتيجية الحكومةquot;.

وفي ما يخص الأزمة السياسية وأزمة الثقة بين الكتل السياسية قال الجعفري quot;فعلا توجد مشكلة سياسية ونتمنى ان لاتتحول إلى أزمة وهناك مشكلة لا يمكن نكرانها لكنها ليست متجذرة وليست متسعة وأعتقد أن واقع الحوار الآن قائم بل يوجد أكثر من مبادرة الآن خرجت وتعنونت سمها الطاولة المستديرة أو اللقاء المستدير أطراف الحكومة جميعا يتداولون حولها ونحن أيضا مشغولون ويوجد همّ مشترك ورؤية مشتركة لضرورة تجاوزها ونأمل من خلال تضافر جهودنا في حل هذه المشكلة وتجاوزها وتوجيه الحكومة والبرلمان وكافة الأطراف لبوصلة الحلquot;.

واشار الى ان الحكومة جادة في حل مسألة الوزارات الامنية والمجلس الوطني للسياسات الاستراتيجية العليا مشددا على ضرورة عدم التأخر في حل هذه القضايا. كل هذه وغيرها مطلوب أن نتجاوزها حتى نستطيع أن نسد هذا الفراغ فعلا يفترض أن لا نتأخر أكثر مما تأخر عليه وهذا تأخير غير صحيح لكن بداخل التحالف أشرنا إلى اكثر من مرة وأملي لانها تشكل ضرورات تمس أمن البلد وتنعكس على اقتصاده وإعماره وتقدم العملية السياسية.

ومن جهته قال الحكيم انه ناقش مع الجعفري مجمل الأوضاع السياسية التي يمر بها العراق والمنطقة وطبيعة الحلول والمعالجات المفروضة وضرورة التهدئة السياسية وتعميق أواصر العلاقة والتواصل في ما بين الأطراف السياسية وضرورة تدعيم التحالف الوطني وعلاقاته الرصينة مع الكتل السياسية والنيابية الأخرى من اجل الوصول الى مستوى من الوفاق الوطني يمكن جميع المسؤولين والقوى السياسية والحكومة والبرلمان من أداء واجباتهم تجاه المواطنين لاسيما في الظروف الأمنية والخدمية الاستثنائية التي يمر بها العراق وحاجة المواطنين لمزيد من الأمن والخدمات وملء الشواغر الوزارية خاصة وأن الوزارات الأمنية تمثل أساسا مهما في هذه المرحلة.

واضاف الحكيم انه تم ايضا بحث الشأن الإقليمي والتطورات التي تشهدها المنطقة العربية والدور المطلوب من العراق في مثل هذه التحولات ومساعدة الشعوب العربية على تجاوز الأزمات التي تمر بها. وقال ان التجربة الديمقراطية في العراق جديرة بأن تستثمر في الدول الراغبة بالاستفادة من هذه التجربة وعلى العراق أن يهيئ نفسه لأن يلعب مثل هذه الأدوار الإقليمية.

وخلال اجتماعه مع نائب رئيس الوزراء القيادي في القائمة العراقية صالح المطلك بحث الجعفري في أبرز القضايا المطروحة على الساحة العراقية والسبل الكفيلة لتقديم أفضل الخدمات للمواطن مؤكدا ضرورة التواصل مع المواطنين والتعرف إلى همومهم ومشاكلهم من خلال الزيارات الميدانية للمسؤولين ووضع الحلول التي من شأنها الاسراع في توفير الاحتياجات اليومية والارتقاء بواقعه المعيشي.

واكد ان الحوار هو السبيل الوحيد للخروج من الأوضاع السياسية الراهنة وتقريب وجهات النظر خدمة للمصلحة الوطنية مشددا على ضرورة استكمال ملء الحقائب الوزارية لتوفير الأمن والاستقرار والقضاء على الخروقات الأمنية التي تستهدف الأبرياء من العراقيين.