يتواجد عدد كبير من المواطنين العراقيين في الأراضي السعودية، خصوصا في المناطق القريبة من الحدود الطويلة بين البلدين، ويتنوع هؤلاء ما بين سنة وشيعة وأكراد، ويرتبط بعضهم بعلاقات نسب ومصاهرة مع السعوديين، بينما حرص آخرون على المجيء بطرق غير رسمية بحثا عن العمل.

عدد من الحجاج العراقيين يتخلفون عن العودة لبلادهم

الرياض: لا تكاد تخلو مدينة أو قرية سعودية حدودية مع العراق من العراقيين والعراقيات الذين يتواجد اغلبهم بطرق غير رسمية، ومعظم هؤلاء ممن تربطهم علاقات المصاهرة والنسب مع السعوديين، دون أن تمنع الأزمات السياسية التي مرت على البلدين والمنطقة بشكل عام في قطع حبل الود بين العائلات على جانبي الحدود.

وتشير الأرقام إلى أنه كان يتواجد في السعودية نحو نصف مليون لاجئ عراقي، هم من بين أربعة ملايين لاجئ عراقي منتشرين حول العالم، وبعد ترحيل آخر دفعات اللاجئين قبل أكثر من عامين من مخيم رفحاء الذي أقيم 1991 لإيوائهم ظل وجود العراقيين داخل المملكة محدودا جدا.

وأغلب اللاجئين الذين تم إيواؤهم في مخيمات رفحاء هم من الشيعة الذين انتفضوا على نظام الرئيس السابق صدام حسين في التزامن مع حرب الخليج الثانية في صيف 1991.

ويتنوع العراقيون المتواجدون في السعودية ما بين السنة والشيعة وحتى الأكراد، إلا أن الأغلبية هم من الطائفة السنية ومعظم هؤلاء تربطهم علاقات دم ومصاهرة مع السعوديين كون اغلبهم ينتمي للقبائل العربية المنتشرة بين العراق والسعودية، اما العراقيين الشيعة فتواجدهم يقتصر على طلب المعيشة فقط.

البعض من العراقيين في السعودية يتواجد بصورة غير رسمية وهؤلاء اغلبهم من جنوب العراق والبعض منهم من مناطق متفرقة في العراق وهم من الذين يعملون في رعاية الماشية خارج المدن، ويكونون في المناطق الحدودية مع العراق ويأتون متسللين مشيا على الأقدام وفي الأغلب يكونون في صحراء حفر الباطن ورفحاء وعرعر على الشريط الحدودي بين البلدين.

ومن الطرق غير الرسمية التي يتواجد فيها العراقيون على أراضي السعودية هي التخلف عن حملات العمرة والحج التي يأتون بها وذلك بعدم علم المسؤول عن الحملة وأحيانا بالتنسيق مع صاحب الحملة نظير مبلغ من المال شريطة أن يعود معه بالحملة القادمة أو يقوم بدفع مبلغ آخر للمسؤول نظير تركة مدة أطول داخل الأراضي السعودية.

وحسب مصدر امني لـquot;إيلافquot; يصعب السيطرة على من يتخلفون عن حملات الحج والعمرة العراقية لأنه يتم إيواؤهم من قبل سعوديين يكونون على صلة قرابة بهم أو مصاهرة وهذه نقطة حساسة جدا.

ويضيف المصدر quot;هناك الكثير من العراقيين والعراقيات الذين ثبت عليهم قضايا جنائية وسرقات وهم في السجون السعودية، والسلطات السعودية كثيرا ما تعفو عنهم في الحق العام وتسديد بعض ما يترتب عليهم من مبالغ مالية وتسفيرهم على حساب الدولة بعد تأمينهم بمبلغ من المالquot;.

ويقول المصدر quot;من يتواجدون بصفة رسمية يكون تواجدهم باستثناءات معينة، أو من يعملون في المهن التي تقتصر معرفتها على العراقيين كطهاة بعض المأكولات العراقية التي لها رواج كبير في المجتمع السعوديquot;.

ويقول quot;أبو نصارquot; وهو مواطن عراقي من الطائفة الشيعية يعمل في أحد مطاعم المشويات العراقية، لـquot;إيلافquot;، إنه يتواجد على أراضي السعودية بشكل رسمي منذ 2006، مؤكدا أنه أتى إلى المملكة عن طريق الأردن بعد أن سعى له شريكه بالعمل واستخرج له الأوراق الثبوتية بالتنسيق مع السفارة العراقية في الأردن والتي لها تنسيق مسبق واتفاقيات أمنية مع وزارة الداخلية في السعودية، وذلك قبل أن تفتتح سفارة للعراق في السعوديةquot;.

ويضيف أبو نصار الذي كان في بداية الثمانينات يعمل في السعودية انه يعامل بشكل ممتاز من قبل السلطات السعودية لأن لديه إقامة وأوراقه رسمية.. ويقول انه حريص على تجديد إقامته بشكل دائم لان الأوضاع المعيشية في العراق لا تساعده على إعالة أسرته التي لا يقل افرادها عن 14 شخصا.

و في السياق ذاته هناك الكثير من السعوديين المتزوجين من عراقيات، البعض بطرق رسمية بعلم السلطات في السعودية والبعض من دون طرق رسمية، واغلب السعوديين المتزوجين من عراقيات بغير الطرق الرسمية يكونون من ذوي القرابة المباشرة مع الزوجة واغلبهم من أهل القرى والهجر القريبة من الحدود بين البلدين.

وتؤكد أم أحمد، وهي سيدة عراقية متزوجة من مواطن في السعودية أنها وغيرها من النساء العراقيات في السعودية لا يستطعن الذهاب إلى العراق للتواصل مع الأقارب هناك خشية تعرضهن للمخاطر الأمنية من قبل بعض العصابات في ظل الانفلات الأمني، مشيرة إلى أنها فقدت الكثير من أهلها بسبب الانفلات، ما حدا بوالديها إلى رفض حضورها لبغداد.

وقالت إنها قررت الذهاب إلى الأردن كونها أقرب منطقة للعراق والسعودية ويمكن الالتقاء فيها. وأكدت أم أحمد أن عائلتها تعاني حاليا إجراءات استخراج quot;الفيزاquot; والتي وصفتها بالإجراءات quot;المعقدةquot; متمنية أن يتم الانتهاء منها والمغادرة للقاء الأسرة في الأردن إلا أنها تخشى من انتهاء المدة المحددة لتأشيرة الدخول والخروج من السعودية الخاصة بها قبل حصول أهلها على الفيزا، وحول طريقة التقائهم في الأردن أكدت أنه بمجرد حصولهم على quot;الفيزاquot; فإنهم سوف يغادرون إليها.

والجدير ذكره أن العراق أعاد فتح سفارته في العاصمة السعودية الرياض في شباط / فبراير من العام الماضي، للمرة الأولى منذ العام (1990) عندما أغلقت عشية حرب الخليج الأولى مع قطع العلاقات مع نظام صدام حسين السابق، وأعيدت العلاقات الدبلوماسية بين البلدين في العام (2004)، في أعقاب سقوط النظام السابق، إلا أن الرياض لم تعد لتفتح سفارتها في بغداد في ظل الأوضاع الأمنية السائدة في العراق.